إذا كنت محتاراً في اتخاذ قرار ما، فإليك مجموعة نصائح واستراتيجيات مفيدة عند اتخاذ القرار الصحيح.
مروراً باختيار الوقت الذي يُمكنك خلاله مُقابلة أصدقائك، وصولاً إلى اختيار الكلية التي يجب أن تذهب إليها، أو حتى شريك الحياة، نتخذ كل يومٍ مئات القرارات.
بالنسبة لتلك البسيطة نسبياً، قد يكون بإمكاننا ترك الأمر للمُصادفة، لكن بالنسبة إلى تلك المُعقدة والمهمة، فمن الأرجح أن نستثمر كثيراً من الوقت والبحث للوصول إلى النتيجة الصحيحة.
كيف تتخذ القرار الصحيح؟ إليك نصائح تساعد على اتخاذ القرار الصحيح بعد دراسة احتمالاته جيداً:
استراتيجيات اتخاذ القرار الصحيح
الأمر لا يكون وليداً للحظة، حتى وإن لم ندرك هذا، فهناك حسبة عقلية نمر بها قبل اتخاذ قراراتنا.
1- استراتيجية الميزة الواحدة:
خلال هذا النهج يتوقف قرارك فقط على ميزة واحدة، على سبيل المثال، تخيَّل أنك تشتري الصابون، وتواجه مجموعة واسعة من الخيارات في متجرك المحلي، فقررت بناء قرارك على السعر وشراء أرخص نوع من الصابون.
يمكن أن يكون نهج الميزة الواحدة فعالاً في المواقف التي يكون فيها القرار بسيطاً نسبياً، ولكنها ليست أفضل استراتيجية بشكل عام عند التعامل مع قرارات أكثر تعقيداً.
2- استراتيجية الميزة المُضافة
تتضمن هذه الطريقة رصد جميع الميزات المهمة للخيارات المُمكنة ثم تقييم كل خيار بشكل منهجي، يميل هذا النهج إلى أن يكون طريقة أفضل عند اتخاذ قرارات أكثر تعقيداً.
على سبيل المثال، تخيَّل أنك ترغب في شراء كاميرا جديدة، يمكنك إنشاء قائمة بالميزات المهمة التي تريدها للكاميرا، ثم ترصد إمكانات الكاميرات المُناسبة لميزانيتك وأيها سيُحقق لك أعلى قدر من الميزات التي ترغب فيها.
كما يمكن أن تتخيل، قد تستغرق هذه الطريقة وقتاً طويلاً، وهذا ما يجعلها غير عملية إذا كنت مضغوطاً في الوقت.
3- استراتيجية تقليص الخيارات المُتاحة
اقترح عالم النفس آموس تفرسكي في عام 1972، استراتيجية إلغاء بعض الخيارات وفقاً لعدم توافر ميزة مُحددة فيها.
في هذا النهج أنت تقيّم كل خيار وفقاً لمدى توافر خاصية واحدة فيه، على أن تكون هذه الخاصية/الميزة هي الأكثر أهمية بالنسبة لك.
عندما يفشل خيار ما في الوفاء بالمعايير التي حددتها، فعليك شطبه من قائمة الخيارات، ومن ثم تصغر القائمة حتى تصل في النهاية إلى بديل واحد فقط.
استراتيجيات القرارات الأكثر صعوبة
غالباً ما يتم استخدام العمليات الثلاث السابقة في الحالات التي تكون فيها القرارات واضحة وبسيطة إلى حد ما، ولكن ماذا يحدث عندما يكون هناك قدر معين من المخاطرة؟ مثال على ذلك، قرارات الزواج والطلاق وتغيير المهنة وغيرها.
عند اتخاذ مثل هذه القرارات، يميل الناس إلى استخدام استراتيجيتَين: الأحداث المُماثلة، والتمثيل الإرشادي.
1- استراتيجية الأحداث المُماثلة
عندما نحاول تحديد مدى احتمال حدوث شيء ما، فإننا غالباً ما نبني هذه التقديرات على مدى سهولة تذكُّرنا لأحداث مماثلة.
على سبيل المثال، إذا كنت تفكر في تغيير مهنتك، فقد تستدعي من ذاكرتك تجارب أشخاص تعرفهم أو سمعت عنهم.
إذا لم تتمكن من التفكير فوراً في أية أمثلة، فقد تقرر المُضي قدماً وانتهاز الفرصة؛ نظراً إلى عدم توافر أمثلة.
أما إذا توافرت الأمثلة وكانت النتيجة السلبية، فستتردد وتفكر مراراً وتكراراً قبل الإقدام على الشيء نفسه.
2- استراتيجية التمثيل الإرشادي
خلال هذا النهج نلجأ إلى المقارنة كطريقة للاسترشاد، ولكن في هذه المرة نُقارن أنفسنا بأنفسنا، بمعنى أننا نملك صورة ذاتية عن أنفسنا.
قد نكون نعرف أننا نحب المغامرة والإثارة، في هذه الحالة نبدأ بالاسترشاد بصفاتنا الخاصة.
قد يكون تغيير المهنة أمراً سيئاً، ولكن إذا كنت تحب خوض الأشياء الغامضة فستجد نفسك مقدماً عليه بلا تردد.
عوامل اختيار الاستراتيجية
يمكن أن تكون عملية صنع القرار بسيطة، مثل الانتقاء العشوائي للخيارات المتاحة، أو معقدة مثل الاستراتيجيات السابق ذكرها، لكن هناك عدة عوامل أخرى يعتمد عليها اختيارنا للاستراتيجية.
نذكر منها:
مقدار الوقت المتاح لنا لاتخاذ القرار.
التعقيد الكلي للقرار ومدى التأثير الذي قد يُحدثه.
مقدار الغموض الذي ينطوي عليه الأمر.
قد تكون القرارات بالغة الصعوبة عندما تكون رائد أعمال أو في موقع قيادي؛ نظراً إلى أن قرارك سيؤثر في الآخرين.
في هذه الحالة مثلاً، يجب التحلي بالتفكير الموضوعي والقضاء على أي تأثيرات عاطفية أو متحيزة.
اتخاذ قرارات موضوعية
بالطبع، هناك حدود لموضوعيتنا كبشر، ولكن مع الممارسة والاستراتيجيات الصلبة، يمكن اتخاذ أكثر قرار موضوعي مُمكن عبر الطرق التالية:
1- الاعتراف بالتحيزات:
تتوقف قراراتنا على كونها موضوعية عندما تبدأ عواطفنا وتحيزاتنا في التدخل في تقييماتنا.
من أجل تقليل هذا التأثير، فكِّر جيداً بعقلك، وارصد العوامل المنطقية من حيث المكاسب والخسائر التي يمكن أن تسهم في اتخاذ قرار شخصي.
فكِّر أيضاً: إلى أي مدى تعرف جيداً الأشخاص الآخرين المشاركين في القرار؟ وما مدى معرفتهم بهذا القرار وكيفية تأثيره عليهم؟
ما التجارب السابقة التي يمكن أن تقودك إلى وجهة نظر منحازة؟ ما الافتراضات والتوقعات التي تمكنت من رصدها؟
ضع إجابات الأسئلة السابقة في اعتبارك، فهي تُشكل نسبة كبيرة من تحيزاتك الشخصية.
2- استخدِم قوائم السلبيات والإيجابيات:
إذا رغبت في أن تتخذ قراراً مهماً بشكل موضوعي وبعيداً عن التحيزات العاطفية، يُمكنك اللجوء إلى الكتابة ورصد السلبيات والإيجابيات.
الموازنة بينها وكتابتها والتفكير فيها بعمق يُساعد على اتخاذ قرار موضوعي مبنيّ على أسباب منطقية ومنضبطة وغير خاضع لاستمالات عاطفية أو تذبذب ناتج عن المشاعر.
3- مشورة صديق
من السهل أن تضيع في رأسك عند التفكير في جميع العوامل المحتملة، يُمكن تنظيم أفكارك من خلال الحصول على مشورة من صديق مُقرب.
نظراً إلى أنك غارق في الموقف تماماً، فقد تكون وجهة نظرك مشوهة، ولكن الشخص الذي يقف بالخارج قد يرى الأشياء بشكل مختلف.
4- تقليل العوامل الخاصة
هذه الاستراتيجية مفيدة عندما يكون قرارك صعباً بشكل خاص، فبدلاً من محاولة التفكير في كل الجوانب والعوامل عند اتخاذ القرار، حاوِل التفكير فقط في العوامل الحاسمة، وتقليل عدد هذه العوامل إلى أقل عدد ممكن.
على سبيل المثال، إذا كنت تقرر بين وظيفتين جديدتين، فيمكن أن تكون العوامل التي تتخذ على أساسها القرار هي: الراتب، وثقافة العمل، وإمكانية النمو.
عليك التخلص من أي عامل لا يمثل أحد اعتباراتك الأساسية، وانظر إلى ما تبقى من العوامل المهمة والأساسية بالنسبة لك.
من الأسهل بكثيرٍ اتخاذ قرار موضوعي يعتمد على ثلاثة أجزاء من المعلومات بدلاً من قرار يعتمد على مئة معلومة.
5- رؤية الجوانب الأكثر سوءاً
في أثناء عملية صنع القرار، ستضع افتراضات وتوقعات، يمكنك العبث بهذه الافتراضات من أجل الحصول على رؤية أكثر موضوعية للقرار.
هذا العبث يتمثل في وضع أكثر الاحتمالات السلبية التي قد تحدث نتيجة لقرارك، والتي قد يكون من المستحيل حدوثها، لكن رؤيتها وتقبُّلها ستجعلانك على دراية بمدى رغبتك في هذا القرار.
على سبيل المثال، قد تفترض أن شركتك ستواصل نمو إيراداتها بعد إتخاذ قرارك العالق، ولكن ماذا لو انخفضت مبيعاتك على مدار العامين المقبلين؟ كيف سيكون قرارك؟
6- اتخاذ قرار والتعايش معه
في نهاية المطاف، بغضّ النظر عن مقدار ما تحمَّلته من تفكير في جميع العواقب المُحتملة، سيتعين عليك في النهاية اتخاذ قرار، ولا سبيل لتجنُّب ذلك.
لا تؤخر اتخاذه لمجرد أنه لا يمكنك ترجيح كفة أحد الجوانب الإيجابية أو السلبية بسهولة.
بدلاً من ذلك، يمكنك اتخاذ قرار والتعايش معه والتعامل مع أي عواقب لهذا القرار عند نشوئها في وقت لاحق، ففي بعض الحالات، يكون اتخاذ قرار سيئ أفضل بكثير من عدم اتخاذ أي قرار على الإطلاق.
قد يكون من المستحيل اتخاذ قرار موضوعي 100%، فجميعنا متأثرون بمشاعرنا وتركيباتنا الشخصية وماضينا وخبراتنا السابقة.
لكن وبغضّ النظر عن مدى صعوبة محاولة عزل التفاصيل غير الموضوعية، فإن استخدام هذه الاستراتيجيات لجعل قراراتك أكثر موضوعية أمر جدير بالمحاولة.