لكنَّ دراسةً جديدة خلصت إلى أنَّ ما يُسمى بـ "الساعة البيولوجية" تشكل مصدر قلقٍ للرجال أيضاً، إذ وجدت أنَّ عمر الرجل يمكن أن يؤثر على خصوبته وسلامة زوجته أثناء حملها، وعلى صحة أطفاله على المدى الطويل، مقترحةً على الرجال تجميد الحيوانات المنوية.
عند الأمهات الحوامل، يرتبط الحمل بطفلٍ من أب متقدم في السن بارتفاع خطر الإصابة بسكري الحمل ومقدمات الارتعاج (حالة تؤدي الإصابة بها إلى ارتفاع ضغط الدم وتورم القدمين والساقين). ويبدو أنَّ عمر الأب أيضاً يزيد من خطر ولادة أطفال خِداج بأوزانٍ ضئيلة. ويبدو أنَّ احتمال تعرُّض الأطفال للإصابة بأمراضٍ مثل التوحد وانفصام الشخصية وبعض أنواع سرطانات الأطفال، يزيد لدى الأطفال الذين ينجبهم آباءٌ متقدمون في السن.
وتنطبق العديد من هذه المخاطر نفسها على الأمهات المتقدمات في السن، لكنَّ الدراسة تقول إنَّ الأطباء نادراً ما ينبهون الرجال المتقدمين في السن، الذين نادراً ما يواجهون نقداً لاذعاً من أفراد أسرهم أو المجتمع ككل أيضاً، إلى تأثُّر ساعاتهم البيولوجية بالسن.
وتشمل هذه التغيرات عند الرجال انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون (هرمون الذكورة)، وتراكم الطفرات الوراثية الضارة في خلايا الحيوانات المنوية، وانخفاض عام في عدد الحيوانات المنوية وكفاءتها.
ومثلما هو الحال مع النساء، لا يمكن لهذه التغيرات أن تؤثر على فرص نجاح الحمل والإنجاب فحسب، بل وأيضاً على صحة الأطفال. ومع توفر الخصوبة، على الأقل، تكون هذه المخاطر قائمة أيضاً حتى عندما يحاول الرجال المتقدمون في السن إنجاب أطفال من نساء تقل أعمارهن عن 25 عاماً.
لا تتطلع غلوريا وزملاؤها المشاركون في الدراسة إلى إحراج أو تثبيط الرجال الذين يرغبون في إنجاب الأطفال عندما يتقدمون في السن. لكنهم يشيرون إلى نقطة صحيحة وهي أنَّ "التباين بين التفسير المجتمعي لخصوبة الرجل والمرأة ودور كل منهما يظهر بجلاء في افتراضاتنا حول دور الجنسين والإنجاب وتنظيم الأسرة".
ويمتد هذا التباين نفسه إلى العلم، إذ أنَّ الأبحاث التي تُجرى حول الطريقة التي تؤثر بها مقومات الأب على صحة الأطفال الذي يشارك في إحضارهم إلى العالم أقل بكثير من مثيلاتها على النساء.
ويُعتبَّر هذا البحث مهماً، نظراً لأنَّ أعداد الرجال المتقدمين في السن الذين ينجبون أطفالاً ازدادت أكثر من أي وقت مضى، ويستشهد الباحثون بدراسة أظهرت أنَّ 10% من الأطفال أصبحوا يولدون لآباء تزيد أعمارهم عن 45 عاماً، مقارنة بنسبة 4% منذ أربعة عقود.
ولهذا السبب، تدعو الدراسة الجديدة، الأطباء إلى تنبيه كبار السن من الرجال وزوجاتهن إلى حقائق ومخاطر إنجاب الأطفال، مثلما ينبهون النساء اليوم.
الحل في تجميد الحيوانات المنوية؟
وأضافوا أنه مثلما تلجأ بعض النساء إلى تجميد بويضاتهن كإجراء احترازي، فينبغي على الرجال صغار السن الذين لا يتوقعون أن يكونوا آباءً في المستقبل القريب ولكن يريدون أن يحظوا بفرصة الإنجاب يوماً، أن يخططوا للمستقبل.
وقال القائمون على الدراسة، "على صعيد المجتمع، ربما ينبغي تشجيع الرجال على حفظ حيواناتهم المنوية قبل بلوغهم سن الـ 35 أو، على الأقل، قبل بلوغهم سن 45 عاماً لتقليل المخاطر المتزايدة على صحة الأم والجنين والمولود التي ثبت أنها تحدث نتيجة شيخوخة الحيوانات المنوية".
وبالطبع، قد لا تكون الحيوانات المنوية هي الشيء الوحيد الذي يمكن أن يُفسر هذا الرابط بين الآباء المتقدمين في السن والعواقب الصحية الأسوأ التي قد تُصيب أطفالهم وزوجاتهم الحوامل. فقد تكون هناك اعتبارات أخرى، مثل نوعية العلاقات بين الرجال المتقدمون في السن وزوجاتهم أو أطفالهم (إذ يمكن للحمل الذي يصحبه التوتر، على سبيل المثال، أن يؤثر سلباً على الأم والطفل).
لكن بغض النظر عن سبب هذا الرابط، تجدر الإشارة إلى أن معظم الأطفال، حتى أولئك الذين يولدون لآباء متقدمين في السن، سيدخلون عالمنا دون أي مضاعفات صحية خطيرة.