سواء كان السبب مكيف الهواء، أو حركة خاطئة قمنا بها، أو ربما الجلوس ساعات طويلة أمام شاشة الكمبيوتر، فإن ما هو مؤكَّد أن تشنُّج الرقبة وتصلبها أمر مزعج للغاية.
في موضوعنا اليوم، سنتحدث عن تصلُّب وشد أو تشنُّج الرقبة، والأسباب التي تؤدي إلى ذلك، والأعراض التي نشعر بها، والعلاج.
يُعرف تشنُّج الرقبة Neck Spasm بأنه حدوث شدّ غير إراديٍّ في عضلات الرقبة، ويصاحبه ألمٌ شديد، ويمكن أن يعاني الشخص تشنُّجاً في عضلات الرقبة مدة دقائق، أو ساعات، أو أيام.
تشنُّج الرقبة قد يحدث بشكل مفاجئ ولا يستطيع الشخص التحكّم فيه، ولا يُعد أمراً خطيراً، لكنه قد يكون عَرَضاً لأحد الأمراض الخطيرة، وهو ما يستدعي مراجعة الطبيب في أسرع وقتٍ ممكن.
أعراض تشنُّج الرقبة
يظهر تشنُّج الرقبة غالباً على هيئة ألمٍ مفاجئٍ شديدٍ وغير محتملٍ في منطقة الرقبة، ويمكن أن يكون الألم في عضلة واحدة من عضلات الرقبة، وقد يكون في أكثر من عضلةٍ.
وتُرافق هذا الألم صعوبةٌ في تحريك الرقبة، ومن الممكن أن يحدّ ذلك من قدرة الشخص على القيام بأعماله اليومية، وكذلك قد يحدث تيبُّسٌ في الجزء المُصاب.
ولهذا قد تظهر أعراضٌ في الجهاز العضلي الهيكلي والجهاز العصبي بشكلٍ مصاحبٍ لتشنّج الرقبة، منها ما يلي:
- آلامٌ في الظهر.
- ألم في الكتف.
- ضعفٌ وإجهادٌ في العضلات.
- الصداع، خاصة في الجزء الخلفي من الرأس.
- ألم أو خدرانٌ ووخز في إحدى الذراعين.
- تصلّبٌ في العمود الفقري.
- انحناء العمود الفقري.
- تأرجح الرأس بشكل لا إرادي، وحدوث تقلصات وتشنجات لا إرادية في عضلات الوجه.
وهل هناك أعراض خطيرة مصاحبة لتشنّج الرقبة؟
يمكن أن يكون تشنّج الرقبة أحد أعراض بعض الأمراض الخطيرة التي تتطلب تدخلاً طبيّاً عاجلاً.
وظهور بعض الأعراض والعلامات قد يكون مؤشراً على هذا، لذلك لا بُدّ من مراجعة الطوارئ في أسرع وقتٍ ممكنٍ، عند ظهور أيٍّ ممّا يلي:
- ارتفاع في درجة الحرارة لأكثر من 38.3 درجة سيلسيوس.
- صداع حادّ.
- زيادة التحسّس للضوء.
- انعدام التوازن.
- ضعف العضلات.
- الشعور بالغثيان.
- القيء.
- فقدان الإحساس في الأطراف.
- تصلّب الرقبة.
لنتحدث الآن عن أسباب تشنُّج الرقبة
هناك أسباب عديدة لتشنّج الرقبة، منها الصداع، والجفاف، والإجهاد النفسي، وحمل شيء ثقيل على الكتف أو الذراعَين، كحمل حقيبة ثقيلة.
كما قد يكون السبب التواء الرقبة في أثناء ممارسة الأنشطة المختلفة كممارسة التمارين الرياضية، والوقوف بطريقة غير صحيّة أو صحيحة، كالوقوف والرأس مُرخى إلى الأسفل، واتخاذ وضعية غير مريحة للرقبة في أثناء النوم، أو خلال إجراء المكالمات الهاتفية كوضع الهاتف بين الكتف والأذن، وداء أو تنكُّس الفقار الرقبي ويعني حدوث ضمور في الحبل الشوكيّ.
الانزلاق الغضروفيّ قد يكون أحد مسببات تصلُّب الرقبة، إضافة إلى التعرّض للإصابات بسبب حوادث السير وغيرها، وتضيّق القناة الشوكية ويعني تضيّق الفراغات المفتوحة في القناة الشوكيّة، والتهاب الفقار اللاصق ويعني حدوث التهاب في بعض فقرات العمود الفقريّ؛ وهو ما يؤدي إلى التحامها بعضها ببعض.
السؤال الأهم.. كيف يمكن علاج شد الرقبة أو تشنجها؟
هناك العلاجات المنزلية، والعلاجات بالأدوية.
بإمكان الشخص المصاب بشد الرقبة أن يقوم بعدة أمور من تلقاء نفسه للبدء بعلاج شد الرقبة، وفيما يلي بيان لبعض استراتيجيات الرعاية الذاتية:
- الاسترخاء والراحة: يُنصح الأشخاص الذين يعانون شداً في الرقبة بالراحة مدة يوم أو يومين، لإعطاء الأنسجة المصابة فرصة للشفاء، وتخفيف الشد والتشنج العضلي الحاصل فيها.
فعلى سبيل المثال؛ إذا رغب الشخص المصاب في السباحة، فيُنصح بتجنُّب بعض أنواع السباحة التي تتطلب تحريك الرأس بشكل كبير، بضعة أيام.
ومن المستحسن أن تقتصر الراحة على مدة لا تتجاوز اليوم أو اليومين، وذلك لأنّ قلة النشاط يمكن أن تؤدي إلى إضعاف العضلات؛ ومن ثم عدم توافر الدعم الكافي للرأس والرقبة.
- تطبيق الحرارة أو البرودة: يساعد العلاج بالثلج أو الماء البارد على تخفيف معظم أنواع آلام الرقبة عن طريق تقليل الالتهاب في المنطقة، ومن الجدير بالذكر أن استخدام الثلج خلال أول يومين من تورم أو انتفاخ الرقبة، يكون أكثر فائدة من حيث تقليل الالتهاب.
وفي المقابل يُفيد تطبيق الحرارة على الرقبة في تحفيز تدفق الدم إليها، وهو ما يخفف من شد الرقبة، وهنالك عدة طرق يمكن اتباعها لتخفيف شدّ الرقبة بالحرارة، منها ما يلي:
- استخدام قربة من الماء الساخن، ووضعها على المنطقة المتشنّجة من الرقبة. استخدام عبوات الهلام المُدفَّأة التي يتم تسخينها في المايكرويف أو في الماء الساخن، والتي تبقى دافئة 30 دقيقة تقريباً.
- وضع اللصقات الحرارية، التي يمكن لفها أيضاً حول أسفل الظهر والخصر، كما يمكن وضعها على الجلد تحت الملابس، وهو ما يوفر الراحة ساعات عديدة.
- تجربة الحمام الساخن أو الساونا، وذلك بهدف تحفيز الراحة والاسترخاء، وتقليل تشنج العضلات وألمها.
- اختيار وضعية النوم المناسبة: ومن وضعيات النوم المناسبة النوم على الظهر أو أحد الجانبين، في حين ينبغي تجنُّب النوم على البطن.
كما يُنصح بالنوم على فراش صلب دون استخدام وسادة، أو النوم على وسادة خاصة بالعنق.
- ممارسة التمارين الرياضية، ومنها:
- ممارسة تمارين تمديد الرقبة: تُعدّ تمارين تمديد الرقبة عنصراً مهماً في علاج شد الرقبة، ويمكن القيام بهذه التمارين في أثناء الجلوس على المكتب أو بالسيارة.
- ممارسة التمارين الهوائية: تساعد التمارين الهوائية البسيطة المعروفة باسم تمارين الآيروبيك، كالمشي مثلاً، في تخفيف شد الرقبة بمختلف أنواعه. فرغم أنّ المشي لا يؤثر في الرقبة بشكل مباشر، فإنّه يساعد على نقل الأكسجين إلى الأنسجة في جميع أجزاء العمود الفقري، وهو ما يعزز الشفاء.
العلاج بالأدوية
هناك عديد من الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية، والتي يمكن أن تساعد على تخفيف الألم والتعامل مع الأعراض المصاحبة لشدّ الرقبة.
وتتوافر مسكنات الألم في ثلاثة أشكال:
1- أدوية الألم الفموية: هناك عديد من أدوية الألم التي تؤخذ عن طريق الفم؛ على شكل أقراص أو سائل، ويعمل كل منها بشكل مختلف وله فوائد ومخاطر محتملة، كما أنّ بعضها متاح فقط عن طريق وصفة طبية.
وتُقسم الأدوية الفموية كالتالي:
- الأدوية الفموية التي لا تحتاج وصفة طبية: مثل الباراسيتامول Paracetamol، ومضادات الالتهاب اللاستيرويدية NSAIDs مثل الآيبوبروفين Ibuprofen.
ونظراً إلى أن الباراسيتامول ومضادات الالتهاب اللاستيرويدية يعملان بشكل مختلف لمعالجة الألم، فإنّه يمكن تناولهما معاً في الوقت ذاته.
فعلى سبيل المثال، بإمكان المريض المصاب بألم شديد أخذ الجرعة الموصى بها من الباراسيتامول، ثم تناول الأيبوبروفين بعد ذلك بساعتين إلى ثلاث ساعات، وتكرير هذا النمط بالشكل المناسب.
- الأدوية التي تحتاج وصفة طبية: وتُستخدم عادة لفترات قصيرة من الزمن، ومنها الأدوية المخدرة للألم Narcotic pain medications، ومُرخيات العضلات Muscle relaxants.
كما يمكن أن تُستخدم فئات أخرى من الأدوية فترة أطول؛ مثل مضادات الاكتئاب Antidepressants والأدوية المضادة للتشنجات Anti-seizure medications، فهي تساعد على تعديل الإحساس بالألم.
ويمكن أن تسبّب هذه الأدوية آثاراً جانبية وتفاعلات دوائية مع أدوية أخرى، لذلك ينبغي استشارة الطبيب قبل تناول أيّ من هذه الأدوية.
كما يجب أن يكون المرضى حذرين بشكل خاص إذا كانت لديهم أيّ حالات مَرَضية أخرى مثل مرض السكري.
2- أدوية الألم الموضعية: يتم تطبيق هذه المستحضرات على الجلد، وتهدف إلى تقليل الألم الموضعي، ومعظمها متاح بلا وصفة طبية.
3- الحقن: يمكن استخدام أدوية تخفيف الألم أو الأدوية المضادة للالتهابات عن طريق الحقن بشكل مباشر في مصدر الألم.