أشارت دراسة أولية إلى أن مادة البروبيونات الغذائية المضافة والمستخدمة بكثرة قد تعيق عمليات الأيض بطريقة تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري.
الدراسة التي تضمنت بحثاً على البشر والفئران، كانت تُحقِّق في إحدى المواد المضافة الغذائية المنتشرة تدعى "البروبيونات"، التي تُستَخدَم في منع نمو العفن.
وتستخدم هذه المادة كثيراً في المواد الحافظة للجبن، والمخبوزات (مثل الخبز) وتضاف إلى اللحوم المصنعة الباردة كالنقانق واللحوم المعلبة.
وتضيفها الشركات المصنعة في المشروبات الغازية والكحولية، وحتى السلطات المعدة للبيع، إلى جانب الصلصات كالكاتشب والخردل والحبوب المعلبة وزبدة المكسرات كالفستق.
اكتشفت الدراسة في حالة الفئران أن استهلاك البروبيونات أدى إلى زيادة مستوى السكر في الدم على المدى القصير، وإلى زيادة الوزن ومقاومة الأنسولين على المدى البعيد.
ومقاومة الأنسولين تعني أن الجسد لم يعد يستجيب إلى هرمون الأنسولين بالكفاءة المطلوبة، وهو الهرمون الذي يساعد الخلايا على دخول السكر، أو الغلوكوز.
وقد تتسبب هذه المقاومة في زيادة مستويات السكر في الدم، وهو ما نراه في مرضى السكري.
وفي تجربة صغيرة أُجرِيَت على بشر، وجد الأشخاص الذين استهلكوا البروبيونات زيادة مؤقتة في مقاومة الأنسولين، في غضون ساعات قليلة، مقارنة بمن لم يتناولوا البروبيونات.
لكن المؤلفين يقولون إن هذا البحث المبكر لا يمكنه إثبات أن البروبيونات تسبب السكري.
ورغم هذا كتب الباحثون في ورقتهم البحثية التي نُشرت في 24 أبريل/نيسان 2019، في مجلة Science Translational Medicine العلمية، أنه ما زالت هذه الاكتشافات مقلقة بالنظر إلى مدى انتشار استخدام البروبيونات.
ونادوا بالمزيد من الأبحاث في الآثار الأيضية المحتملة للإضافات الغذائية مثل البروبيونات.
وقال مؤلف الدراسة الكبير دكتور جوخان هوتاميسليغل، أستاذ علم الجينات والأيض في كلية الصحة العامة في جامعة هارفارد في بيان له: "إن فهم كيفية تأثير مكونات الطعام على عمليات الأيض في أجسادنا على المستوى الجزيئي والخلوي، قد تساعدنا على تطوير تدابير بسيطة ومؤثرة لإيقاف الوباء الثنائي: السمنة والسكري".
المادة المقلقة آمنة حسب وزارة الصحة
تعد البروبيونات "منتج آمن عام" لدى الجمعية الأمريكية للدواء والغذاء، مما يعني أن هذا المكون لا يتطلب موافقة جمعية الدواء والغذاء ليضاف إلى الطعام، وفق ما نشر موقع Live ٍScience.
ويقول المؤلفون إنها أيضاً حمض دهني تنتجه بكتيريا الأمعاء طبيعياً، عندما تكسر الألياف. لكن لم يبحث أحد الآثار الأيضية للبروبيونات، عندما نستهلكها كإحدى الإضافات الغذائية.
الفئران اكتسبت وزناً بسببها
في الدراسة الجديدة أعطى الباحثون البروبيونات أولاً للفئران، ووجدوا أن هذا المكون الإضافي أدى إلى زيادة مستويات العديد من الهرمونات.
مثل الغلوكاغون الذي يرسل إشارات إلى الكبد لإفراز السكر في الدم، والنور إيبينفرين الذي يشترك في تنظيم ضغط الدم ويزيد أيضاً من مستوى السكر في الدم، وبروتين 4 الذي يرتبط بالأحماض الدهنية FABP4 الذي يعتقد أن له دوراً في أيض الأحماض الدهنية.
تؤدي هذه الزيادة في الهرمونات إلى زيادة مستوى السكر في الدم لدى الفئران.
عندما أعطى الباحثون الفئران مياهاً بها كميات قليلة من البروبيونات، مساوية للتركيزات الموجودة في الأغذية المحفوظة، لمدة 20 أسبوعاً، أظهرت الحيوانات زيادة في الوزن ومقاومة الأنسولين، مقارنة بالفئران التي لم تستهلك البروبيونات.
والبشر ارتفع السكر في دمهم
وليروا كيف تترجم هذه الاكتشافات على البشر، أجرى الباحثون دراسة على 14 رجلاً سليماً لا يعانون من السكري.
وكانوا يعطون المشاركين إما وجبة تحتوي غراماً واحداً من البروبيونات وهي الكمية ذاتها التي توجد في وجبة واحدة من الأغذية المصنعة، وإما وجبة خالية من البروبيونات دون أن يعلموا أنها خالية.
ثم يسحبون عينات من دم المشاركين مرة قبل الطعام ثم على فترات منتظمة بعد الطعام لمدة أربع ساعات.
وبعد أسبوع، عاد المشاركون إلى المعمل، وبدأ من كانوا يتناولون البروبيونات الحقيقية في تناول البروبيونات الوهمية، ومن كانوا يتناولون البروبيونات الوهمية في تناول البروبيونات الحقيقية.
كانت الدراسة مزدوجة التعمية مما يعني أن لا الباحثين ولا المشاركين عرفوا أياً من المشاركين يتناولون البروبيونات الحقيقي وأيهم يتناول الوهمي.
وجدت الدراسة أنه عندما تناول الناس البروبيونات، حدثت لهم زيادة في مستويات الهرمونات مشابهة لتلك التي وجدوها في دراسات الفئران.
وأظهر متناولو البروبيونات أيضاً زيادة في معدلات الأنسولين، ومقاومة الأنسولين، مقارنة بأنفسهم عندما كانوا لا يتناولون هذا المكون.
وكلا المجموعتين كان لديهم نفس الارتفاع في سكر الدم بعد تناول الوجبة لكن المجموعة التي تتناول البروبيونات استغرقت وقتاً أطول للعودة إلى المستوى الطبيعي.
مادة البروبيونات مفيدة إذا أفرزها الجسم
وأشارت بعض الدراسات السابقة إلى أن البروبيونات والأحماض الدهنية الأخرى لها فوائد عندما تفرزها البكتيريا في أمعائنا، باعتبارها منتجاً ثانوياً لعمليات أيض البكتيريا.
لكن المؤلفين يقولون إن الدراسات الحديثة تشير إلى أن البروبيونات الموجودة في الأطعمة ليست لها نفس الفوائد.
وقد يكون هذا بسبب أن للبروبيونات تأثيرات مختلفة، تعتمد على مكان دخولها للجسم، وأشار الباحثون إلى أنه عند تناولها مع الطعام، يكون لديها اتصال مع الخلايا أكثر بكثير في القناة الهضمية مما يحدث عندما تنتجها البكتيريا في القولون.
والأفضل الابتعاد عن أي إضافات كيميائية
وقالت دانا هونيس، أخصائية تغذية كبيرة في المركز الطبي لرونالد ريغان في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس، والتي لم تشارك في الدراسة، إن هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات، خاصة دراسات على أشخاص يعانون من السمنة والسكري.
ونصحت هونيس بتجنب الإضافات الغذائية قدر المستطاع، عدا المدعمة بالفيتامينات والأملاح التي نحتاجها في ظروف معينة.
وقالت: "أنا مؤمنةٌ بأن أي مادة كيميائية تضاف إلى الطعام، حتى لو كانت تحمل علامة "منتج آمن" من إدارة الغذاء والدواء… من المحتمل أن تكون لها تأثيرات سلبية غير مقصودة".