تسمع المرأة الحامل كثيراً من النصائح مثل وجوب النوم على ظهرها كي "يثبت الحمل"، أو عدم حمل أثقال كثيرة في بداية أشهر حملها.
لكن هل كل هذه حقائق علمية، أم مجرّد نصائح نابعة من تجارب فردية تتناقلها الأجيال؟
لعل أكثر ما يشغل تفكير الحامل هو معرفة ما هو آمن لها ولطفلها، وما أفضل التغييرات في نمط حياتها التي قد تحتاجها لإتمام فترة الحمل بشكل صحي ووضع طفل بصحة جيدة.
فهل نوم الحوامل على ظهورهن أمر آمن أم أنه يضاعف خطر الإجهاض؟
نتحدث في هذا التقرير عن الحقائق العلمية لبعض هذه النصائح.
لنبدأ بالثلث الأخير من الحمل، وهو الأهم
بحلول نهاية الثلث الثاني من الحمل، تكون جميع أعضاء الجنين وأجزاء الجسم موجودة وتعمل.
أما خلال الثلث الأخير من الحمل، وهو من الأسبوع الـ27 حتى الولادة، فينمو الطفل وينضج.
الآن بعد أن وصلتِ إلى الثلث الثالث من الحمل، فأنت فعلياً في الجزء الأصعب من الحمل.
في هذه المرحلة، تستمر حواس طفلك في التقدم، ويستخدم طفلك حاسة السمع واللمس لمعرفة جسمه ورحمك.
يسمع طفلك صوتك ويعرف، وقد يتحرك استجابةً للموسيقى.
يبدأ طفلك أيضاً ممارسة الحركات المهمة، وضمن ذلك الإمساك، وقد يبدأ في مص الإبهام.
ستشعرين بأن طفلك يركل ويتحرك كثيراً في الأسابيع الأولى من الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل.
ومع مرور الوقت، يزداد حجم طفلك، وستشعرين بمزيد من التمدد واللف والركلات واللكمات.
ربما تكسبين نحو 5 كيلوغرامات خلال هذه المرحلة. سيكون جزء كبير من هذا الوزن من طفلك، لكنك أيضاً ستكسبين وزنك الزائد من السائل الأمنيوسي في الثديين والدم والرحم.
خلال الأسابيع الأخيرة من الحمل، ستلاحظين بوضوحٍ بعض التغيرات في جسدك، لعل أبرزها تلك التي تحدث للثديين تحضيراً لعملية إرضاع الطفل.
وتختبرين آلام الظهر مروراً بما يسمى المخاض الكاذب، الذي هو عبارة عن بروفة صغيرة للمخاض الحقيقي عند وضع الجنين.
وضعية النوم المثالية للحامل
ومع كل هذه المتغيرات، لا بد من الانتباه إلى وضعية الجسم خلال النوم، والتي من الممكن أن تكون عاملاً رئيسياً للحفاظ على جنينك بصحة جيدة.
إن الوزن الزائد الذي اكتسبتِه يضع ضغطًا إضافيًا على ظهرك، وهو ما يجعلك تشعرين بآلام في الظهر.
قد تشعرين أيضًا بعدم الراحة في منطقة الحوض والتركيز، في حين ترخي الأربطة استعدادًا للعمل.
لتخفيف الضغط على ظهرك، حاولي دائماً أن تجلسي بشكل مستقيم، واستخدمي كرسيًا يوفر دعمًا جيدًا للظهر.
كما يمكنك استخدام وسادة التدفئة، ومن المهم استشارة الطبيب عما إذا كان من الجيد بالنسبة لك تناول عقار الاسيتامينوفين (مسكن آلام) أم لا.
دراسة: نوم الحامل على ظهرها قد يسبب الإجهاض
ولكن فيما يتعلق بالنوم، أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون بجامعة هدرسفيلد ونُشرت في مجلة إيكلينكال ميديسين المختصة بالأبحاث العلمية، أن الأمهات اللاتي ينمن على ظهورهن خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل أكثر عرضة لوضع طفل متوفٍ بأكثر من الضعف.
الدراسة واحدة من كبرى الدراسات التي أجريت حتى الآن، ووجدت أن نوم الحوامل على الظهر مرتبط بزيادة خطر التعرض للإجهاض وفقدان الحمل بمعدل 2.6 ضعف مقارنة بالنوم على أحد الجانبين.
وأجريت الدراسة على أكثر من 1000 امرأة، وحصل فريق الباحثين على معلومات عن ممارسات نومهم قبل الحمل وفي أثناء الحمل والليلة السابقة على فقدان الحمل لـ 851 امرأة خضعن لعملية إجهاض و225 امرأة استمررن في الحمل حتى أنجبن.
ويقول الباحثون إنه من الطبيعي أن تتحرك الحامل وتغير وضعية نومها خلال الليل، ويجب ألا تشعر النساء اللواتي يستيقظن على ظهورهن بالقلق، بل يجب أن ينتقلن إلى جانبهن عند العودة إلى النوم.
فإن الوضعية التي نتخذها عند الشروع في النوم غالباً ما يتم الاحتفاظ بها فترة طويلة.
ويقدر الباحثون أن معدل حالات الإجهاض في المملكة المتحدة يمكن أن ينخفض بنسبة 3.7% إذا لم تنم أي امرأة على ظهرها، خاصة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من فترة الحمل.
ويقترح الباحثون أن أحد الأسباب المرتبطة بهذا الخطر المتزايد هو انخفاض تدفق الدم إلى الرحم، بسبب ضغط الطفل والمعدة على الأوعية الدموية الرئيسية المتجهة إلى قلب الأم ورحمها.
إذاً، ما أفضل وضع للنوم للحوامل؟
وعن أفضل وضع لنوم النساء الحوامل، قالت رئيسة فريق البحث الدكتورة توماسينا ستايسي، إن النوم على الجانب الأيسر مناسب للجنين، لتقليل الضغط على الوريد في هذه الحالة، وهو ما يقلل من تورم الساقين ويعزز كفاءة الدورة الدموية.
ودعت جمعية الحمل الأمريكية الأمهات الحوامل إلى تجنب النوم على ظهورهن.
وفي دراسة أخرى، وضع باحثون في نيوزيلندا 10 نساء حوامل كنّ يتمتعن بصحة جيدة في ماسحات التصوير بالرنين المغناطيسي، لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم رؤية تغيرات في تدفق الدم عندما كنّ مستلقيات على ظهورهن أو على جانبهن الأيسر. ووجدوا أن مدى كفاءة ضخ الدم للقلب كان هو نفسه في كلا الموقفين.
ومع ذلك، انخفض تدفق الدم وقُطر الوريد الأجوف السفلي عند الاستلقاء على ظهورهن.
ويتوقع الباحثون أن تسهم هاتان الدراسات، ن في تبرير بعض حالات الإجهاض.