لم يحن فصل الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، والفضل في ذلك لميل كوكبنا.
يميل محور الأرض قليلاً فيما تدور حول الشمس.
ما يعني أن أشعة الشمس لا تصل إلى كوكبنا بشكل متساوٍ: إذا سقطت أشعة الشمس مباشرة على الجزء الشمالي من الكرة الأرضية فالشتاء يحل في النصف الجنوبي، والعكس صحيح.
وفيما تغير الأرض ميلها خلال دورانها، تتغير الفصول أيضاً، ويستمر كل فصل لعدة أشهر.
لكن ماذا لو استمرت الفصول، خاصة فصل الشتاء لعدة سنوات على كوكبنا، مثلما يحدث في مسلسل Game Of Thrones؟
ارتفاع وتيرة العواصف الثلجية
بحسب موقع Live Science الأمريكي؛ يقول كريستوفر والتشيك، الباحث الكبير المساعد بمركز أبحاث علوم الغلاف الجوي بجامعة ألباني، إن النتائج تعتمد على طريقة حدوث ذلك. بعبارة أخرى: للإجابة عن هذا السؤال، قد نحتاج لمعرفة سبب استمرار الشتاء لسنوات.
قد يحدث ذلك (مع أنه من المستحيل) إذا وقع كوكبنا في مدار على مسافة أبعد عن الشمس، أو إذا توقف عن الدوران كلياً مع حلول منتصف شهر فبراير/شباط. (هذا ليس مستحيلاً).
فلنفترض أن يحدث الاحتمال الأخير، وأن يظل نصف الكرة الشمالي مائلاً بعيداً عن الشمس بصورة دائمة.
يقول والتشيك لموقع Live Science إنه في هذه الحالة، ستصبح الأيام في النصف الشمالي قصيرة، وسيطول الليل، وستكون وتيرة حدوث العواصف الثلجية مرتفعة. وبما أن المناخ الأدفأ لن يأتي ليذيب الثلوج، فستتراكم.
ويضيف أن الشتاء الدائم قد يتسبب بعد سنتين فقط في تغيرات كبيرة في النظام البيئي.
سينفد مخزون الطاقة لدى بعض الفصائل
إذ ستتوقف الأشجار والنباتات النفضية التي تنبت عادة في الربيع عن النمو، وهو ما سيحمل تداعيات كبيرة على السلسلة الغذائية بأكملها. ولذلك يقول والتشيك: "لن تتمكن الدببة والسناجب من الحصول على غذائها، وستتضور جوعاً، وستختفي تماماً الغزلان بالمثل".
ويضيف أنه فيما تتكيف الحيوانات مع تناقص ضوء الشمس وكمية الطاقة المتاحة "سينخفض تعداد كافة الأنواع إلى مستوى أقل بكثير".
فعلى سبيل المثال، تقضي حيوانات كثيرة أشهر الشتاء في الحفاظ على طاقتها من خلال عدة طرق مختلفة، حين يصبح الطعام شحيحاً.
ولنأخذ الضفادع والسلاحف مثالاً. فهذه الحيوانات تنجو من فصل الشتاء عن طريق خفض معدل الأيض في أجسامها لكيلا تحتاج إلى طعام. يقول جون كوستانوز، الأستاذ المساعد في علم الأحياء بجامعة ميامي، تصبح هذه الحيوانات "خاملة سلوكياً" خلال هذا الوقت، لكنه أضاف أن "هناك حدوداً للفترة التي يمكنها تخطيها دون تناول أي طعام".
وإذا استمر الشتاء طويلاً، سينفد مخزون الطاقة لدى الضفادع والسلاحف، ومع عجزها عن تناول الطعام، ستموت جوعاً. أو ستصل مخلفات عملية الأيض المتراكمة في أجسادها خلال الشتاء إلى مستويات سامة.
تغييرات ضخمة في السلسلة الغذائية
يقول كوستانوز لموقع Live Science: "لقد تكيفت الضفادع والسلاحف التي تعيش في المناطق التي تكون باردة خلال فترة من العام جيداً، بحيث تتمكن من النجاة خلال الشتاء، حتى وإن طال"، مضيفاً: "لكن من المشكوك فيه أن تتمكن من النجاة من سبات يدوم لعدة سنوات".
يُعتبر الشتاء في قارة ويستروس في مسلسل Game Of Thrones طويلاً، لكنه ينتهي عادة بعد سنتين. لكن ماذا لو علق العالم في الشتاء، واستمر البرد لألف سنة؟
يقول والتشيك إن ذلك سيبدو كعصرٍ جليدي؛ لكن حتى في العصور الجليدية ثمة فصول، لذا لنتخيل عصراً جليدياً بلا فصول.
يقول الباحثون إنه خلال مئات الآلاف من السنوات، سيتكون الغطاء الجليدي والأنهار الجليدية على أجزاء هائلة من اليابسة، وسيجتاح الجليد القرى والوديان.
وأضافوا:
"إذا أوقفتَ دوران الأرض في منتصف شهر فبراير/شباط، فسترى في النصف الشمالي من الأرض على الأرجح خلال ألف سنة غطاء جليدياً ضخماً يغطي أوروبا وكندا".
وستكون أماكن مثل نيويورك على الأرجح على حافة غطاء جليدي. يقول والتشيك:
"ستكون ثمة تغييرات ضخمة في السلسلة الغذائية بالكامل لكافة الحيوانات والنباتات"، مضيفاً: "سيبدأ البشر في الصيد بمعدل أكبر، وسيتخلون عن الأمل في نمو النباتات القابعة تحت أكوام الثلج".
لكن الفيزياء لن تسمح بحدوث هذا كله… لذا استمتع بالربيع.