بين ماضيها وحاضرها، الذي ينعكس في الطرقات والشوارع وبين الناس، ستسحرك سراييفو، منذ لحظة وصولك إليها.
إنها عاصمة البوسنة والهرسك، المدينة التي تعدّ جسراً بين الشرق والغرب. تأسست في القرن الخامس عشر، لكنها تعود إلى العصر الحجري الحديث، ومنذ ذلك الحين ترمز إلى بوتقة تنصهر فيها مختلف الثقافات والأديان.
في الواقع، وعلى طول شارع فقط، وأنت تمشي فيه ستصادف مسجداً وكنيسة أرثوذكسية وكنيسة كاثوليكية.
لا تتعجب، فهذا المزيج ينعكس على المعالم المقدسة في المدينة، فهي تحتوي على أساليب معمارية عثمانية، نمساوية مجرية، اشتراكية وغيرها.
أصبحت سراييفو رمزاً للتعايش بين المجتمعات من خلفيات ثقافية وإثنية ودينية مختلفة. ولكن كيف؟
سنعطيك في هذا التقرير لمحة عن هذه المدينة بين ماضيها وحاضرها ولمَ عليك زيارتها للسياحة هذا الصيف وما أبرز الأماكن السياحية فيها.
سراييفو بين الماضي والحاضر
تعتبر سراييفو المكان الذي انطلقت منه شرارة الحرب العالمية الأولى باغتيال فرانز فرديناند، وريث عرش الإمبراطورية النمساوية المجرية، وزوجته صوفي في 28 يونيو/حزيران 1914.
كما تعرضت هذه المدينة إلى حصار دام 1452 يوماً في الحرب التي امتدت من عام 1992 حتى عام 1995 في البوسنة والهرسك.
ومع ذلك نجت المدينة وما زالت تنمو وتعيد بناء نفسها ليرمز مرة أخرى إلى مدينة الثقافات المختلفة، ومدينة الألعاب الرياضية والمهرجانات، ومدينة الصداقة والأمل.
على الرغم من أن سراييفو قد تبدو مرتبطة ارتباطاً وثيقا بالحرب والمأساة، فإنها استعادت عافيتها بعد مرور حوالي 25 عاماً، كما أن السياحة تشهد ارتفاعاً حاداً الآن.
سراييفو جميلة.. بواديها وجبالها وغاباتها أيضاً
أسباب جمال سراييفو واضحة؛ فالمدينة محاطة بوادٍ طويل نحيف، وتحيط بها الغابات والجبال.
وتقريباً عند كل مفترق طرق وزاوية شارع تستطيع أن ترى لمحة تاريخية ما زالت تزين المدينة.
إذا كانت هناك أي مدينة في أوروبا تصل بين الشرق والغرب دون عناء، فهي سراييفو.
هناك تركت الإمبراطوريتان البيزنطية والعثمانية في الشرق والإمبراطوريات الرومانية والبندقية والنمساوية الهنغارية في الغرب بصمة لا تُمحى من خلال الثقافة والتقاليد والأديان.
المشي عبر سراييفو أشبه بالمشي عبر ماضيها، من الأحياء العثمانية الشرقية المليئة بالمتاجر الجميلة والمقاهي والحرف اليدوية إلى المركز الإداري والثقافي في العصر المجري النمساوي.
السياحة في سراييفو
سراييفو هي واحدة من المدن الأكثر إثارة للاهتمام في أوروبا، فضلاً عن كونها منارة الأمل في السلام والتسامح وتنوع الثقافات.
باتت سراييفو عاصمة سياحية للبوسنة والهرسك مع تطور شرقي فريد من نوعه، يمكنك أن تلمسه في الشعب الودود والأطباق اللذيذة والمباني التاريخية وغيرها الكثير مع مزيج ساحر من الثقافة العثمانية والأناقة الأوروبية في قلب البلقان.
أبرز المعالم التاريخية والسياحية في سراييفو
البازار العثماني: لا يزال قلب سراييفو، الذي أسسه العثمانيون في القرن الخامس عشر، يكمن في باشاريشيا، وهي منطقة ضيقة من الأكشاك التجارية المؤلفة من طابق واحد والتي يرجع تاريخها إلى أوائل سنوات المدينة.
تمر السوق عبر بضعة شوارع خالية من السيارات على طول نهر مياسكا، مما يؤدي إلى نافورة سيبيلج الخشبية في ساحة تعج بالحمام.
في جميع أنحاء البازار يتجول بعض البائعين، ويبيعون الهدايا التذكارية والأقلام الرخيصة المصنوعة من أغلفة بنادق عالية العيار.
يلتصق آخرون بالكلاسيكية مثل الحلويات التركية اللزجة، ومكعبات الجيلاتين بنكهات الفواكه المختلفة.
تضم المنطقة أيضاً غالبية المعالم التاريخية في المدينة، مثل مسجد غازي هوسريف بيك، الذي يعود للقرن السادس عشر وبرج الساعة الخاص بالمسجد.
متحف سراييفو 1878-1914: يقع المتحف في المكان المحدد لاغتيال فرانز فرديناند. ويصور المتحف فترة الحكم النمساوية المجرية على البوسنة والهرسك.
الجبال الاولمبية: خلال نصف ساعة فقط بالسيارة، تكتشف لماذا استضافت سراييفو الألعاب الأولمبية الشتوية عام 1984، ومهرجان الألعاب الأولمبية الشتوية للشباب في عام 2017.
تعد جبال سراييفو الأولمبية بجلاسنيكا وإغمان مثالية للمتزلجين المتوسطين والمحترفين، في حين يوفر جبل ياهورينا 20 كم من مسارات المتزلجين المبتدئين.
مهرجان سراييفو السينمائي: يجتمع أفضل صانعي الأفلام والنجوم السينمائيين في جنوب شرق البلاد في هذا المهرجان الذي يقدم عروضاً على المسرح، وأفضل أفلام وثائقية في العالم، وورش عمل سينمائية وما شابه ذلك.
إنه مكان رائع لزيارة بعض المقاهي والحياة الليلية النابضة.
متحف نفق الحرب: على الرغم من أن هناك ما هو أكثر بكثير من الحرب، فقد احتضنت سراييفو ماضيها المرير.
كان شريان الحياة الوحيد للإمدادات هو نفق بطول 800 متر يربط الناس بالمهربين من خارج المدينة بعد أن قطعت القوات الصربية المدينة عن العالم الخارجي، وأطلق القناصة النار على أي شخص يمشي في الشوارع.
حافظَ متحف نفق الحرب على جزء منه ويروي قصة العائلة التي خاطرت بحياتها من خلال السماح لعين النفق بالظهور في قبوهم.
نظرة من فوق: بدأ العمل في عام 1729 على خمسة تحصينات مبنية على سور المدينة القديمة، ولكن أوتا تابيجا، أو القلعة الصفراء، هي كل ما تبقى.
تلوح في الأفق المدينةُ من جيكوفاتش كليف في الطرف الشرقي من المدينة القديمة، وتقدم إطلالة رائعة لمشاهدة غروب الشمس.
أفضل طريقة للقيام بذلك هي العثور على أعلى نقطة ممكنة، ومع إعادة فتح التلفريك الشهير في سراييفو، أصبحت الرحلة على سفح الجبل مرة أخرى سهلة.
على بُعد مسافة قصيرة سيراً على الأقدام من باشاريشيا، تقع محطة التلفريك اللامعة الجديدة في سفوح جبل تريبيفيج أوف، وهو إحدى القمم التي استضافت الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 1984.
مقابل رسم قدره حوالي 13 دولارات أمريكية، ينقلك هذا التلفريك الذي لا بد منه إلى أكثر من 1100 متر في سبع دقائق، مما يوفر لك مناظر خلابة في كل ثانية من الطريق.