هل فكرتم يوماً ما بأن ارتداء ملابس مريحة و"صحية" قد يصبح جزءاً من الموضة؟
تعاين أخصائية الأمراض الجلدية الطبيبة إروم إلياس، الزميلة في الأكاديمية الأمريكية للأمراض الجلدية، حوالي 6 آلاف مريض سنوياً.
معظمهم، خلال زياراتهم المنتظمة لها، يذكرون استخدامهم وسائل للوقاية من أشعة الشمس على وجوههم يومياً.
لكن ماذا عن باقي أجسامهم؟ في الواقع إنها لا تلقى اهتماماً كثيراً.
مما يدفع الطبيبة لتوجيه المرضى يوماً بعد يوم على مدار 15 عاماً باستخدام واقي الشمس على كل الجسم.
هذه النصيحة المتكررة دفعت إروم للتفكير: "ماذا لو كانت الملابس التي نرتديها نفسها تملك القدرة على وقايتنا من أشعة الشمس فوق البنفسجية الضارة؟".
في عام 2016، بدأت البحث واختبار الأنسجة التي توفر حماية أفضل من الشمس، وبعد عام أطلقت إروم العلامة التجارية AmberNoon، التي تبيع ملابس نسائية تملك القدرة على الحماية من الأشعة فوق البنفسجية.
بحسب موقع Health Line الأمريكي، لم ينل هذا المنتج إعجاب النساء المهتمات بتجنّب أشعة الشمس الضارة فحسب، وإنما كذلك المصابات بالذئبة وغيرها من أمراض المناعة الذاتية أيضاً.
ملابس مريحة وأنيقة بنفس الوقت
تعتبر الملابس "مجرد" انعكاس للشخصية.
ومع ذلك، وعلى مدار السنوات الأخيرة، وبفضل تطور صناعة الملابس الرياضية، أصبحت الراحة من أولويات الأناقة العصرية.
لكننا الآن على أعتاب ما يسمى "الموضة الصحية"، وهي الملابس التي تضيف شيئاً إضافياً صغيراً في أنسجتها من أجل تحسين الصحة بشكل عام، مستهدفة ثلاثي الصحة البدنية والعقلية والعاطفية.
ومن هنا بدأت هذه الملابس تصبح جزءاً من الموضة المتبعة في كثير من البلدان.
"الموضة الصحية".. خطوط ملابس أطلقها أطباء وخبراء
الموضة الصحية ليست منتجاً واحداً يناسب الجميع.
على سبيل المثال، ببتيدات الكولاجين في الإصدار المحدود لقمصان وسترات وأوشحة Buki تعمل على تنعيم وترطيب وحماية البشرة.
وتبيع Monsoon Blooms ملابس بأقطان عضوية ومصبوغة بأعشاب الأيورفيدا الطبية، والتي تنتمي للنظام الطبي الهندي القديم.
منامات Cool-jams ، التي طورتها القوات المسلحة الكندية لأول مرة، تستخدم أليافاً مقاومة للرطوبة للمساعدة في التغلّب على مشكلة التعرّق الليلي الناتجة عن حالات مثل انقطاع الطمث، والسكرّي والسمنة.
وبدأ الخبراء كذلك في المجالات الطبية أيضاً إدراك إمكانية مساعدة مرضاهم.
حتى إن هناك أطباء متخصصين في أمراض القدم بدأوا إنتاج خطوط الأحذية الخاصة بهم.
والآن.. ستصبح الملابس ذكية أيضاً
هناك تقنيات اللياقة البدنية القابلة للارتداء مثل الساعات التي تتابع ضربات القلب، والحركة، وحتى النوم؛ لكن لم يفكر أحد في نقل تلك التقنيات إلى الملابس.
والآن، اكتشف علماء جامعة ماساتشوستس في أميرست كيفية تحويل الملابس الشائعة إلى أجهزة استشعار باستخدام طبقات البوليمر على الألياف والخيوط والملابس الموجودة.
تقول تريشا أندرو، الحاصلة على الدكتوراه، ومديرة مختبر الإلكترونيات القابلة للارتداء بجامعة ماساتشوستس في أميرست: "يمكننا تصميم أجهزة إلكترونية مباشرة على سطح الأنسجة".
وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، تمكنت هي وفريقها من تحويل الأقمشة والخيوط الجاهزة إلى مجموعة متنوعة من الأجهزة الإلكترونية المستقلة، من بينها ملابس داخلية مزينة بأقطاب كهربائية يمكنها متابعة ضربات القلب وأنسجة خاصة قادرة على رصد حركة المفاصل، ووضعية النوم، وسرعة التنفس.
وبالرغم من التعقيد الذي يبدو عليه الأمر، لا تحتاج هذه الأنسجة لأي معاملة خاصة.
فهي مصممة لتتحمل الطي والفرك والحك والغسالات، وحتى المكواة الساخنة.
وتؤكد تريشا أن هذه الملابس في الوقت نفسه "تملك وزن ومرونة وراحة الأنسجة والأقمشة العادية".
ملابس ذكية تقيك حر الصيف وبرد الشتاء
طوّر باحثون في جامعة ماريلاند نسيجاً جديداً يعتبر ثورة في الأقمشة يمكنه التحكم تلقائياً بمقدار الحرارة التي تتغلغل من خلاله.
يقول تشي واي بانغ، الحاصل على الدكتوراه والأستاذ المساعد للكيمياء والكيمياء الحيوية بجامعة ماريلاند: "عندما يكون الطقس حاراً ورطباً (ويتعرق مرتدي ذلك النسيج الجديد)، ستعمل الأنسجة على "فتح بوابة" تسمح بخروج قدر أكبر من الإشعاع الحراري بحيث تنخفض حرارة الجسم أسرع.
وعندما يكون الطقس بارداً وجافاً، ستعمل الأنسجة على "غلق البوابة" للحد من الإشعاع والانبعاث الحراري للحفاظ على حرارة الجسم".
ويؤكّد بانغ أن هناك حاجة إلى مزيد من العمل قبل أن يتمكن الجمهور من شراء ملابس تحتوي على "تقنية ما بعد التبريد" تلك، ويضيف: "بلا شك، نظام الملابس الذكي في المستقبل سيلعب دوراً مهماً في قياس ومتابعة، أو حتى تحسين صحة المستهلك".
قد تساعد ملابس ذكية بهذا الشكل الأشخاص الذي يواجهون مشكلات في تنظيم درجة حرارة أجسامهم، وخاصة كبار السن والأطفال.
"هذه التقنية الجديدة قد تكون مفيدة أيضاً للعسكريين في ساحات المعارك، وللرياضيين، والعاملين في المصانع والأماكن الحارة عالية الرطوبة.
في هذه الظروف القاسية لا يتمكن الأشخاص من التكيف على التقلبات الحادة في درجات الحرارة باستخدام الملابس العادية".
حدود "الموضة الصحية"
على الرغم من مقدار التطور الذي ستبدو عليه هذه الملابس الجديدة، ستظل بحاجة لاستخدام المنطق والحدس السليم.
لا تزال محتاجاً للاهتمام والعناية بصحتك.
على سبيل المثال، بالرغم من وجود ملابس مقاومة للأشعة فوق البنفسجية، لا تتوفر أي حماية للجلد غير المغطى بالملابس.
كذلك الملابس ذات خصائص التبريد والتسخين المساعدة، يمكنها مساعدتك في الإحساس بالراحة، ولكنها لا تمدك بقوة خارقة.
وبالتالي، عند الإفراط في التعرض لدرجات الحرارة شديدة الارتفاع أو بالغة الانخفاض يظل هناك مخاطر حدوث ارتفاع أو انخفاض بدرجة حرارة الجسم.
ماذا عن الملابس المقاومة للبكتيريا؟
لا يزال العلماء بحاجة لدراسة موضوعات كثيرة. من بينها الملابس المقاومة للبكتيريا.
تقنية الملابس المقاومة للبكتيريا تثير تساؤلات كثيرة، مثل: ألا ينبغي علينا القلق بشأن تطور البكتيريا الفائقة التي أصبحت مقاومة لترسانتنا الحالية من المضادات الحيوية؟
الجلد معروف بقدرته على الامتصاص، لذا، ما هي المواد التي ستستخدم لإضفاء خصائص مقاومة البكتيريا والتخلص من الروائح في هذه الأنسجة؟ وهل هي آمنة على المدى الطويل؟
وفقاً لدراسة بجامعة واشنطن، فإن التريكلوسان الكيميائي (الذي يمكن استخدامه في الملابس المقاومة للبكتيريا) قد يقوّي البكتيريا عن طريق الخطأ لتصبح قادرة على النجاة وسط تركيزات قاتلة من المضادات الحيوية.
لذا، ربما عليك ارتداء كل شيء باعتدال دون إفراط، بما في ذلك ملابسك الرياضية المفضلة المقاومة للرائحة.
فهي مجرد "موضة صحية"، وليست سحراً.