هل تشعر بعدم الرضا عن جسمك ومظهرك.. متابعة المشاهير على إنستغرام هي السبب

عربي بوست
تم النشر: 2019/03/14 الساعة 15:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/14 الساعة 18:00 بتوقيت غرينتش
أضرار مواقع التواصل الاجتماعي

أضرار مواقع التواصل الاجتماعي غير محدودة لكن دعني اسألك، هل تتصفح موقع إنستغرام أو فيسبوك في أي وقت تتاح لك فيه ثوانٍ معدودة بلا عمل، فأنت لست الوحيد.

لكن هل فكرت من قبلُ كيف تؤثر كل هذه الصور التي تراها لأجساد الناس، سواء كانت أجساد أصدقائك في إجازاتهم أو صوراً شخصية لأحد المشاهير في صالة الألعاب الرياضية، في الطريقة التي ترى بها جسدك؟

ورد الكثير في السنوات الماضية حول ما تقدمه لنا وسائل الإعلام الرئيسية من مقاييس غير واقعية للجمال على هيئة صور مُعدلة للمشاهير، أو على هيئة عارضات أزياء نحيفات كالعصي. الآن وقد ملأت هذه الشخصيات المؤثرة صفحاتنا، فمن السهل أن نتخيل أن الشبكات الاجتماعية أيضاً لها تأثير سيئ للغاية فيما يتعلق بالصورة الذهنية لأجسادنا.

لكن الحقيقة أعقد من ذلك، إذ يمكن أن تجد طرقاً للتحكم فيما يظهر لك على إنستغرام، حتى تشعر بمزيد من الرضا عن نفسك، أو على الأقل لتتوقف عن الشعور السيئ حيال صورة جسدك.

من المهم أن نشير إلى أن الأبحاث في مسألة الشبكات الاجتماعية وصورة الجسد ما زالت بمراحلها الأولى، وأن معظم الدراسات تثبت الترابط، وليس السببية

وهو ما يعني أننا لا نستطيع أن نثبت إذا كان موقع فيسبوك على سبيل المثال يتسبب في شعور المرء بمشاعر سلبية تجاه مظهره، أو أن الأشخاص الذين تساورهم الشكوك حول مظهرهم يميلون أكثر إلى استخدام موقع فيسبوك.

يقال إن استخدام الشبكات الاجتماعية يبدو مرتبطاً بالشكوك في صورة الجسد. ووجدت مراجعة منهجية لـ20 ورقة بحثية نُشِرَت في 2016، أن الأنشطة المرتبطة بالصور، مثل تصفُّح إنستغرام أو نشر صور شخصية، كانت مشكلة خاصة عندما يتعلق الأمر بالأفكار السلبية حول صورة الجسد.

لكن هناك كثير من الطرق المختلفة لاستخدام الشبكات الاجتماعية، هل أنت مجرد مستهلك لما ينشره الآخرون أم أنك تلتقط وتُعدل وتنشر صور السيلفي؟ هل تتابع الأصدقاء المقربين والعائلة أم لديك قائمة طويلة من المشاهير والشخصيات المؤثرة؟

يشير البحث إلى أن الإجابة تكمن فيمن نقارن أنفسنا بهم.

تقول جاسمين فاردولي، الباحثة الحاصلة على الدكتوراه بجامعة ماكواري الأسترالية: "يقارن الناس مظهرهم بمظهر الأشخاص الذين يرونهم في صور إنستغرام، أو أي منصة يتصفحونها، وعادة ما يحكمون على أنفسهم بأنهم أقل شأناً".

في استطلاع لـ227 أنثى، أفادت النساء بأنهن يملن إلى مقارنة مظهرهن سلبياً مع أقرانهن، ومع المشاهير، لكن ليس مع أفراد أسرهن، في أثناء تصفح "فيسبوك". وكانت مجموعات المقارنة المرتبطة أكثر بالشكوك في صورة الجسد هي الأقران البعيدة، أو المعارف.

تُرجع فاردولي هذا إلى حقيقة أن الناس يعرضون حياتهم من جانب واحد فقط على الإنترنت. فإذا كنت تعرف أحدهم جيداً، فستعرف أنه يُظهر فقط أفضل ما لديه، لكن إذا كانت مجرد معرفة، فلن تكون لديك أي معلومات أخرى لتفكر على أساسها.

التأثير السلبي

عندما يتعلق الأمر بالدائرة الأوسع من الحسابات والشخصيات المؤثرة التي تتابعها، فليست كل أنواع المحتوى متساوية.

يشير البحث إلى أن صور "الإلهام الرياضي" خاصة، التي عادة ما تُظهر أشخاصاً جميلين يؤدون التمارين أو يتظاهرون بذلك على الأقل، قد تجعلك أشد قسوة على نفسك.

نشرت إيمي سلاتر، الأستاذة المساعدة في جامعة غرب إنجلترا بمدينة بريستول، دراسة في عام 2017 شاهدت فيها 160 فتاة من طالبات الجامعة إما صور إلهام رياضي، أو جُمل رفقٍ بالذات، أو خليط من الاثنين، وكلها من حسابات حقيقية على موقع إنستغرام.

سجلت الفتيات اللاتي شاهدن صور الإلهام الرياضي فقط أرقاماً أقل عن مدى رضاهن عن أنفسهن، لكن من شاهدن العبارات اللطيفة (مثل "أنتِ مثالية كما أنتِ") كنَّ ألطف مع أنفسهن، وشعرن شعوراً أفضل تجاه أنفسهن.

وبالنسبة لمن شاهدن خليطاً من الصور الرياضية وعبارات الرفق بالذات، اتضح أن التأثير الإيجابي للعبارات فاق التأثير السلبي للصور.

دراسة أخرى نُشِرَت في وقتٍ سابق من العام الجاري (2018)، تضمَّنت تعريض 195 فتاة إما لمحتوى يعزز صورة الجسد لديهن من حسابات مشهورة مثل حساب @bodyposipanda

 وإما صور لنساء نحيفات يرتدين البيكيني أو ملابس اللياقة، وإما صور حيادية للطبيعة.

ووجد الباحثون أن تعريض النساء للمحتوى الذي يعزز صورة الجسد يزيد بالفعل من رضاهن عن أجسادهن.

قالت سلاتر: "يبدأ هذان الأمران معاً في بناء قدر قليل من مسألة أنه من الممكن أن يوجد محتوى مفيد فعلاً لصورة الجسد".

كشفت الدراسة نفسها أن النساء اللاتي رأين الصور التي تعزز صورة الجسد ما زال الأمر ينتهي بهن بتشييء أنفسهن، وكان هذا يقاس بالطريقة الآتية:

كان يُطلب من المشارِكات كتابة 10 جُمل عن أنفسهن، وكلما كانت الجمل تركز على مظهرهن أكثر من مهاراتهن أو شخصياتهن، زاد تقييم الشخص المشارك في تشييء الذات.

هذا يعني أنه عندما تكتب إحدى المشارِكات "أنا جميلة"، فهذا يضعها في الفئة نفسها مع من كتبن عن أنفسهن أشياء سلبية. لكن سلاتر تقول إن هؤلاء الأشخاص ربما ينظرون نظرة أوسع إلى منابع جمالهم، مثل الجمال الداخلي إلى جانب العوامل الجسدية.

على أية حال، هذا التركيز على المظاهر هو أحد الانتقادات الموجَّهة إلى حركة التعزيز من صورة الجسد، ويبدو أنه صحيح. تقول فاردولي: "الأمر يدور حول حب الجسد، لكن ما زال الأمر متعلقاً بالمظاهر بقدر كبير".

حب السيلفي

عندما يتعلق الأمر بنشر صورنا الشخصية على الشبكات الاجتماعية، تأتي صور السيلفي في المقام الأول.

طلبت جينيفر ميلز، الأستاذة المساعدة بجامعة يورك، من أجل دراسة نُشرت في العام الماضي (2018)، من طالبات جامعيات أن يلتقطن صوراً لأنفسهن على أجهزة آيباد ثم ينشرنها على موقع فيسبوك أو إنستغرام.

إحدى المجموعتين لم يُسمَح لها إلا بالتقاط صورة واحدة وتُنشر مباشرة دون تعديل، في حين سُمح للمجموعة الأخرى بالتقاط العدد الذي يرغبن فيه، ويمكنهن استخدام التطبيقات للتعديل.

وجدت ميلز وزملاؤها أن كل ملتقطات السيلفي شعرن بجاذبية أقل، وثقة أقل بعد النشر أكثر مما كنَّ وهن يبدأن التجربة، حتى هؤلاء اللاتي سُمِحَ لهن بتعديل صورهن إلى الحد الذي ارتضته قلوبهن.

وقالت ميلز: "حتى لوا كنَّ قادرات على جعل النتيجة النهائية تبدو أفضل، فما زلن يركزن على الجوانب التي لا تعجبهن في مظهرهن".

أرادت بعض المشارِكات معرفة ما إذا كان أي أحد أُعجب بصورتهن قبل أن يقررن كيف يشعرن بعد نشرها، على الرغم من أن النظر في التفاعل لم يكن جزءاً من التجربة.

تركز معظم الدراسات على الفتيات، لأنه عادة ما يكنَّ الفئة العمرية الأكثر تأثراً بمخاوف صورة الجسد.

لكن البحث الذي يتضمن الرجال بدأ في إظهار أنهم ليسوا قليلين أيضاً.

فمثلاً، وجدت دراسة أن الرجال الذين أفادوا بأنهم شاهدوا صوراً رياضية بمعدل أكثر قالوا إنهم قارنوا مظهرهم بالآخرين أكثر، واهتموا أكثر بزيادة الكتل العضلية في أجسادهم.

لذلك خذ قسطاً من الراحة وانخرِط في أنشطةٍ أخرى لا علاقة لها بالمظهر أو بمقارنة نفسك بالآخرين.

ثاني أفضل شيء هو التفكير النقدي فيمن تتابعه، وإذا وجدت نفسك ترى نهراً لا ينضب من الصور التي تركز على المظهر في المرة التالية التي تتصفح فيها حسابك، فأضِف بعض الطبيعة أو السفر إلى المزيج الخاص بك.

ففي المقام الأول ليس سهلاً أن تطلب من الناس ترك الشبكات الاجتماعية برمتها، خاصة في حين أن الآثار طويلة المدى لاستخدامها ما زالت غير واضحة.

لكن قد تساعدك رؤية مشاهد طبيعية ملهمة، أو أطعمة لذيذة، أو كلاب لطيفة تملأ حسابك على إنستغرام، لتتذكر أن في الحياة ما هو أكثر من مظهرك لتعيشه.

تحميل المزيد