ليس نيزكاً قاتلاً أو غزواً للفضائيين هو ما تخشاه الأرض.. أكبر المخاطر التي تهدد البشرية تأتي من داخل الكوكب نفسه

قد تبدو فكرة فناء الإنسانية مادةً خصبةً للكوابيس، لكن هناك العديد من الطرق التي يمكن أن تحل بها نهاية العالم بعيداً عن النيزك المندفع أو غزو الفضائيين

عربي بوست
تم النشر: 2019/02/18 الساعة 13:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/02/18 الساعة 13:51 بتوقيت غرينتش
نهاية العالم لها كثير من السيناريوهات

قد تبدو فكرة فناء الإنسانية مادةً خصبةً للكوابيس، لكن هناك العديد من الطرق التي يمكن أن تحل بها نهاية العالم.

تميل الثقافة العامة للتركيز على الاحتمالات الأكثر إثارةً فقط: فكر في سيناريو النيزك المندفع نحو الأرض كما في فيلم Armageddon أو غزو الفضائيين كما في فيلم Independence Day.

وفيما تظل احتمالية النهاية الدراماتيكية للجنس البشري واردةً، فالتركيز على تلك السيناريوهات قد يعني تجاهل أكثر التهديدات التي نواجهها في عالمنا اليوم إلحاحاً، حسب هيئة الإذاعة البريطانية BBC.

وربما يكون بإمكاننا فعل شيءٍ حيال تلك التهديدات.

تهديدات البراكين

في عام 1815 قتل ثورانٌ لبركان تامبورا بإندونيسيا أكثر من 70 ألف شخص، فيما كان يقذف الرماد البركاني لطبقات الغلاف الجوي العليا.

قلل الرماد البركاني من وصول أشعة الشمس لسطح الأرض، ما تسبب في ما بات يعرف بـ"سنة بلا صيف".

ولا تزال لدى بحيرة توبا على الجانب الآخر من جزيرة سومطرة حكاية أسوأ لترويها. تكونت البحيرة نتيجة ثورانٍ بركانيٍ هائلٍ للغاية وقع قبل 75 ألف سنةٍ، وطالت آثاره كل أنحاء العالم.

وكان يُعتقد أن ذلك الحدث تسبب في انخفاضٍ كبيرٍ للغاية في تعداد سكان العالم، وإن كان ذلك بات محل شك مؤخراً.

لكن، وعلى الرغم من أن احتمال وقوع ثوران بركانيٍ هائلٍ هو أمرٌ مرعبٌ، لا يجدر بنا القلق كثيراً. فاحتمال وقوع ثوران بركانيٍ هائلٍ أو حدوث أي كارثةٍ طبيعيةٍ أخرى، مثل اصطدام نيزكٍ بالأرض أو انفجار نجمٍ في مجرتنا الكونية لم يرتفع في عام 2019 عن أي عامٍ ماضٍ، ويظل احتمالاً ضئيلاً.

تهديدات متنامية

لا ينطبق الحال نفسه على الكثير من التهديدات العالمية التي يتسبب فيها البشر.

على سبيل المثال، فقد أدرجت منظمة الصحة العالمية ومنتدى الاقتصاد العالمي التغير المناخي وآثاره على قائمة أكثر التهديدات خطورةً لعام 2019.

وورد في المحادثات الأخيرة للأمم المتحدة أن التغير المناخي يعتبر بالفعل "مسألة حياةٍ أو موتٍ" في الكثير من المناطق. فيما يعتقد الكثيرون، ومن بينهم مقدم الوثائقيات البريطاني ديفيد أتينبارا، أن التغير المناخي قد يتسبب في انهيار الحضارة وانقراض "غالبية الطبيعية".

والتهديدات معقدةٌ ومتنوعةٌ، بدءاً من موجات الحر القاتلة، وارتفاع مستويات البحار، إلى انتشار المجاعات والهجرات على نطاقٍ واسعٍ للغاية.

تتزايد كذلك المخاطر المحتملة للتقنيات الجديدة، مثل الذكاء الصناعي.

وتتنوع السيناريوهات بين الأسلحة المعلوماتية المتزايدة التطور، والتي تستطيع أن تحتجز بيانات أمةٍ بأكملها، وتساوم عليها، وصولاً إلى الخوارزمية التي تتسبب دون قصدٍ في انهيارٍ لسوق الأسهم.

الحرب الشاملة

تهديدٌ آخر يتمثل في احتمالية اندلاع حرب نووية.

وبينما يركز الكثيرون على التوتر المتصاعد بين القوى العالمية، فقد تتسبب التكنولوجيا الجديدة في تعريضنا للمزيد من الخطر.

يرجع ذلك لأمرين، أحدهما هو "ارتباط" الأسلحة النووية بالتقليدية، والآخر هو خطر تسبب الذكاء الصناعي في اندلاع حربٍ نوويةٍ.

الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى حرب نووية
الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى حرب نووية

وباء قاتل

وتمثل الجوائح العالمية -وهي الأوبئة التي تنتشر بين البشر في مساحة كبيرة مثل قارة- أحد التهديدات الأخرى التي قد تكون في حالة تنامٍ. ويُعتقد أن الإنفلونزا، على سبيل المثال، تقتل 700 ألف شخص في المتوسط وتكلف الاقتصاد العالمي 500 مليار دولار سنوياً.

ولدى المجتمعات السكانية متزايدة الكثافة والتنقل القدرة على أن تشهد سلالات جديدة من الإنفلونزا يسهل انتشارها. ويزيد هذا من القلق من اندلاع حالة تفشي في المستقبل مثل جائحة الإنفلونزا في إسبانيا عام 1918، التي تسببت في وفاة ما يصل إلى 50 مليون شخص.

ومع ذلك، فانتشار برامج التطعيم على نطاق واسع وغيرها من التدابير الوقائية من الأمراض تساعد في الحد من هذا الخطر.

مستقبل مدمر

فيما تعد كل تلك التهديدات حقيقيةً، قد يكون الخطر الأكبر الذي نواجهه على المستوى العالمي في عام 2019 قادماً من مكانٍ آخر.

بوجود قرابة 8 مليارات شخصٍ يعيشون على الكوكب، فنحن نعتمد بشكلٍ متزايدٍ على النظم العالمية لإعالتنا. يتنوع ذلك من اعتمادنا على البيئة لتزويدنا بالطعام، والماء، والهواء والطاقة النظيفين، وصولاً إلى الاقتصاد العالمي الذي يحول كل تلك الموارد إلى منتجاتٍ وخدماتٍ.

مع ذلك فمع انخفاض مستويات التنوع البيولوجي، إلى التوسع المتزايد للبنى التحتية، تُصبح الكثير من تلك النظم على شفا الانهيار. والتغير المناخي المتسارع لا يزيد الأمر إلا سوءاً.

مما سبق، ربما لا يجب تعريف الأخطار التي تواجه العالم بحجم الكوارث التي تسببها، وإنما بحجم احتمالية إخلالها بتلك الأنظمة الحيوية.

وقد جرت الإشارة إلى تلك الاحتمالية في الأمثلة الحديثة لتلك التأثيرات المتتالية.

لم يتسبب ثوران بركان إيافيالايوكل بأيسلندا عام 2010 في مقتل أي شخصٍ، لكنه أوقف حركة الملاحة الجوية فوق أوروبا لستة أيامٍ. وفي عام 2017 تسببت هجمات واناكراي الإلكترونية ببرمجية الفدية في توقف هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا وغيرها من المنظمات حول العالم عن العمل.

وبما أن كل ما نعتمد عليه يعتمد بدوره على إلكترونياتٍ عاملةٍ، وحاسِباتٍ، وأنظمة إنترنت، فأي شيءٍ قد يُعطِّل ذلك -من توهجٍ شمسيٍ إلى انفجارٍ نوويٍ في طبقات الغلاف الجوي العليا- سيسبب ضرراً واسع النطاق.

الوقاية من الكوارث

على أي حالٍ قد تكون هناك سبلٌ جديدةٌ للتقليل من تلك المخاطر.

تُروى حكايةٌ قديمةٌ عن كنوت العظيم ملك الدنمارك، تحكي أنه أمر البحر بالتراجع. كان الملك يعلم أنه لن يقدر على منع المد، وشعورٌ مماثلٌ بقلة الحيلة قد يعترينا بسهولةٍ حين نفكر في كوارث المستقبل المحتملة.

غير أن الحقيقة هي أن الدنماركيين كانوا يقللون من مساحة الشاطئ ويدفعون خط الساحل للداخل لأجيالٍ، عبر بناء السدود وتجفيف السبخات لحماية أنفسهم من المد القادم.

أحياناً يكون من الأفضل أن نحمي أنفسنا بالتفكير في سبلٍ لجعل الإنسانية أكثر مرونةً في مواجهة الكوارث المقبلة.

ويمكن أن يمنحنا هذا أفضل طريقةٍ لضمان أن يكون عام 2019 وما بعده أعواماً آمنةً بالنسبة للإنسانية.

تحميل المزيد