بدأ القطب المغناطيسي الشمالي للأرض في التحرك بسرعة كبيرة في العقود الأخيرة، لدرجة أن العلماء يقولون إن التقديرات السابقة لم تعد دقيقة بما يكفي لمعرفة مسارات الملاحة بدقة.
وفي الإثنين 4 فبراير/شباط 2019، أصدروا تحديثاً بالمكان الذي وصل إليه القطب الشمالي المغناطيسي بالفعل، قبل عام تقريباً من الموعد المقرر لذلك، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية.
التحرك سريع.. وقد تتأثر البوصلات
يتحرك القطب الشمالي المغناطيسي مسافة نحو 55 كيلومتراً في السنة، وعَبَر خط التوقيت الدولي عام 2017، ويغادر القطب الكندي في طريقه إلى سيبيريا.
وقال عالم الفيزياء الأرضية بجامعة كولورادو، أرنود تشوليات، المشارك الرئيس في النموذج المغناطيسي العالمي الصادر حديثاً:
"إنّ تحرّك القطب الشمالي المغناطيسي المستمر يمثل مشكلة للبوصلات في الهواتف الذكية وبعض الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية".
وتعتمد الطائرات والسفن أيضاً على القطب الشمالي المغناطيسي، عادة، كطريقة احتياطية لمعرفة مسارات الملاحة. ولن يتأثر نظام تحديد المواقع العالمي، لأنه يعتمد على الأقمار الاصطناعية.
الجيش الأمريكي.. تحديث مبكر
يستخدم الجيش الأمريكي القطب الشمالي المغناطيسي في الملاحة، وتعتمد تسمية أماكن الهبوط بالمظلات ومدارج الطائرات على اتجاهاتها بالنسبة إلى القطب الشمالي المغناطيسي.
إذ تتغير أسماؤها عندما يتحرك القطبان، على سبيل المثال، غيّر المطار في فيربانكس، بألاسكا، اسم أحد المدارج من 1L-19R إلى 2L-20R عام 2009.
عادة ما تصدر الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تحديثاً بموقع القطب الشمالي المغناطيسي كل 5 سنوات.
ولكن هذا التحديث جاء مبكراً، بسبب حركة القطب الأسرع. وقال تشوليات إن حركة القطب الشمالي المغناطيسي "سريعة للغاية".
القفزة المخيفة.. 20 كيلومتراً بالسنة في 19 عاماً
منذ عام 1831، عندما قيست المسافة التي يتحرك بها لأول مرة في القطب الكندي، كان قد تحرك نحو 2300 كيلومتر باتجاه سيبيريا.
ومنذ عام 2000، قفزت سرعته من نحو 15 كم في السنة إلى 55 كم بالسنة.
ووفقاً لدانيال لاثروب، عالم الفيزياء الأرضية بجامعة ماريلاند، والذي لم يكن عضواً في الفريق الذي يراقب حركة القطب الشمالي المغناطيسي، يعود سبب ذلك إلى الاضطراب في اللب الخارجي السائل للأرض.
إذ إن هناك محيطاً ساخناً من الحديد والنيكل السائلين في لب الكوكب، حيث تولد الحركة مجالاً كهربائياً.
هل ينقلب المجال المغناطيسي؟
يقول لاثروب: "إنه يمر بتغيرات مشابهة لتغيرات الطقس، يمكننا أن نطلق عليه الطقس المغناطيسي".
ولكن القطب الجنوبي المغناطيسي يتحرك بوتيرة أبطأ بكثير من الشمالي.
وبشكل عام، يزداد المجال المغناطيسي الأرضي ضعفاً، وهو ما يدفع العلماء إلى القول إنه سينقلب في النهاية، إذ ستتغير قطبية القطبين الشمالي والجنوبي مثلما ينقلب قضيب المغناطيس.
حدث ذلك مرات عديدة في تاريخ الأرض، ولكن ليس في الـ780 ألف سنة الماضية. وقال لاثروب: "السؤال هو: متى سوف تتغير، وليس ما إذا كانت ستتغير أم لا".
ويقول الخبراء إنّ تغير القطبية ليس شبيهاً بقلب عملة معدنية، بل سيستغرق الأمر 1000 عام أو أكثر.