عزيزي محب الطبيعة، يجب عليك أن تكون مستعداً، فنحن في انتظار حدث فلكي غير مألوف هذا الأسبوع! إذ ستمطر السماء زخة شهب من 120 شهاباً في الساعة بألوان زاهية.
تصل زخّة شهب التوأميات (غيمينيد-Geminids) إلى ذروتها في صباح الـ13 والـ 14 من ديسمبر/كانون الأول لعام 2018، لكن إذا توجهت بنظرك إلى أعلى في أي وقت فسترى السماء صافية في الليل حتى الـ17 من ديسمبر/كانون الأول، وقد تتمكن من إلقاء نظرة خاطفة على أحد شهب غيمينيد.
تعتبر أمطار شهب غيمينيد من الأحداث الفلكية غير المألوفة، نظراً لأنها واحدة من اثنتين من زخّات النيازك التي يرجع سببها بالتأكيد إلى أحد الكويكبات (تتسبب المذنبات في معظم زخّات الشهب الأخرى).
إذ تمر الأرض عبر سحابة من الحُطام (المخلفات الفضائية) المتناثر الذي يعود لكويكب يُسمى "3200 Phaethon" في ديسمبر/كانون الأول من كل عام.
ويعود سبب العرض الناري المصاحب لأمطار الشهب إلى تبخر الحُطام عند ارتطامه بالغلاف الجوي للأرض، وذلك بعد أن ظل سابحاً عبر النظام الشمسي مدة طويلة مقدارها 4.6 مليار سنة.
تجدر الإشارة إلى أن أمطار شهب غيمينيد ينتج عنها 120 شهاباً أو أكثر في الساعة، تتحرك في الفضاء بسرعة 35 كم في الثانية (22 ميلاً في الثانية) وغالباً ما تكون زاهية الألوان.
وتشير الألوان المختلفة إلى التركيبة الكيميائية الرئيسية التي يتكون منها كل شهاب على حدة. إذ يشير اللون البرتقالي أو الأصفر إلى الصوديوم، والأصفر إلى الحديد، ويشير الأزرق الذي يميل إلى الخُضرة إلى المغنيسيوم، فيما يشير البنفسجي إلى الكالسيوم.
إذا ظهر النيزك باللون الأحمر، فهذا يعني أنه يتكون من ذرات النيتروجين والأكسجين الموجودة في الغلاف الجوي والتي تتوهج نتيجة تعرضها لدرجات حرارة عالية للغاية بسبب الغبار الفضائي الذي يصطدم بها بسرعة عالية.
عن الكويكب
يمتلك كويكب "3200 Phaethon" مداراً يختلف كثيراً عن العديد من الكويكبات الأخرى. إذ يدخل 3200 Phaethon حزام الكويكبات عند نقطة ما تقع بين مدارات كوكبي المريخ والمشتري، يبعد حوالي 360 مليون كم عن الشمس (للتوضيح، تبعد الأرض حوالي 150 مليون كم عن الشمس) أي أن نقطة دخوله إلى حزام الكويكبات تعد أبعد نقطة عن مركز النظام الشمسي يصل إليها هذا الكويكب.
أما بالنسبة لأقرب نقطة له من مركز النظام الشمسي، فنجد أنها تقع على بعد 21 مليون كيلومتر، أي أنه يُعد -وفقاً للمقاييس الفلكية- على مرمى حجر من الشمس.
وهنا، يمكن أن يتعرض الكويكب لدرجات حرارة تزيد على 750 درجة مئوية.
يعتبر 3200 Phaethon قصيراً للغاية؛ إِذْ يصل طوله إلى 5.8 كم. ويمر عبر مدار الأرض، ولذا فهو مُصنّف على أنه جُرْم قريب من الأرض (NEO).
لكن ليس من المُرجح على الإطلاق أن يضرب الأرض: ولن يحدث أي تقارب بينهما مرة أخرى حتى عام 2093، إذ ستفصل بينهما حينها مسافة تصل تقريباً إلى 8 أضعاف المسافة بين الأرض والقمر.
إذا ضربنا الكويكب بالفعل بعد حلول عام 2093، فسوف يتسبب في أضرار كبيرة، لكن من غير المُحتمل أن يتسبب في دمار يصل إلى حد الانقراض.
وتشير التقديرات إلى أنّ الكويكب أو المذنب الذي لعب دوراً في القضاء على الديناصورات كان طوله يتراوح بين 10 و15 كيلومتراً.
كما أنّ التفاوتات الحادة في درجة الحرارة التي تعرض لها 3200 Phaethon، بالإضافة إلى كون اليوم على سطحه قصيراً جداً إِذْ يصل إلى 3.6 ساعة فقط، ومواجهته المتكررة والمنتظمة للشمس من مسافة قريبة تسببت في أن يتخلص الكويكب من الغبار والحطام بمعدل كبير لدرجةٍ يمكن معها ملاحظة أذيال الغبار.
قاد هذا وغيره من الملاحظات بعض علماء الفلك إلى وصف هذا الجِرْم على أنه مذنب أو "مذنب صخري"، وهو عبارة عن جرم سماوي يقع بين الكويكبات والمذنبات.
في الواقع، بدأ العلماء لتوِّهم فهم الفارق بين المذنبات والكويكبات. في الماضي، اعتقد العلماء أن المذنبات عبارة عن أجسام دخيلة جاءت من الأطراف البعيدة للنظام الشمسي، كانت مضطربة بعض الشيء واجتذبتها جاذبية الشمس نحو الداخل.
من ناحية أخرى، كان يُعتقد أن الكويكبات قد تشكّلت إلى جانب الكواكب، وانتهى بها الأمر على حدود النظام الشمسي الداخلي والخارجي.
يقع معظمها داخل حزام الكويكبات، ولا يزيد مجموع كتلتها على حوالي 4% من كتلة القمر تقريباً.
في حين يُشار غالباً إلى 3200 Phaethon على أنه كويكب، يبدو أنه كلما عرفنا أكثر، صار التمييز بين مصطلحَي الكويكب والمذّنب أقلّ أهمية وغيرَ ذي صلة.
من الناحية الفنية، هذه المصطلحات عفا عليها الزمن بالفعل، لأنه في عام 2006، عندما أعاد الاتحاد الفلكي الدولي (IAU) تصنيف بلوتو على أنه كوكب قزم، قرّر أيضاً أن "جميع الأجسام الأخرى، عدا الأقمار، التي تدور حول الشمس، سيُشار إليها مجتمعة باسم أجسام النظام الشمسي الصغيرة".
يزيل هذا الأمر الحاجةَ إلى كلمات مثل الكويكب والمذنب من الأساس، لكنها بالطبع لا تزال قائمة ضمن المفردات العلمية والعامة.
كيف تشاهد الشهب؟
من الأفضل رصد الشهب من مكان مظلم يمنح رؤية واضحة للسماء – مثل فناء خلفي أو منتزه محلي، والأفضل من ذلك رصدها من الريف. قد يستغرق الأمر ساعة على الأقل، لزيادة فرصتك في رؤية واحد منها.
ففي أي وقت تشاهد فيه السماء، إذا صادف ورأيت شهاباً ضخماً لامعاً يستمر لعدة لحظات -يُعرف باسم كرة النار– يمكنك إبلاغ العلماء عنه حتى يتمكّنوا من متابعته.
إذا كانت القطعة الصخرية -التي تسببت في كرة النار- كبيرةً بما فيه الكفاية، فقد يتمكن بعضها من الوصول إلى الأرض، لتصبح حجراً نيزكياً.
ونتيجة لكل التقارير التي يجري الإبلاغ عنها، سيكون من الأسهل العثور على بعض الأجزاء المتبقية من الصخور الفضائية لدراستها.
دوّن الوقتَ الذي شاهدت فيه كرة النار، والاتجاهَ الذي سارت فيه وأيَّ معلومات أخرى ذاتَ صلة. وإذا صادف والتقطت صورة أو مقطع فيديو، فسيكون هذا أفضل، وفق مجلة Sciencealert الأسترالية.
تعتبر هذه التقارير ذات قيمة كبيرة، نظراً لأنها تساعد العلماء في شتى المجالات: فقد تساعد علماء الفلك على تحديد الأجرام القريبة من الأرض، وتساعد علماء الجيولوجيا وعلماء الكواكب على معرفة المزيد عن تكوين نظامنا الشمسي.
أو يُمكنك مشاهدة البث الحي عبر هذا الفيديو في تمام الـ1.30 بتوقيت غرينتش في يوم الـ15 من ديسمبر/كانون الأول 2018.