"كان يا ما كان في قديم الزمان، ملك وملكة يعيشان بسعادة وهناء داخل قصرهما، إلى أن تدخلت إحدى الجنيات وأصابت ابنتهما الأميرة بلعنة جعلتها تنام 100 عام"، هذه هي قصة الأميرة النائمة التي قرأناها ونحن أطفال.
ولكن ماذا عن الأميرة النائمة الحقيقيّة التي تعيش بيننا في زمننا الحالي؟
قصة الأميرة النائمة الحقيقية
حسب صحيفة The Daily Mail البريطانية، تدخل طالبةٌ جامعيةٌ في نوم عميق يسميها الأطباء حالة من "الموت المؤقت" تستمر لشهرين في كل مرةٍ.
وذلك بسبب مرضٍ عصبي نادر للغاية يصيب واحداً من كلِّ مليون شخص.
الطالبة جين باتلر، البالغة من العمر 19 عاماً، نامت خلال عيد الشكر وعيد الميلاد في العام الماضي 2017 بعد تعرضها لنوبةٍ حادةٍ.
متلازمة الأميرة النائمة
تدرس جين الرقص، وهي مصابةٌ بمتلازمة كلاين-ليفين، وهي حالةٌ تُعرَف عادةً بـ "متلازمة الأميرة النائمة"؛ لأنها تضع من يعاني منها في حالة نومٍ عميقٍ.
ورغم اسم المتلازمة، تقول جين إن الأمر أبعد ما يكون عن الحكايات الخرافية، وإنه "ليس هناك أي جمالٍ" في المرض غير القابل للعلاج.
وخلال النوبات تنام جين، ابنة مدينة ثاوزند أوكس بولاية كاليفورنيا الأميركية، لــ18 ساعةً يومياً، وتعاني من كوابيس مخيفة.
وحين تستيقظ لا تكون في وعيها الكامل، وبالكاد تستطيع أن تترنَّح في خمولٍ وصولاً للحمام، أو أن تأكل شيئاً قبل أن تغط في النوم مرةً أخرى.
أصابت النوبة المراهقة جين لأول مرةٍ في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، واستمرت معها إلى ديسمبر/كانون الأول، ما يعني أنها فوَّتت عيد الشكر وعيد الميلاد.
ثم أصابتها النوبة مرةً أخرى في يونيو/حزيران 2018، ما فوَّت عليها حفلتَي رقص وامتحاناً في الجامعة.
واستمرت النوبة معها خلال شهر يوليو/تموز، ولم تستعد عافيتها قبل أغسطس/آب العام الحالي.
حياتي بعيدة كل البعد عن حياة الأميرات
وقالت جين التي شُخِّصَت حالتها رسمياً بالإصابة بمتلازمة كلاين-ليفين: "يُعرّف الناس المتلازمة باسم متلازمة الأميرة النائمة، لكنه بعيدٌ كل البعد عن حياة الأميرات".
وأضافت: "خلال النوبة لا تكونين الأميرة الجميلة النائمة، لا شيء جميلٌ في المرض".
وتابعت: "حين لا أكون مصابةً بالنوبة أكون على طبيعتي تماماً، أكون طالبةً جامعيةً، وأعيش حياتي اليومية".
"أما خلال النوبات، يخرج الأمر عن السيطرة تماماً، أغلب الوقت أنام لـ18 ساعةً يومياً، وأحياناً أكثر".
وأضافت: "حين أستيقظ لا يكون ذهني صافياً إطلاقاً، لا أكون واعيةً، في الماضي كان الأمر يستغرق شهراً إلى شهرين لأتعافى تماماً من النوبة".
الطالبة جين باتلر أكّدت أن ذهنك يكون مشوَّشاً تماماً لفترةٍ فيما تحاول استجماع ما فاتك.
إذ من الجنوني التفكير في أنك حتى لو لم تكن موجوداً مع العالم، لو كنت نائماً لشهرٍ، فكل ما حولك سيستمر في المسير، لن يتوقف أحدٌ لأجلك.
قدرة خارقة قبل الدخول في النوبة
أكّدت جين أنها تشعر بأنها على وشك الدخول في نوبةٍ قبل حدوثها بنحو أسبوعٍ؛ لأن كل حواسها "تخفت نوعاً ما".
تخفُّ قدرة جلدها على الإحساس، ما يعني أنها قد تأخذ حماماً ساخناً أو ترتشف كوباً من الشاي الساخن للغاية دون أن تشعر بالحرارة.
وأضافت جين الطالبة بجامعة كاليفورنيا: "أبدأ الإحساس بشعورٍ غريبٍ جداً ثم أفقد فجأةً القدرة على الرؤية".
"أقف أمام المرآة وأنا أضع مساحيق التجميل في الصباح، ولا أكون قادرةً على رؤية وجهي".
وأضافت، كما يفقد جسمي الشعور بالحرارة، إذ بإمكاني أن أشرب كأس شاي ساخناً دون أن أشعر بذلك أو أن آخذ حماماً ساخناً جداً أيضاً دون أن أشعر بالحرارة".
تصيب واحداً من بين كل مليون شخص
وقال موقع مؤسسة كلاين-ليفين على الإنترنت، إن هذه المتلازمة تُصيب واحداً من بين كل مليون شخصٍ حول العالم.
قد تستمر النوبة لأيامٍ، أو أسابيع، أو لشهورٍ، وهي دورية، وقد تستمر في الحدوث دورياً لعقودٍ أو ربما أكثر.
وأضافت: "لا يكون المرضى قادرين على الذهاب للمدرسة، أو العمل، أو الاعتناء بأنفسهم، ويكون أغلبهم طريحي الفراش، ومتعَبين، وغير قادرين على التواصل حتى حال يقظتهم".
حلمي أن أحترف الرقص وأعتلي خشبة المسرح كل ليلة
أكّدت جين أنها تحلم باحتراف الرقص واعتلاء خشبة المسرح كل ليلة.
لكنها فُصلت من الدراسة العام الماضي، إذ كان من المفترض أن تشارك في حفلين مختلفين، لكنها لم تستطع المشاركة.
كما أنها تعاني من مشكلة فقدان اللياقة بسبب بقائها وقتاً طويلاً مستلقية على السرير.
وقد وُصِفَت لها المُنبِّهات من قبل لتحسين قدراتها الإدراكية بُعيد النوبات، لكنها لم تأتِ بالنتيجة المرجوة.
وهي الآن تتحدث لنشر الوعي حول المتلازمة، سعياً لتأمين وصول الآخرين الذين يعانون من الأعراض إلى التشخيص الصحيح.
تقول أسطورة الأميرة النائمة إن الجنية الطبية جعلت كل مَن في القصر ينامون مع الأميرة حتى لا تفزع عندما تستيقظ من نومها، وأن من سيوقظها أميرٌ وسيم.
فهل بإمكان الجنيّة الطيبة يا تُرى أن تساعد الأميرة النائمة الحقيقيّة على استعادة حياتها الطبيعية؟