36 ساعة فقط هي الوقت المستلزم لانتقال عدوى مرضية من قرية واحدة إلى أي دولة في العالم. تهديد وبائي شامل حذر مسؤولون وقادة أعمال مثل بيل غيتس منذ زمن، من أن العالم غير مستعد لمواجهته.
وتقوم حالياً مبادرة برئاسة المدير السابق لمركز مكافحة الأمراض والوقاية الأميركي، توم فرايدن، بتطوير أداة تسلط الضوء على الفجوات الموجودة في الجاهزية والإجراءات التي يمكن أن تتخذها الدول والمنظمات لسد تلك الفجوات.
ويمنح الموقع الإلكتروني الجديد، PreventEpidemics.org، مجموعة نقاط لكل دولة ويستخدم أكواداً ملونة لتصنيف دول العالم وفقاً للمستويات الخمسة للجاهزية والاستعداد للأوبئة:
1- استعداد أفضل
2- بحاجة لمزيد من العمل
3- غير جاهز
4- في تَقَدّم
5- غير معروف
وتظهر الخريطة أن الإمارات هي الدولة الوحيدة من ضمن الدول المستعدة للتعامل مع كارثة بيولوجية، بينما تظهر السعودية وتونس والجزائر ولبنان في خانة الدول التي تحتاج إلى مزيد من العمل والتحضيرات. تتقدم دول عربية أخرى ببطء مثل مصر والأردن وليبيا، لتغيب أي معلومات عن ما تبقى.
وذكر فرايدن، المدير التنفيذي لمؤسسة Resolve to Save Lives، التابعة لمنظمة Vital Strategies غير الربحية للصحة العامة بنيويورك: "مهمة هذه الأداة هي تعريف الناس بمواضع الفجوات وما ينبغي القيام به لمواجهتها".
يمكن أن تنتشر الأمراض المعدية من أي قرية إلى أي دولة من دول العالم خلال نحو 36 ساعة. وهناك حوالي 100 مرض يتفشى يومياً حول العالم. ومع ذلك، يوضح الموقع الإلكتروني أن معظم البلدان لم تتخذ الخطوات اللازمة للاستعداد لمواجهة تلك المخاطر.
افتقار أنظمة الرصد والإبلاغ أكبر العقبات
وتتضمن تلك الفجوات الافتقار إلى أنظمة الرصد التي يمكن أن تحدد موقع البلاغات الصحية غير المعتادة الصادرة عن المستوصفات المحلية أو عدم كفاية مستكشفي الأمراض المدربين الذين يستطيعون الانتشار بسرعة في حالة الإبلاغ عن أي مخاطر صحية جديدة.
وتستند مجموعة النقاط، من صفر إلى مائة، إلى البيانات القائمة من عمليات تقييم مدى الجاهزية لمواجهة الأوبئة، وهي البيانات التي طورتها منظمة الصحة العالمية في أعقاب انتشار وباء الإيبولا عام 2014.
وتتواصل عمليات التقييم تلك منذ عام 2016، ولكن يصعب العثور على البيانات المدرجة بها رغم عدم سريتها. ويرى الخبراء أن العمليات المستقلة والمنتظمة لرصد وتتبع الأوبئة تمثل أساس الوقاية من المخاطر البيولوجية على جدول أعمال زعماء العالم السياسيين.
فمنع تفشي الأمراض في منبعها ينقذ البشرية
وذكر توم إنكليزبي، مدير مركز جونز هوبكنز للسلامة الصحية لصحيفة Washington Post، أن هذه الأداة "تسلط ضوءاً أكثر وضوحاً" على نتائج تلك التقييمات بأسلوب يمكن أن "يساعد في جذب اهتمام الزعماء السياسيين والجهات المانحة". وقال إن الفجوات التي تم تحديدها يسهل على الجهات المانحة فهمها ومواجهتها.
ويرى مسؤولو الصحة العالمية أنه من المهم أكثر من أي وقت مضى أن يتم منع تفشي الأمراض من المنبع قبل أن تتحول إلى أوبئة. ففي الولايات المتحدة، يشعر العديد من الخبراء بالقلق بشأن عدم التزام إدارة دونالد ترمب بالحفاظ على معدلات التمويل القوية (575 مليون دولار) لجهود مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها من أجل درء الأمراض المعدية كجزء من المبادرة العالمية للسلامة الصحية.
6% فقط من سكان العالم مستعدّون
ويعيش 430 مليون نسمة أي 6% فقط من سكان العالم في البلدان التي تعد أكثر استعداداً وجاهزية لمواجهة الأوبئة وفقاً لمجموع نقاطها (وتتضمن تلك البلدان أستراليا وبلجيكا وفنلندا وعمان وكوريا الجنوبية وسلوفينيا والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية). بينما يتجاوز مجموع نقاط هذه البلدان الملونة باللون الأخضر 80 نقطة، إلا أنه لا توجد دولة واحدة استكملت جميع الخطوات التي يُنصح بها، بما في ذلك وضع خطة لمواجهة الفجوات في تمويل وتنفيذ الخطة.
ومع ذلك، لم تتطوع أكثر من 60% من البلدان، بما يمثل نحو خمسة مليار نسمة، لإجراء عمليات تقييم الجاهزية لمواجهة الأوبئة، بما في ذلك معظم بلدان أوروبا وروسيا والصين والهند وكافة دول أميركا الجنوبية.
إفريقيا أكثر القارات استيفاء للشروط
وتتصدر إفريقيا جميع قارات العالم من حيث عدد الدول التي استوفت تلك التقييمات. ومع ذلك، تعد معظم تلك البلدان، الملونة باللونين الأحمر والأصفر بموقع منع وقوع الأوبئة الإلكتروني، غير مستعدة (أحمر) أو لديها إجراءات ينبغي اتخاذها (أصفر) للاستعداد لمواجهة الوباء التالي.
ويُقصد باللون الرمادي الفاتح أن عملية التقييم جارية دون توفر أي بيانات، بينما يقصد باللون الرمادي الغامق أن المعلومات غير متوفرة.
بنهاية العام 2018، ستكون هناك 100 دولة قد خضعت لتلك التقييمات الصارمة، وهو الأمر الذي يعتبره فرايدن إنجازاً فعلياً يشير إلى مدى التزام البلدان بتحقيق التقدم في هذا المجال.
وقال فرايدن "يعد التقدم نحو تقييم تلك الفجوات ممتازاً، ولكن التقدم نحو إصلاحها ليس جيداً".
وتعد نيجيريا، التي تكافح تفشي أمراض الحمى الصفراء والجدري وفيروس لاسا، الذي يتسبب في حمى نزفية مميتة تشبه الإيبولا، إحدى البلدان غير الجاهزة وفقاً لمؤشر موقع منع انتشار الأوبئة الإلكتروني.
وتساعد مجموعة فرايدن نيجيريا على تحسين رقابتها على الأمراض من خلال توفير أجهزة الحاسب الآلي والعاملين لوزارة الصحة حتى يحصل فريق الكشف بالوزارة على بيانات أفضل.
في محاضرة TED لبيل غيتس العام 2015، قال للحاضرين: "عندما كنت طفلاً، كانت الكارثة التي كنا نشعر بالقلق منها أكثر من غيرها هي حرب نووية.. لكن اليوم إذا كان شيء ما سيقتل أكثر من 10 ملايين شخص في العقود القليلة المقبلة، من المرجح أن يكون فيروساً شديد العدوى وليس حرباً. ليست صواريخ، ولكن ميكروبات".