لا داعي لأن توقف اشتراكك في النادي الرياضي خلال شهر رمضان، فالعضلات التي تعبت طوال أيام السنة لتكوينها يمكن المحافظة عليها والسيطرة على وزنك في آن معاً؛ لو اتبعت نظاماً معيناً لا يمكن تطبيقه إلا في شهر الصوم.
نعم يحتاج الجسم إلى سعرات حرارية؛ ونعم تنعدم هذه السعرات خلال نهار الصوم، لكن توقيت الرياضة ونوعية الإفطار والسحور هي الخلطة السحرية للاستفادة من الشهر.
هل يمكن أن نستكمل ممارسة الرياضة أثناء الصوم كما قبله؟ أخصائي التغذية الرياضية الفرنسي سيرج بيترز يجيب صحيفة l'equipe الفرنسية ويوضح التعديلات التي يحتاجها الجسم الرياضي، خصوصاً في أيام الصيام الحارة والطويلة.
التكيف مع الجوع والعطش.. تحدي الأسبوع الأول
عادة ما يكون الأسبوع الأول من الصوم الخطوة الأصعب لأنه الجسم يتعرض فجأة لتغييرات غذائية. وعلينا في مرحلة أولى أن نتعلم كيف نفهم أنفسنا وأجسامنا بشكل جيد.
وفي هذا السياق، أورد الأخصائي سيرج بيترز أنه "على الرياضي أن يكون قادراً على الإحاطة بقدراته الجسدية وأن يعلم أن رمضان سيخلق له صعوبة إضافية. علاوة على ذلك، يجب عليه تعلم كيفية التكيف مع شعوره بالجوع ولا سيما بالعطش".
لذلك يجب على الشخص التعود على شرب الماء بانتظام خلال الليل. وفي حال شرب المرء الكثير من السوائل غير الماء أثناء وجبة واحدة، فإنه لن يكون لهذه العملية أي تأثير إيجابي على ترطيب الجسم. وتعليقاً على ذلك، يقول بيترز "سيكون لدى هذا الشخص ميل للتبول بعد وقت قصير من الشرب لأن الجسم لم يتمكن من امتصاص هذه الكمية من السوائل".
وأضاف، "من الضروري تزويد الجسم بأكبر كمية من المياه ولكن بجرعات صغيرة ومتكررة. من الناحية النظرية، يجب شرب 15% من المياه التي يخسرها الجسم أثناء التمارين، لذلك من الضروري شرب كميات كبيرة على امتداد الليل. فعلى سبيل المثال، إذا كان الشخص سيُمارس رياضة الجري لمدة ساعة واحدة في اليوم الموالي، فعليه شرب لترين من الماء ليلاً".
بعيداً عن الجهد البدني، يجب على الرياضي حماية نفسه من خطر ارتفاع درجات الحرارة، تجنباً للإصابة بضربة شمس؛ كالهرولة في مناطق تتوفر فيها الظلال بدلاً من الركض على الإسفلت تحت أشعة الشمس.
ونصح بيترز بارتداء قبعة أو وضع قطعة قماش مبلل على الرأس و تبريد الوجه بين الفينة والأخرى. وعلى الرياضي المحترف أن يدخل بعض التعديلات على جدول تدريباته أو منافساته المقبلة.
السيطرة على السكر في الدم بتخفيض المجهود
تخفيض الجهد البدني المبذول في رمضان يُساعد على الحد من الشعور بالعطش، والتعرض لانخفاض مفاجئ لنسبة السكر في الدم. يُعلق بيترز على ذلك قائلاً، "إذا بذل الرياضي جهداً تتراوح شدته بين 70 و75% من الحد الأقصى لمعدل سرعة خفقان القلب، فعليه الانتباه لمخاطر انخفاض مستوى السكر في الدم". في هذه الحالة، من الممكن أن تعجز أقدام الرياضي عن مواصلة تمرينه وقد يسقط ضحية "الجوع الشديد".
لتجنب هذه المضاعفات، من الضروري ملاءمة الجهد البدني مع الصوم، من خلال اللجوء إلى الحركات أو التقنية أو التكتيك بدلاً من الجهد المكثف، الذي قد يسبب "الجفاف" أو نقص السكر في الدم.
تغيير مواعيد التمرين بما يتناسب والصيام
خلال الفترة التي تكون فيها الليالي الرمضانية قصيرة، من المهم العمل على موازنة الجهود الرياضية. وفي هذا الإطار، ينصح الأخصائي بيترز بممارسة الرياضة في 3 أوقات رئيسية لا تعرض صحة الفرد للخطر.
1- بعد السحور: استغلال طاقة الوجبة وتجنب أشعة الشمس
أشار بيترز إلى أنه "من المستحسن القيام بالرياضة بعد موعد السحور. ويُفسر ذلك بأن هذه الوجبة تمد الجسم باحتياطات غذائية تكفيه للقيام بالنشاط الرياضي. وعادة ما تكون درجات الحرارة منخفضة أو متوسطة في هذا الوقت من اليوم، الأمر الذي يستبعد الإصابة "بالجفاف".
2- قبل موعد الإفطار بقليل
يعد المساء، وتحديداً قبل الإفطار، من أبرز الأوقات المحبذة لممارسة التمارين. وأوضح بيترز: "إذا مارس الشخص رياضته خلال الفترة الممتدة بين الساعة السادسة إلى الساعة الثامنة والنصف مساء مثلاً، فإنه يبتعد عن الفترة التي ترتفع فيها درجات الحرارة مع اقتراب موعد الإفطار الذي سيُزود فيه جسمه بالمغذيات اللازمة بعد التمارين مباشرة".
3- ما بين الإفطار الخفيف والوجبة الثانية
يفطر البعض على وجبة طعام خفيفة، كالتمر أو غيرها من الفواكه والسلطات، ثم يذهبون لممارسة النشاط البدني بعد حوالي ساعة واحدة من ذلك. ولاحقاً، يحين دور تناول وجبة الفطور الأساسية.
ويؤكد الأخصائي أن "هذا الوقت يتلاءم كثيراً مع التمارين الفردية، نظراً لأن مواعيد التدريبات داخل النوادي محددة وليست اختيارية". ومن مزايا هذا التوقيت أنه يسمح للرياضيين بالأكل والشرب قبل وأثناء وبعد الرياضة.
وأخيراً، النصيحة الدائمة بالابتعاد عن هذه المأكولات
ومن النصائح الإضافية التي تساعد الجسم على استعادة قوته وطاقته هي الراحة والقيلولة خلال النهار لتعويض الساعات التي يسهرها الصائم ليلاً، وإعطاء العضلات فرصة للتعافي.
وأخيراً، نصح الأخصائي بالالتزام بطريقة تقسيم الأكل بعد الإفطار، مشدداً على ضرورة اعتماد نظام غذائي صحي، والابتعاد عن المأكولات الغنية بالدسم والحلويات. إلا أنه قال: لا يعني أن يحرم المرء نفسه منها بل أن يتناولها باعتدال".