لأكبر دول إفريقيا –الجزائر- ساحل ذو جمال طبيعي يحاذي البحر الأبيض المتوسط، كما تزهو بمرتفعاتها الخضراء الخصبة وقممها الجبلية المكسوة بالثلج، فضلاً عن كثبان رمالها الذهبية في صحرائها الشاسعة جنوباً.
وعلى عكس جارتيها تونس والمغرب، لا تشهد الجزائر إقبالاً سياحياً كثيفاً، إلا أنها دولة ذات جمال نادر، فهي بحد ذاتها قارة بأكملها تستحق الاستكشاف.
صحيفة واشنطن بوست الأميركية أوردت مقالاً تعريفياً بجمال هذه البلاد ومفاتنها للزوار، نصحت فيه محبي الواجهات البحرية والجولات التنقلية بالباصات والمنتجعات الساحلية بأنهم سيجدون كل ما يبحثون عنه فيها؛ وكذلك لو كنتم تتخيلون الذهاب إلى مكان للنوم في العراء تحت نجوم سماء الصحراء والتجول في عزلة عبر الآثار الرومانية والانبهار بأجمل مناظر شمال إفريقيا، فإن في الجزائر كل ما تطلبون وأكثر.
الجزائر.. العاصمة البيضاء
مما كتبته الروائية من العصر الفيكتوري إيديث وورتون عن الجزائر العاصمة: "لا تضاهيها مدينة قط في موقعها الراقي"؛ فهذه مدينة ذات جمال نادر وتناقض مثير ينسيك نفسك ومكانك.
وتظهر مباني المدينة تاريخ البلاد، من خلال الشوارع الفرنسية عريضة البناء إلى الشقق والقصور العثمانية والمعالم المتبقية من الحقبة الاشتراكية، وحتى قلب المدينة الإسلامي العريق المتجلي في قلعة القصبة المبنية على منحدر تل، تلك القلعة التي دخلت سجل اليونسكو للتراث العالمي، ناهيك عن القلب الاقتصادي للمدينة في ساحات أسواقها، وبيوتها التي ترجع للعصور الوسطى، ومقاهيها التي يكتنفها سحر غامض.
شوارع المدينة متاهات تنتهي دروبها في زرقة خليج الجزائر؛ ثلاثةٌ ترافقك في كل خطوة: البحر والسماء وشجيرات البوغنفيلية (نبات الجهنمية ذو الأزهار فوشية اللون). ليست مدينة الجزائر مجرد تجمعٍ للمعالم الأثرية والمتاحف وحسب، بل هي مكان جدير أن تضيع فيه وتنسى نفسك وتتغلغل في طياته وزواياه. قد تستنفد المدينة صبرك أحياناً، وقد تحبس لك أنفاسك، فهذه المدينة البيضاء هي للكثيرين أجمل مدن شمال إفريقيا وأبهاها.
مدن ساحلية
على بعد نصف ساعة بالسيارة غربي مدينة الجزائر تقع بلدة تيبازة الساحلية النابضة بمنتجعاتها وآثارها الرومانية التي تقف في مواجهة البحر والتي يمكنك حقاً التمتع بخلوة في حضرتها وحدك فعلياً في أي يوم تشاء.
أمَّا وهران فتتمتع بقلب أخَّاذ ذي طابع فرنسي بقي من زمن الاستعمار، لكن تراث المدينة الإسباني هو الآخر بادٍ ظاهرٌ في أقدم معالم المدينة. إطلالتها البحرية أشبه بمشهد درامي في فيلم، وفنادقها ممتازة في تنوعها وخياراتها التي تضم فندق رويال الفخم.
وأما مدينة بجاية، فهي التي شهدت اختراع الشموع قبل قرون خلت، في منطقة القبائل، تشرف بإطلالتها على البحر الأبيض المتوسط ومشهد زرقته وأشجار صنوبره وهوائه. من كل بد عليك تخصيص بضعة أيام لتمكث هناك وتكتشف تلك الشواطئ بحلتها وتلالها وغابات جبالها وينابيعها وشلالاتها المخبأة عن الأعين في منطقة القبائل الشاسعة.
مجاهل غير مكتشفة
تعمّق في الداخل الجزائري وغُص فيه حتى تصل المرتفعات كثيفة الخضرة وعالية القمم الجبلية، حيث المحميات الطبيعية تقدم لزوارها عشاق التجوال كل ما في جعبتها من مسارات تتنوع في مشقتها.
بسكرة هي بوابة الصحراء؛ هي واحة سحرية التجأ إليها المستشرقون لينهلوا منها الإلهام لفنهم، ويغذوا بدوحها خيالهم الإبداعي.
أما ما وراء بسكرة، فهناك تمتد وتمتد الكثبان الرملية بسحرها الغامض؛ إنها الصحراء الكبرى التي تشكل 80% من مساحة الجزائر.
ننصحكم باستقلال طائرة مباشرة من الجزائر العاصمة إلى واحدة من سفاري الصحراء المنظمة تنظيماً جيداً. جبال هقار وتمنراست وغرداية والصحاري مترامية الأطراف ذات الصمت المطبق جميعها بانتظار أفواج السياح.