من بين أبرز المشاهد التي عرضها الفيلم الأميركي حرب النجوم الجزء الخامس The Empire Strikes Back، المشهد الذي جمع لوك سكاي ووكر ويودا أثناء تدريبه ليصبح عضواً في "الجيدي".
وقد قام يودا بتجسيد إمكانات "قوة الطاقة" من خلال رفع المقاتل إكس-وينغ من أحد المستنقعات، وعندما شاهد لوك ذلك، لم يستطع تصديق ما حدث فقال "هذا أمر مستحيل"، فأجابه لودا "وهذا هو سبب فشلك" وكالعادة، كان يودا على حق فالثقة طاقة بحد ذاتها تصنع المعجزات.
النسخة الأميركية من موقع "هاف بوست" نشرت تقريراً ربطت فيه بين دعم العلم نفسه لمسألة التمتع بالثقة وأثرها على الفرد، جاء فيه "هناك العديد من الدراسات التي أثبتت أن الثقة هي المفتاح الحقيقي للنجاح".
إذ اكتشف الباحثون من خلال دراسة عنيت بفهم الفجوة بين إمكانات النساء والرجال في مادة الرياضيات والمهارات التي تستوجب تحليل العلاقات المكانية، أن الثقة في النفس تلعب دوراً كبيراً في تحديد مستويات التفوق لدى كلا الجنسين.
فالنساء اللاتي طلب منهن تحديد جنسهن قبل اجتيازهن لاختبار مهارات تحليل العلاقات المكانية كانت نتائجهن ضعيفة، مقارنة بالنساء اللاتي لم يطلب منهن ذلك.
فضلاً عن ذلك، كانت نتائج النساء اللاتي طلب منهن التصرف كما لو أنهن رجال جيدة للغاية، ولكن في العموم، كان أداء كلا الجنسين متميزاً، عندما تم إعلامهم أنهم مخولون أكثر من الجنس الآخر للقيام بهذه المهمة.
ولكن ما يثير الاهتمام أكثر في هذه الأبحاث، هو أن الفجوة بين الجنسين قد اختفت عندما طلب من جميع المشاركين، سواء الرجال أو النساء الإجابة عن جميع الأسئلة.
في المقابل، عندما طلب من النساء تخطِّي بعض الأسئلة قاموا بتنفيذ الأوامر نظراً لتزعزع ثقتهن في أنفسهن.
وفي هذا الشأن، نقل عن الرسام الشهير فنسنت فان جوخ قوله: "في حال سمعت صوتاً بداخلك يقول "لا يمكنك أن ترسم"، عليك بكل الوسائل أن ترسم، وستتمكن من إسكات ذلك الصوت".
وتجدر الإشارة إلى أن هناك فرقاً شاسعاً ما بين الثقة الحقيقية بالنفس والغرور والتعجرف.
في الحقيقة، عندما يثق الشخص في نفسه وفي قدراته، ولكن دون أن يقع في التبجح، سيتجنب بصفة آلية القيام ببعض الأمور.
1. لا يقدمون الأعذار
تتمثل السمة المشتركة بين الأشخاص الواثقين في أنفسهم، في تمتعهم بالكفاءة الذاتية، إذ يؤمنون بأنهم قادرون على فعل أي شيء.
وذلك ناجم عن سيطرتهم الذاتية على مجريات حياتهم، في حين لا يستطيع أي عامل خارجي التأثير عليهم.
ومن هذا المنطلق، نادراً ما تجد شخصاً واثقاً من نفسه يلقي باللوم على حركة المرور لوصوله متأخراً، أو أن السبب وراء عدم حصوله على ترقية يتمثل في انحياز رئيسه في العمل لأطراف أخرى.
عادة لا يتحجج الأشخاص الواثقون في أنفسهم بأعذار واهية لتبرير تصرفاتهم، نظراً لأنهم يدركون ألا أحد يتحكم في توجيه حياتهم الخاصة سواهم.
2. لا يستسلمون
لا يستسلم الأشخاص الواثقون في أنفسهم في بداية الطريق، على الرغم من الصعوبات التي قد يواجهونها، إذ إنهم يعتبرون المشاكل والإخفاقات التي تعترضهم مجرد عقبات، عليهم تجاوزها.
ومن اللافت للنظر أن الإنسان الواثق في نفسه لا يصرُّ على تكرار نفس المحاولة بحذافيرها، بل يسعى لمعرفة الأسباب التي تقف وراء فشله إذا أخفق في شيء ما، وإيجاد حلول كفيلة بمنع حدوث ذلك مرة أخرى.
3. لا يطلبون الإذن من أحد
لا يحتاج الأشخاص الذين يتمتعون بثقة عالية في النفس، إلى شخص آخر ليخبرهم بما يجب القيام به، إذ إنهم لا يضيعون وقتهم في طرح أسئلة غبية على أنفسهم، من قبيل: "هل بإمكاني القيام بذلك؟"، "هل كان من المفترض أن أقوم بذلك؟".
في المقابل، عادة ما يتبادر لأذهان الأشخاص الواثقين في أنفسهم السؤال التالي: "لماذا لم أكن أنا؟" سواء تعلق الأمر بإدارة اجتماع تغيب عنه الرئيس، أو حل بعض المشكلات المعقدة مع أحد العملاء. في الحقيقة، لا ينتظر الشخص الواثق من نفسه أن يكلفه أحد بتلك المهام، بل يقوم من تلقاء نفسه بتحليل الوضع ويتصرف مباشرة لحل المشكلة.
4. لا يسعون لإثارة إعجاب أحد
مما لا شك فيه، أن أغلب الناس لا يحبذون الأشخاص الذين يسعون للفت انتباه الآخرين بأي شكل من الأشكال. خلافاً لذلك، يدرك الأشخاص الواثقون في أنفسهم أهمية أن تكون على سجيتك، بدلاً من أن تحاول أن تثبت للآخرين مدى تفوقك.
غالباً ما يعكس الأشخاص الواثقون من أنفسهم مواقف سليمة، فضلاً عن ذلك، يتميز هؤلاء الأشخاص بالبراعة في توجيه الاهتمام لغيرهم، فمثلاً إذا تم مدحهم على إنجاز ما، تجدهم يسارعون لشكر الأشخاص الذين عملوا بجد ليساعدوهم في بلوغ مآربهم. بالإضافة إلى ذلك، لا يتوق الأشخاص الواثقون في أنفسهم للمديح أو الثناء فهم يقدرون ذواتهم بأنفسهم.
5. ليسوا في حاجة إلى الثناء المستمر
هل سبق لك أن التقيت شخصاً يحتاج دائماً للثناء من قبل الآخرين وإخباره كم هو شخص رائع؟
في الواقع، الأشخاص الذين يتمتعون بثقة عالية في النفس ليسوا في حاجة لمدح الآخرين لهم، وذلك يرجع إلى سيطرتهم الداخلية على ذواتهم، خاصة أنهم لا يعتقدون أن نجاحهم يتوقف على موافقة الآخرين.
فبغض النظر عن مدى حسن أدائهم، سيضطرون لمواجهة العديد من الانتقادات.
علاوة على ذلك، يدرك الأشخاص الواثقون في أنفسهم أن الأفراد الذين يدعون الثقة بالنفس ويعتمدون على الثناء، هم في الواقع نرجسيون.
6. لا يماطلون
لسائل أن يسأل: لماذا يقوم بعض الأشخاص بالتسويف والمماطلة؟ في بعض الأحيان، قد يكون ذلك ناجماً عن كسلهم، ولكن في أغلب الأحيان يضطرون للمماطلة نظراً لأنهم خائفون، خائفون من التغيير، والفشل، وربما أيضاً من النجاح.
أما الأشخاص الواثقون في أنفسهم فلا يقومون بتأجيل الأمور، وذلك لأنهم يؤمنون بأنفسهم، وبأن كل ما يقومون به سيسمح لهم في نهاية المطاف بتحقيق أهدافهم. ولذلك، من المستبعد أن تشاهد شخصاً واثقاً في نفسه، قابعاً في منازله ينتظر الوقت المناسب أو الظروف المثالية حتى يمضي قدماً لتحقيق طموحاته، إذ إنه يعي جيداً أهمية استغلال الوقت المتاح له حتى يحقق أحلامه.
7. لا يصدرون أحكاماً
في الغالب، لا يطلق الواثقون بأنفسهم أحكاماً على غيرهم، نظراً لأنهم يوقنون بأن لكل شخص مجالاً معيناً يبرع فيه. كما أنهم لا يحطون من شأن الآخرين فقط، لمجرد الشعور بالرضا عن أنفسهم، إذ إنهم لا يضيعون وقتهم في التقليل من شأن الآخرين، والتفكير فيما إذا كان الأفضل من بين الجميع أم لا.
8. لا يتجنبون النزاعات
في معظم الوقت، لا يتجنب الأشخاص الواثقون في أنفسهم الدخول في نزاعات مهما كلفهم الأمر، إذ يعتبرون ألا مهرب لهم من ذلك، ومن المهم أن يتصرفوا بعقلانية وفاعلية.
فضلاً عن ذلك، لا يتنازل الأشخاص الواثقون في أنفسهم عندما يشعرون بأن الحوار غير مُجدٍ، أو أنه تم اتخاذ قرارات خاطئة.
9. لا يسمحون لنقص مواردهم أن يقف عقبة في طريقهم
لا يتراجع الأشخاص الذين يتمتعون بثقة كبيرة في أنفسهم عن إنجاز مهامهم، لمجرد أنهم يفتقرون للمنصب المناسب، أو طاقم العمل المثالي، أو المال الكافي لتحقيق ما يطمحون إليه.
وبالتالي، يسعون دائماً إما للبحث عن طرق للحصول على ما يريدون، أو يكتشفون سبلاً أخرى لتنفيذ رغباتهم من دون الحاجة إلى تلك الموارد.
10. لا يستسلمون للراحة المطلقة
يدرك الأشخاص الواثقون في أنفسهم، أن الركون للراحة يعتبر بمثابة العدو اللدود لتحقيق أهدافهم، إذ إن ذلك قد يؤدي إلى الشعور بالرضا عن النفس، الذي بدوره سيؤدي إلى حالة من الجمود.
ومن هذا المنطلق، يوقن الأشخاص الواثقون بأنفسهم أن شعورهم بالراحة هو مؤشر سيئ. ونتيجة لذلك، يحاولون تجاوز ذلك الشعور والمثابرة لتحقيق نجاحات شخصية ومهنية على حد سواء.
عموماً، يعد تبنِّي سلوكيات الأشخاص الواثقين في أنفسهم أنجع وسيلة لتنمية فرص النجاح في الحياة، وهو ما من شأنه أن ينمي داخلك الشعور بالثقة في النفس.