من دولةٍ أمية إلى ريادة الثقافة والتعليم.. 5 طرق اتبعتها كوريا الجنوبية في نهضتها

ورغم الثورة التعليمية، فهناك أزمةٌ في التعليم، ونقصٌ في التمويل، وأيضاً حاجة إلى الابتكار، كما أن هناك نحو 124 مليون طفل لم يلتحقوا بالمدارس بعد، وهناك بالفعل نحو 250 مليون طفل في المدارس لا يتعلمون شيئاً.

عربي بوست
تم النشر: 2017/02/11 الساعة 00:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/02/11 الساعة 00:23 بتوقيت غرينتش

يُعد التعليم إحدى أقوى وسائل التغلّب على الفقر وعدم المساواة، ويضع أيضاً الأساس للنمو المستدام للدول، كما يرفع الاستثمار في مجال التعليم، معدلات نمو الدخل القومي.

وفي جميع الدول تقريباً -وإن كان بنسبٍ متفاوتة- يتخلّف المستوى الدراسي في صفوف المجموعات الأقل حظاً نتيجة الدخل المنخفض، أو النوع، أو الإعاقة، أو الانتماء العرقي و/أو اللغوي. بالرغم مما يشهده العالم الآن من ثورةً مستمرة في مجال التعليم، بحسب موقع المنتدى الاقتصادي العالمي.

فيما تبلغ أعداد الملتحقين بالمدارس الآن نسبةً أعلى من أي وقتٍ مضى على المستوى العالمي.

ففي عام 1900، كان متوسط مدة الدراسة التي يحظى بها أي شخص أقل من عامين. وأصبح أكثر قليلاً من عامين في 1950، ثم أكثر من 7 أعوام في عام 2000، ويُتوقَّع وصوله إلى 10 أعوام بحلول عام 2050؛ وهي زيادةً تبلغ 5 أضعاف في قرن ونصف القرن فقط.

إذ نجد هذا الطلب المتزايد على التعليم منطقياً من الناحية الاقتصادية، ففوائد التعليم بالنسبة للاقتصاد مرتفعة في العالم بأكمله.

ومع ذلك، ورغم الثورة التعليمية، فهناك أزمةٌ في التعليم، ونقصٌ في التمويل، وأيضاً حاجة إلى الابتكار، كما أن هناك نحو 124 مليون طفل لم يلتحقوا بالمدارس بعد، وهناك بالفعل نحو 250 مليون طفل في المدارس لا يتعلمون شيئاً.

وتتطلب هذه المشكلة بذل جهودٍ قومية وعالمية ضخمة، بينما لا تملك معونات التنمية الكثير لتفعله؛ لأن معظم الإنفاق في مجال التعليم يكون محلياً. وهنا تظهر الحاجة لتخصيص الموارد بشكلٍ أفضل، ولابتكار طرقٍ جديدة ومبتكرة لتوظيفها.

وفي معظم الدوّل، لا تقدّم الأنظمة التعليمية لمنتسبيها المهارات اللازمة لينافسوا في سوق العمل اليوم، لذا يكون من المهم تعليمهم تلك المهارات في وقتٍ مبكر.

دور المعونة الرسمية للتنمية (ODA)



"المعونة الرسمية للتنمية"، هي مصطلح صاغته لجنة معونات التنمية (DAC) التابعة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) لتقدير حجم المساعدات. وفي ضوء العائدات المرتفعة، والفوارق التعليمية البارزة، وعدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس، تُعطى الأولوية للاستثمار في المهارات المتّصلة بسوق العمل.

وتتضمن مهارات حل المشكلات، والتعلّم، والتواصل، ومهارات الإدارة الذاتية، والمهارات الاجتماعية.

ومع ذلك، تكمن المشكلة في أنّ واحداً من كل 4 أطفال بالدول النامية لا يستطيع القراءة، وبالإضافة إلى ذلك، تظل ميزانية المعونة الرسمية محدودة بنحو 160 مليار دولار سنوياً.

ولهذا، يجب تركيز جهود المعونة الرسمية، ودعمها، واستخدامها بطرقٍ مبتكرة. وعلى الاستثمار أن يكون مركّزاً ومدعوماً بالأدلة؛ فنحن بحاجة إلى بدايةٍ جيدة وصحية للتعليم. وهذا مقترن بالاستثمار في مجال تنمية الطفل، وأيضاً في برامج القراءة المبكرة.

إذاً، ماذا يمكننا تعلّمه من نظام تمويل التعليم بكوريا الجنوبية، وتطبيقه في برامج المعونة الرسمية للتنمية؟

إليكم 5 أفكار رائعة من كوريا يمكننا التعلم منها، بحسب ما ذكره تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي:

1- على الدول أن تبني الأساسات بشكلٍ صحيح مثلما فعلت كوريا


ويعني هذا الاستثمار في مجال التعليم الأساسي. فخلال جيلين فقط، انتقلت كوريا من كونها دولةً تعاني أميّة جماعية، إلى قيادة العالم اقتصادياً وتعليمياً. وهي دروسٌ مهمة يجب على بقية العالم اتباعها، وخاصةً الدول التي تعاني انخفاض مهارات القراءة لدى مواطنيها.

ومن ثم، قد تكون إحدى الخطوات زيادة وجود برامج القراءة المبكرة الفعّالة. وهناك برامج غير مكلّفة يمكن تحسين مستوى القراءة بسرعة من خلالها.

ففي مملكة تونغا، أدّت مجموعات النشاط المجتمعي للأطفال إلى زيادة ملحوظة في ارتفاع معدل القراءة، بمعدّل انحراف معياري وصل إلى 0.24 خلال سنة دراسية واحدة، وبتكلفةٍ بلغت 67 دولاراً فقط للطفل الواحد، وفي بابوا غينيا الجديدة، رفع برنامج آخر معدلات القراءة بانحرافٍ معياري بلغ 0.51، بتكلفة 60 دولاراً للطفل الواحد.

فيما تبلغ نتيجة هذه البرامج، طبقاً لعائدات سوق العمل المستقبلي، 5 أضعاف تكلفتها.

2- تمويل الخدمات الخاصة قد يؤدي إلى زيادة المكاسب بتكلفة معقولة



لعشرات الأعوام، دعمت الحكومة الكورية القطاع الخاص على مستوى المدارس الثانوية، وساعد هذا في امتلاكها أحد أنجح الأنظمة التعليمية بالعالم، كما تحظى كوريا بترتيبٍ عالٍ في التصنيفات العالمية لتقييم الطلاب، مثل برنامج تقييم الطلاب العالمي (PISA) التابع لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD).

وفي ضوء نمو القطاع الخاص عبر العالم بأكمله، وخاصةً بالدول النامية، تضاعفت أعداد الملتحقين بالمدارس الخاصة في الدول ذات الدخل المنخفض خلال الـ20 عاماً الأخيرة.

ولأن الخدمات التعليمية لا تٌقدَّم بطريقة واحدة، فإذا دعمت الدول الأخرى قطاعها الخاص في سبيل تحقيق أهداف القطاع العام بمجال التعليم، فقد نصل إلى أهداف المعايير الدولية في وقتٍ أقصر.

3- طرق تمويل مبتكرة


يتطلب تحقيق عائدات مرتفعة بالقطاع الخاص في مرحلة التعليم العالي طرق تمويل مبتكرة، لتسهّل الوصول إليه وترفع معدّل الطلب على الالتحاق بالجامعات، وخاصةً بين الفئات المجتمعية الأكثر فقراً. ويمكن استخدام العائدات المرتفعة في تغطية التكاليف المدفوعة، هذا بالإضافة إلى القروض المشروطة بالدخل والتعاقد على رأس المال البشري.

وتستخدم برامج القروض المشروطة بالدخل مكاسبها المستقبلية لتمويل الإنفاق الراهن في مجال التعليم، وتُعَد كوريا رائدةً في هذا المجال أيضاً، فيما تعمل برامج التمويل المشروط بالدخل على نشر التعليم العالي، وتروّج للعدل بين الفئات المجتمعية. ونظراً لارتفاع العائدات الخاصة في مجال التعليم العالي حول العالم، قد نتعلّم من كوريا تطبيق مثل هذه البرامج التمويلية المبتكرة.

4- الحاجة لتأسيس روابط مع الصناعات لإعطائها المهارات اللازمة للعمال



إذ يُعد التدريب من قِبل جهات العمل أسلوباً فعالاً في كوريا، ولعبت تنمية المهارات دوراً محورياً في التطور الاقتصادي السريع فيها.

ووضخّت كوريا الاستثمارات لتحسين نوعية التدريب المهني بناءً على المهارات المستقبلية الأكثر طلباً، ومن ثم تُشجَّع المدارس على التعاون مع الصناعة. وتلعب جهات العمل دوراً مهماً في دعم تطوير المهارات.

5- استخدام القروض لتمويل التعليم وتدريبات ما بعد المرحلة الثانوية


كيفية تمويل التعليم العالي، هي مثالٌ آخر على دعم التعليم الفني في كوريا. فبمساعدة قرضٍ من البنك الدولي عام 1980 (وبالتحديد من القطاع المختصّ ببرنامج التعليم العالي الفني بقيمة 100 مليون دولار)، أعطت الحكومة الكورية بدورها قروضاً للمؤسسات التعليمية الخاصة في كوريا.

ولم تكن تلك فقط أول عملية للبنك الدولي في مجال التعليم الفني؛ بل كانت أيضاً من أولى الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مجال التعليم. وكان هدف الشراكة تحسين نظام التعليم الفني العالي في كوريا لمواكبة الطلب على عمالة أكثر تطوّراً. ودعم البرنامج 50 جامعة في المجمل.

وخلاف المشاريع السابقة في هذا المجال، أو المشاريع القائمة في فترته الزمنية نفسها، غطى المشروع "قطاع التعليم الفني بأكمله، بشقيه العام والخاص". ومثَّل هذا ابتكاراً غير مسبوق، وما زال يُعد مقاربةً مبتكرة لتمويل المهارات الفنية بعد 36 عاماً من تنفيذه.

هذا الموضوع مترجم عن موقع المنتدى الاقتصادي العالمي. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.