شرم الشيخ.. قصّة المدينة السياحية المذهلة التي مازالت تدفع ثمن تحطُّم طائرة الركاب الروسية

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/24 الساعة 15:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/24 الساعة 15:35 بتوقيت غرينتش

في العام الماضي، وخلال احتفال المسلمين بإجازة عيد الأضحى، كانت هذه المدينة السياحية المذهلة الواقعة في منطقة البحر الأحمر مكتظة بالسياح من جميع أنحاء العالم. ولكن الأمر تغير تماماً خلال هذا العام، إذ انخفضت نسبة الإشغال في الفنادق بشكل كبير، إلى جانب الشواطئ التي انخفض التواجد فيها بنسبة قاربت على النصف مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي.

أما في الليل، أصبحت المطاعم والحانات الموجودة بجانب الشواطئ شبه فارغة، كما أغلق البعض منها أبوابه، وفقاً لما نشرته صحيفة Washington Post الأميركية.

إلى الآن مازال شبح طائرة الركاب الروسية Metrojet Flight 9268 يطارد مدينة شرم الشيخ.

حال المدينة اليوم

يتحدث محمد آدم، الذي يجوب الشواطئ بحثاً عن الزبائن الراغبين في تسجيل أسمائهم في رحلات الغوص وبعض الأنشطة الأخرى، حول هذا الأمر قائلاً "ما يحدث هو أمرٌ سيئ للغاية. ففي العام الماضي، خلال فترة العيد، كان المكان مكتظاً بالبشر. ولكن منذ حادثة انفجار الطائرة، قل تواجد البشر بشكل ملحوظ."

مر ما يقارب العام منذ حادثة سقوط طائرة الركاب الروسية التي تحطمت بعد مغادرتها لمطار شرم الشيخ بوقت قصير مُخلفةً وراءها 224 قتيلاً، وهم كل من كانوا على متن الطائرة.

أثار الهجوم، الذي تبناه الجناح التابع لتنظيم الدولة الإسلامية في شبه جزيرة سيناء المصرية، العديد من التساؤلات حول درجة التأمين الموجودة بالمطارات المصرية. دفعت تلك الحادثة موسكو إلى تعليق جميع رحلاتها الجوية المدنية إلى مصر، في حين أوقفت بريطانيا وبعض الدول الأخرى رحلاتها إلى شرم الشيخ – والتي تمثل ثلث عائدات السياحة المصرية السنوية.

ومنذ ذلك الحين، تبذل الحكومة المصرية قصارى جهدها من أجل استعادة ثقة العالم، إذ استعانت الحكومة المصرية ببعض المستشارين للإشراف على أمن المطارات وذلك بجانب الحملات القوية الأخرى التي قامت بها الحكومة في روسيا وأوكرانيا وبعض الدول الأخرى لجذب مئات الآلاف من السياح للعودة مرة أخرى إلى المنتجعات السياحية المصرية.

ولكن، ومع قلة المردود المنتظر من تلك الاستراتيجية، هناك حالة من الغضب الجماعي والإحباط تعتصر عشرات الآلاف من المصريين الذين يعتمدون على السياحة لكسب عيشهم والذين يلقون باللوم، فيما يتعلق بتأثر السياحة، على سفارات الدول الأجنبية ووسائل الإعلام العالمية التي تنشر القصص المدمرة حول الإرهاب الذي يضرب مصر، والتي يؤكدون على أنها بلد آمن.

يُلقي البعض باللوم على حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي بسبب تدهور العلاقات بينها وبين بعض الدول الأوروبية –المصدر الرئيسي للسياح في مصر– جراء قضايا حقوق الإنسان وبعض الأمور الأخرى. ويجب أن نضيف إلى ما سبق ذلك الكم الهائل من الانتقادات التي يواجهها السيسي بسبب تعامله مع اقتصاد البلاد المضطرب.

" قبيل سقوط الطائرة الروسية، كانت الأجواء هنا مثالية"، كانت هذه كلمات محمد جمال، البالغ من العمر 32 عاماً والذي يمتلك متجرين سياحيين بالقرب من الممشى الموجود بجانب المنتجع. وأضاف " لقد كانت المدينة مكتظة بالبشر. الفنادق والحانات ونوادي الديسكو والمطاعم والمقاهي كانت ممتلئة تماماً".

فقدان السياح الأجانب

وتابع قائلاً "لكننا الآن نواجه الكثير من المشكلات بسبب عدم وجود السياح الأجانب".

تظهر تلك المشكلات في المتجرين التابعين لجمال. ففي العام الماضي، خلال فترة العيد، كان جمال يبيع يومياً من العطور والتوابل وورق البردي المطبوع عليه صوراً للأهرامات وأبو الهول ما تصل قيمته إلى 400 دولار. أما في هذا العام، كان جمال يتحصل يومياً على 20 دولاراً إن كان محظوظاً وهو الأمر الذي دفعه للاستغناء عن 5 من موظفيه.

خفضت العديد من الفنادق والمطاعم أيضاً عمالتها بشكل كبير وهو الأمر الذي يتجاوز صداه نطاق مدينة شرم الشيخ. فالعاملون هنا، بدءاً من موظفي الاستقبال في الفنادق ووصولاً إلى سائقي سيارات الأجرة، قد أتوا من جميع أنحاء مصر، وغالباَ ما يقوم هؤلاء بإرسال الأموال التي يحصلون عليها من عملهم هنا إلى أسرهم، فالسياحة هي أحد المصادر الهامة للعملات الأجنبية في مصر.

من المؤكد أنه مازال هناك الآلاف من المصريين والعرب من جميع أنحاء المنطقة يأتون إلى شرم الشيخ، وذلك على الرغم من انخفاض هذه الأعداد مقارنةً بالعام الماضي. ولكن الأمر يختلف تماماً بالنسبة للعاملين في مجال السياحة، فالسياح الأجانب بالنسبة إليهم هم الجائزة الحقيقية بسبب الأموال الطائلة التي ينفقونها في الفنادق والمطاعم والمحلات، إلى جانب "البقشيش" السخي الذي يدفعه السياح الأجانب.

وفي سياق متصل، يتحدث مينا ناصف، الموظف الذي يعمل بأحد المتاجر المتخصصة في بيع أغراض السفر كالقوارب، الذي لا يستطيع إخفاء خيبة الأمل التي يشعر بها قائلاً "نتمنى أن نرى هنا المزيد من السياح الروس والإنجليز ومن مختلف الجنسيات الأوروبية الأخرى".

يقول أحمد إبراهيم، رئيس مينا ناصف في العمل، أن الإرهاب موجود في جميع أنحاء العالم، الإرهاب موجود في بريطانيا وفرنسا ورغم ذلك، فمازال السياح يذهبون إلى لندن وباريس.

مضيفاً أن أعماله تقلصت بنسبة 70% منذ تفجير الطائرة، ومتابعاَ "هذا بسبب السياسة".

وتعد إيطاليا أحد الأمثلة الواضحة على معاناة سوق السياحة في مصر. فوفقاً للتقرير الصادر عن شركة Reportlinker، المتخصصة في مجال أبحاث السوق، والتي استشهدت فيه بتصريحات محمد عبد الجبار، رئيس قطاع السياحة الدولية بهيئة تنشيط السياحة، فقد انخفضت حجوزات السياح الإيطاليين هذا العام بنسبة 90% مقارنةً بفترة الصيف من العالم الماضي.

ويُرجع التقرير هذا الانخفاض إلى 3 أسباب رئيسية. السبب الأول هو انفجار طائرة الركاب الروسية. والثاني هو تعذيب وقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة العام الماضي – والذي يقول نشطاء حقوق الإنسان أن مسألة تعذيبه وقتله تحمل بصمات أجهزة الأمن المصرية، والثالث هو حادثة قتل أجهزة الأمن المصرية للسياح المكسيكيين في سبتمبر/أيلول عام 2015 بطريق الخطأ.

وبحسب العاملين بقطاع السياحة في مدينة شرم الشيخ، فإن أكثر الأمور التي تُشعرهم بالإحباط هي أن التشديدات الأمنية في شرم الشيخ حالياً أقوى مما كانت عليه في أي وقتٍ مضى، إذ يزيد عدد نقاط التفتيش على الطرق المؤدية للمدينة على 10 نقاط، هذا بجانب دوريات التفتيش التي تقوم بها شرطة السياحة في شوارع المدينة.

يدفعنا استرجاع ما حدث على مدار التاريخ في مدينة شرم الشيخ – كالهجمات المسلحة المميتة التي وقعت على طول ساحل البحر الأحمر بين الأعوام 2004 و2006 – إلى الوثوق في قدرة المدينة على استعادة عافيتها الاقتصادية والخروج من تلك الأزمة التي تعصف بها.

ومع ذلك فإن هناك بصيص أمل يلوح في الأفق. وفقاً لبعض التقارير الإخبارية المحلية، قامت هيئة تنشيط السياحة المصرية برعاية حفل غنائي لفنانة أوكرانية معروفة من أجل جذب المزيد من السياح الأوكرانيين، وقد استأنفت الخطوط الجوية التركية مؤخراً رحلاتها إلى شرم الشيخ.

وفي النهاية أعرب محمد جمال عن رغبته في عودة السياح قائلاً "أتمنى أن يعود السياح الروس والإنجليز إلى هنا بحلول نهاية العام لأن عدم حدوث ذلك الأمر سيتسبب في غلق المزيد من الأماكن هنا".

– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة Washington Post الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

تحميل المزيد