تتحول مدينة "Zell am See" النمساوية في فصل الصيف إلى مدينة خليجية؛ فإقبال السائحين العرب على المنطقة ازداد في السنوات الأخيرة، وأصبح موسماً مهماً للمدينة وسكانها.
وتستقبل البلدة الصغيرة الآلاف من العائلات العربية كل عام، معظمهم من دول الخليج العربي. وفرض هذا الإقبال الكبير نفسه على النمساويين، فتم تغيير الكثير من الخدمات لتتماشى مع أسلوب حياة العرب، ما جعل البعض يسمون هذا التغيير "السياحة الحلال".
فبدأت مثلاً لوائح التعليمات في "زيلامزي" – كما يسميها العرب -، تتضمن اللغة العربية ليتمكن السياح من فهمها، حتى المتاجر والفنادق تحاول التأقلم مع العدد الكبير باستخدام المتحدثين بالعربية.
كما باتت المنتجات العربية والإسلامية متوفرةً في المنطقة بكثرة، كاللحم الحلال في المطاعم وسجاد الصلاة والمصاحف في بعض الفنادق، حتى أن بعض المقاهي بدأت ببيع الشيشة والشاي.
ويتميز الزوار العرب عن غيرهم ببقائهم فترات طويلة، قد تصل إلى أسابيع، بينما لا يطيل السياح الآخرون زياراتهم إلى هذا الحد.
ويتحرك السياح العرب مع عائلاتهم أو في مجموعات كبيرة، ما دعا العاملين في مجال السياحة إلى إنشاء وتطوير النشاطات المناسبة للعائلات، مثل المراكب بالدواسات في البحيرة أو رحلة بالعربات في الجبال.
على الجانب الآخر، يُعتبر سلوك بعض الزوار العرب غريباً على النمساويين، أو حتى غير مقبول في بعض الأحيان. إذ اشتكى بقالون مثلاً من محاولة بعض السياح العرب المفاصلة على أسعار البضاعة في المتاجر.
وحصلت أيضاً مشاكل بسبب طريقة قيادة السيارات؛ فقوانين القيادة في النمسا صارمة، ومن لا يتبعها قد يدفع غرامات مالية عالية، في حين لا يهتم الكثير من السياح مثلاً بربط أحزمة الأمان، ولا ينتبهون للسرعات المحددة، ما أدى إلى مشاكل مع الشرطة المحلية.
وتباينت ردود الفعل في النمسا بسبب الـ "السياحة الحلال"؛ فبالرغم من أن التغييرات الحاصلة تسهل على السياح العرب رحلاتهم، فإن اختلاف الثقافات بين الخليج والريف النمساوي كبيرة.
يرى البعض أن Zell am See تخسر هويتها النمساوية بسبب نمو "السياحة الحلال"؛ فالمحلات المهتمة بالزوار العرب في تزايد شديد.
بينما يرى الآخرون أنها فرصة اقتصادية، وأنه يجب الاستفادة منها قدر المستطاع؛ فالسائح الخليجي ينفق ما يقارب 240 يورو يومياً في زيارته، وهذا الرقم أكثر من ضعف ما ينفقه السائح غير العربي.
وتعتبر Zell am See الواقعة في ولاية زالتسبورغ من أجمل مناطق النمسا الطبيعة وأكثر شهرة للسياحة؛ ففي فصل الشتاء، تجمع المدينة محبي التزلج على الثلج من كل أنحاء أوروبا، حيث تمتلئ المنطقة بالجبال المجهزة للرياضة.
وفي الصيف تتحول ثلوج الجبال إلى حدائق وغابات مليئة بالخضرة. وتقع المدينة على بحيرة تسمى Zeller See، ما يعطي المكان شعوراً بالهدوء والسلام.
واستقبلت Zell am See ما يقارب 70 ألف سائح عربي منذ عامين، والرقم في ارتفاع منذ ذلك الحين حسب إحصائيات وزارة السياحة الخاصة بالمنطقة. ويُعتبر هذا الرقم كبيراً مقارنة بعدد سكان المدينة الذين لا يتعدى 10 آلاف نسمة.