الجامعات المصرية.. تغييب السياسة وإنعاش الطرب قسراً؟

يبدو الأداء العام في الجامعات المصرية وكأنه يعود لأجواء ما قبل ثورة “25 يناير”، فالجهات الأمنية تحكم سيطرتها على العمل السياسي داخل الجامعات، ورؤساء الجامعات يرحبون من جديد بإقامة المنصات والمسارح لاستقبال الفنانين، وإحياء الليالي الساهرة بالجامعات.

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/22 الساعة 07:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/22 الساعة 07:57 بتوقيت غرينتش

يبدو الأداء العام في الجامعات المصرية وكأنه يعود لأجواء ما قبل ثورة "25 يناير"، فالجهات الأمنية تحكم سيطرتها على العمل السياسي داخل الجامعات، ورؤساء الجامعات يرحبون من جديد بإقامة المنصات والمسارح لاستقبال الفنانين، وإحياء الليالي الساهرة بالجامعات.

الطلاب المنسجمون مع الأوضاع الجديدة يحضرون الحفلات ويبتعدون عن السياسة، بينما يكتفي غير المنسجمين بدراستهم. وهناك فئة قليلة مهمومة بالسياسة، ما زالت تدافع عن مبادئ وأهداف ثورتها، لكن كثير منهم وراء القضبان الآن.

هكذا يمكن تلخيص مشهد الجامعات في مصر بالعام 2016، رغم التصريحات المتتالية للمسؤولين، التي تبرر ما يحدث في الجامعات باعتبارها أنشطة فنية وثقافية وترفيهية.

تقليد قديم.. جديد!


وكانت الجامعات المصرية الحكومية، تحرص في أوقات بعينها من العام، على تنظيم فعاليات غنائية داخل الجامعة، لإلهاء الطلاب عن حدث أو دعوة سياسية ما.

كما كانت تفعل جامعة "عين شمس" على سبيل المثال في 6 إبريل/نيسان من كل عام، حين تستضيف الفنان محمد حماقي لإحياء حفل داخل الجامعة للتشويش على دعوات التظاهر والإضراب العام في مصر يوم 6 إبريل/نيسان منذ العام 2008، وهي الفعاليات السياسية التي نشأت عنها حركة شباب "6 إبريل" لاحقاً.

عودة "موضة" الحفلات الجامعية


ومع بدء العام الدراسي الجاري، عادت عدوى تنظيم الحفلات الغنائية من جديد، وانتقلت من الجامعات الخاصة إلى الحكومية.

البداية كانت مع جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، حيث أحيا تامر حسني يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني، حفلاً غنائياً أعقبته أنغام في 29 من الشهر نفسه.

وفي جامعة الأهرام الكندية، تم تنظيم حفل استقبال الطلاب الجدد السنوي يوم 2 ديسمبر/كانون الأول، أحياه محمد حماقي، وفي 26 فبراير/شباط الماضي أحيا الفنان محمد منير حفلاً داخل جامعة القاهرة حضره آلاف الطلاب.

وشهد حفل محمد منير بجامعة القاهرة زحاماً شديداً أمام بوابات الجامعة في محاولة المئات اقتحام الحفل وخاصة من يعرفون بـ "ألتراس منير".

وكان رئيس جامعة القاهرة أعلن أنه تم توزيع تذاكر الحفل مجاناً على الكليات، مقسمة حسب عدد طلاب كل كلية وسعة مكان الحفل، مؤكداً أنه ترك لكل كلية تحديد معايير التوزيع، ولم يكن من المتصور أن يتسع الحفل للجميع.

تفسير ما يجري


وفيما يرى طلاب ومتخصصون في الشؤون الجامعية أن هناك توجهاً عاماً للعودة إلى سياسات الماضي و"إلهاء" الطلاب عن المناخ السياسي العام و"إشغالهم" بالحفلات والرحلات داخل الجامعة، يؤكد آخرون أن هذه التوجهات ليست واضحة تماماً، رغم دلالاتها المستترة.


محمد ناجي، الباحث في برنامج الحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية بمؤسسة حرية الفكر والتعبير ومسؤول المرصد الطلابي بالمؤسسة، يرى أن لا دليل واضح على وجود توجهات لإلهاء الشباب والطلاب عن العمل السياسي بالجامعات والمناخ السياسي بشكل عام.

لكنه يؤكد في المقابل أن الإدارة السياسية نجحت في قمع كل الحركات الاحتجاجية في الجامعات المصرية خلال السنوات القليلة الماضية، من خلال القوانين المكبلة للحريات والقبض على الطلاب.

وأكد ناجي أنه لا يعارض تنظيم حفلات غنائية في الجامعات، لكنه طالب بالشفافية في الكشف عن ميزانيات تلك الفعاليات والحفلات، متسائلاً "من يتحمل تكاليف تلك الفعاليات الفنية، وهل هي أفضل أم تقديم دعم للطلاب في المصاريف والكتب الدراسية وغيرها".

ويرى ناجي أنه من الأفضل السماح للطلاب أنفسهم بممارسة أنشطتهم الثقافية والفنية والعلمية من خلال اتحادات الطلاب والأسر داخل الجامعات دون قيود، بدلاً من تجميد أنشطتها، كما حدث مع عدد من الأسر الطلابية في أكثر من جامعة.

أما رئيس جامعة القاهرة، جابر نصار، فبرر توجه الجامعة الأكبر في مصر لتلك الفعاليات والأنشطة من خلال رسالة غير مباشرة أعرب عنها على حسابه الخاص على فيسبوك، فحواها أن تلك الحفلات تبرهن على "استعادة السيطرة والتحكم في تأمين الجامعة ومنشآتها وآلاف الطلاب من داخل الجامعة وخارجها".

وقال نصار، "أبنائي الطلاب والطالبات من جميع كليات الجامعة خارج الحرم؛ تعلمون أن الظروف التي عاشت فيها الجامعة من قبل قد اقتضت التشدد في إجراءات دخول الطلاب والطالبات من كليات خارج الحرم إلى داخله وقد مثل ذلك ضرورة ملحة لتأمين الحرم الجامعي. اليوم وقد انتهت هذه الظروف وتنعم الجامعة بالأمن والأمان بفضل الله ومن بعد ذلك جهود الجميع وحسن انضباطكم وعظيم أدبكم وحسن أخلاقكم؛ قررنا رفع كل هذه القيود والسماح لطلاب الكليات من خارج الحرم بدخوله في أي وقت مع التأكيد على ضرورة التزام الجميع بالقانون حيث لن نتوانى في تطبيق سيف القانون على الجميع".

أبنائى الطلاب والطالبات من جميع كليات الجامعة خارج الحرم تعلمون أن الظروف التى عاشت فيها الجامعة من قبل قد إقتضت التشدد…

Posted by جابر جاد نصار on Sunday, February 28, 2016


وكانت جامعة القاهرة أبرمت اتفاقية مع وزارة الثقافة المصرية لتنظيم دار الأوبرا المصرية حفلات فنية على مسرح الجامعة يشمل تنظيم حفلين شهرياً على مسرح الجامعة يتم من خلالهما تقديم ألوان مختلفة من الموسيقى والحفلات التي تتميز بها دار الأوبرا.

صوت الطلاب


وما بين هذا وذاك؛ يبقى الطالب المصري وحده الفيصل والرهان على مستقبل الحركة الطلابية في مصر، التي خفتت نتيجة الاعتقالات الكثيرة في صفوف الطلاب خلال السنوات القليلة الماضية.

فوفقاً لتقرير أخير صادر عن مرصد "طلاب حرية" الصادر عن المفوضية المصرية للحقوق والحريات، بلغ إجمالي عدد القتلى من الطلاب خارج إطار القانون 228 طالباً، بينهم 6 طالبات، كما بلغت حالات الإخفاء القسري 164 طالباً حتى نهاية العام الدراسي الماضي.

وبلغ عدد الطلاب الذين تم اعتقالهم حتى فبراير/شباط 2015 من داخل الجامعات، 3242 طالبا وطالبة، لا يزال منهم رهن الاعتقال 1898 طالبا وطالبة، منهم 160 حالة تعرضوا للتعذيب لإجبارهم على الاعتراف بتهم لم يرتكبوها، بحسب التقرير ذاته.

علامات:
تحميل المزيد