حينما كنا أطفالاً عشقنا تفاصيل والدتنا، وأمضينا الساعات ونحن نتأمل خزانتها وأحذيتها ذات الكعب العالي ومستحضرات التجميل، ولطالما جرّبنا استعمالها وتعثرنا أو شوّهنا وجوهنا بخطوط من أحمر الشفاه، ثم هربنا إلى حضنها ونحن نبكي لتساعدنا.
حياة أمهاتنا التي كانت مغريةً بالنسبة لنا وبمثابة صندوق للفرجة أصبحت اليوم مشابهة لحياتنا، وربما تبادلنا الأدوار، فأمهاتنا – اللواتي نظرن لنا كأطفال – لا يترددن في مشاركتنا تفاصيل اليوميات ومواكبة ما نواكب، وأصبحن صديقات لنا ولسن مجرد أمهات.
الملابس والموضة
لم تعد خزانة أمهاتنا غريبةً ومثيرةً للدهشة، فالذي كانت تريده بالأمس أصبح بإمكاننا ارتداؤه حالياً، وفي أحيان كثيرة نتبادل الأشياء ونتشارك في الألوان والموضات خاصة الحقائب، ومن أطرف الأمور حينما تخرج الأم من صندوقها القديم ملابس لها أعاد مصممو الأزياء خطوط موضتها حالياً.
أمهاتنا اليوم يشاركن تسوّقنا ويتشاورن معنا حول آخر الصيحات، ولا يترددن في بعض الأحيان في استخراج آلة الخياطة خاصتهن وخياطة بعض القطع لنا بدلاً من شرائها، فهن يسترجعن فرحتهن السابقة يوم كنّ يُلبسننا ونحن أطفال.
الطعام
لم تعد وجبات أمهاتنا المفضلة تقتصر على الملوخية والدجاج المسلوق أو المشوي أو.. فهن اليوم يعشقن خلطات الكرسبي والإسكالوب، ويتلذذن بالذهاب لمطاعم البيتزا والتعرف على أحدث الخلطات.
أمهاتنا أضفن لمطبخهن الكثير من المكونات التي كانت غائبة في الماضي، فأنواع الأجبان والكريمات والشوكولا تملأ البراد، وهن يستخرجنها بين الفينة والأخرى لتجريب طبخة ما تعلمنها عبر الإنترنت أو من محطات الطبخ المتخصصة.
السفر والمغامرات
لم تعد مشاركة أمهاتنا تقتصر على أخذنا لحديقة الملاهي وانتظارنا بصبر حتى ننتهي ونتعب، فهن اليوم معجبات بديزني لاند ومدن الترفيه الضخمة، وهن اليوم يتابعن عبر الإنترنت صور أجمل المدن والبلدان ويخططن لبرامج سفر مميز وغير مألوفة.
البحر بالنسبة لأمهاتنا اليوم لم يعد يعني التشمس أو السباحة فقط، فهو حالياً مليء بالنشاطات والمغامرات وقليل من قوة القلب تمتعهن.
الرياضة
أمهاتنا اليوم لم يعدن يرغبن في صورتهن التقليدية، أي السيدة الممتلئة، التي تعاني لساعات حتى تجد ملابس مناسبة لها، فهي حالياً تسعى للحفاظ على رشاقتها وتهتم بالرياضة، وتصر على المشي والذهاب للنوادي وربما مرافقتنا واللعب معنا.
أمهاتنا يتابعن بشغف المحطات الإعلانية، ويحفظن كل الأجهزة الرياضية الحديثة عن ظهر قلب، ويستغللن الفرصة لاقتنائها، فهي بنظرهن المفتاح السحري الذي سيمنحهن الرشاقة.
الأصدقاء المشتركون
في الماضي علمتنا أمهاتنا ألا نجلس طويلاً مع صديقاتهن، وأن تقتصر علاقتنا بهن على السلام والابتسام، من ثم المغادرة كي نترك لهن حرية التصرف، لكن أمهاتنا غيّرن عاداتهن حالياً فصديقاتهن أصبحن صديقاتنا، وهن موجودات في حساباتنا الفيسبوكية ويشاركننا التصبيحات والمعايدات والإعجابات.
في الوقت الحالي أصدقاؤنا ليسوا ملكنا وحدنا، فهم وربما عائلاتهم مشتركون مع والدتي، وهم بالتأكيد موجودون في قائمة أصدقاء أمي الفيسبوكيين ويتبادلون معها الأحاديث.