"تزوجت من امرأة مطلقة، ولا أشعر بتاتاً بالفرق بينها وبين الفتاة البكر، إلا أنني وجدت تكلفة الزواج من المطلقات أقل بكثير من الاقتران بفتيات لم يسبق لهن دخول القفص الذهبي"، بهذه الكلمات يختصر أحمد عقيل، وهو شاب سعودي يعمل موظفاً في إحدى شركات القطاع تجربته التي يصفها بالناجحة بعد زواجه بشابة مطلقة، وهي ذات التجربة التي قد يخشى البعض من الخوض فيها، بسبب مفاهيم خاطئة تجذرت في المجتمع السعودي.
ارتفاع تكاليف المعيشة والزواج في السعودية دفع العديد من الشباب السعودي إلى تغيير قناعاته السلبية حول الزواج من الفتيات المطلقات أو الأرامل، وذلك بحسب دراسة حديثة أجرتها الجمعية الخيرية للزواج والتوجيه الأسري بجدة التي أكدت أن 77.3% من الشباب يوافقون على الزواج من امرأة "مطلقة"، كما وافق 67.2% على الزواج من "أرملة"، فيما أشارت إلى أن 74.6% أبدوا عدم ممانعتهم من الزواج ممن تكبره سناً.
وهنا، يؤكد عقيل في حديثه لـ"عربي بوست"، أنه لا فرق بين الفتاة البكر والمطلقة أو الأرملة، ولكن البعض يفضل الفتاة البكر، إلا أن ارتفاع تكلفة المعيشة إضافة إلى ارتفاع تكلفة الزواج، يعدان أمرين كافيين لإعادة التفكير في طريقة اختيار الزوجة، أو إعادة النظر في أمر المطلقات والأرامل.
وفي ذات السياق، قال عبدالله المتبولي، رئيس الجمعية الخيرية للزواج والتوجيه الأسري في حديثه لـ"عربي بوست"، إن تلك الدراسة جاءت كوسيلة لاستطلاع آراء الشباب، حيث برهن قسم كبير منهم على تغيّر نظرتهم الخاطئة تجاه الفتيات المطلقات أو الأرامل، فقد كانت تتركز المفاهيم الخاطئة حول أسباب طلاق المرأة أو كونها المتسبب في الطلاق، دون النظر إلى الدور الرجل الذي قد يلعبه في مسألة الطلاق".
ظاهرة ارتفاع المهور
أخصائيون اجتماعيون أكدوا أن قيمة المهر (مقدم الصداق) للزواج من فتيات أبكار تتراوح بين 30 ألف ريال (8000 دولار) إلى أكثر من 60 ألف ريال (16 ألف دولار)، بينما تتراوح مهور الفتيات المطلقات بين 20 ألف (5.300) إلى 25 ألف ريال (6000 دولار)، إضافة إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار المصاريف الأخرى ، التي تدخل ضمن نطاق حفل الزواج، التي قد تتجاوز حاجز 50 ألف ريال (13 ألف دولار)، وتكاليف تأثيث المنزل، وهو الأمر الذي قد يثقل كاهل الكثير من الشباب ذوي الدخل المحدود أو المتوسط.
الأمر الذي أكده أيضاً الأخصائي الاجتماعي سعد الرازي، حيث يقول: "قد يكون الزواج من فتاة مطلقة حلاً مناسباً لدى البعض؛ نظراً لانخفاض تكلفة الزواج من فئة المطلقات أو الأرامل، إلا أن الأهم هو ضرورة اقتناع الزوج أو المقبل على الزواج بفكرة الاقتران بفتاة من تلك الفئات، وليس لتجنب دفع تكاليف أعلى في حال الاقتران من فتاة بكر".
وفي محاولة للحد من ظاهرة غلاء مهور الزواج التي استشرت في السعودية، وجه أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، خلال الصيف الماضي، محافظي محافظات المنطقة بعقد لقاء عاجل بشيوخ القبائل لإعداد وثيقة لمعالجة ارتفاع المهور والحد من الإسراف في مناسبات الزواج.
وجاء في نص البرقية التي وجهها الأمير خالد الفيصل للمحافظين أنه عطفاً على ما لُوحظ في الآونة الأخيرة من غلاء في المهور عند بعض الأسر ما أسهم في ارتفاع معدلات العنوسة، فإن الأمر يستدعي التقاء محافظي المنطقة بشيوخ القبائل لسنّ وثيقة تحديد مهور الزواج، يتم تصديقها من محاكم المحافظات، والرفع بها لأمير المنطقة، حيث أوصت البرقية بضرورة تحديد مهر العروس البكر بـ50 ألف ريال، و30 ألفاً للثيّب.
تفاقم ظاهرة العنوسة في السعودية
وقد كشفت دراسة أخرى أجرتها الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة أن تعداد الفتيات اللاتي لم يسبق لهن الزواج (العوانس) في السعودية بلغ ٤ ملايين فتاة وذلك خلال العام المنصرم، وذلك كنتيجة لغلاء المهور، إضافة إلى تكاليف الزواج الأخرى.
وفي المقابل، أكدت دراسة حديثة أن نسبة العازفين عن الزواج في السعودية بلغت 64%، حيث أكدت الدراسة، التي أعدها فريق اتزان التطوعي التابع لجامعة الملك عبدالعزيز بجدة أن 64% من الشباب يرغبون في الزواج، لكن ارتفاع التكاليف يقف عقبة أمام تحقيق هذه الخطوة، كما يرى 35% من أولياء الأمور أن ارتفاع التكاليف هو السبب في عزوف كثير من الشباب عن الزواج.
حسن مدني، وهو شاب سعودي أبدى تذمره من ارتفاع تكلفة الزواج، في سياق تعليقه لـ"عربي بوست" لأن "ارتفاع تكاليف الزواج والمعيشة يعد سبباً رئيسياً للتروي وضرورة عدم الاستعجال، حيث لم يعد بالمقدور تحمّل المزيد من الأعباء، فقد حلت التقاليد الاجتماعية مكان الشريعة الإسلامية، لاسيما في مسائل الزواج، وبات لزاماً تحمّل ما لا يطاق عند الإقدام على فكرة الزواج، لكي يرضى المجتمع عنا".