ساعات اليد.. ما الذي يجعل “الوقت” ثميناً للغاية؟

لعل من الصعب الجزم بتاريخ اللحظة التي انتقلت فيها الساعة من ساعة جيب كبيرة وثقيلة نسبياً، إلى ساعة يد تربط على المعصم، لكن الأكيد أن الساعة أصبحت من أهم مستلزمات الرجل العصري، بل إن بعض المهتمين يعتبرون الساعة التي يرتديها الرجل من محددات شخصيته.

عربي بوست
تم النشر: 2016/02/07 الساعة 10:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/02/07 الساعة 10:54 بتوقيت غرينتش

لعل من الصعب الجزم بتاريخ اللحظة التي انتقلت فيها الساعة من ساعة جيب كبيرة وثقيلة نسبياً، إلى ساعة يد تربط على المعصم، لكن الأكيد أن الساعة أصبحت من أهم مستلزمات الرجل العصري، بل إن بعض المهتمين يعتبرون الساعة التي يرتديها الرجل من محددات شخصيته.

لكن ما الذي تغير في صناعة الساعات – والتي تعتبر من الصناعات الدقيقة – منذ الحرب العالمية الأولى عندما ربط الطيارون الساعات حول معاصمهم أثناء قيادة الطائرات الحربية، إلى يومنا هذا الذي تنتشر فيه بوتيكات الساعات الفاخرة في معظم المجمعات التجارية في العالم؟

الساعة الاوتوماتيكية


قبل الخوض في هذا، يجب أن نفهم: كيف تعمل الساعة؟ وللإجابة ببساطة: فهي أداة ميكانيكية دقيقة داخل إطار معدني ترتدى على المعصم لتخبرك بالوقت والحديث هنا دائماً عن الساعات الاوتوماتيكية والتي تنقسم وفقا لآلية عملها إلى فئتين: فئة ذاتية الحركة تسمى الساعات الاوتوماتيكية وهي التي تعمل بموجب حركة اليد التي تولد حركة ذاتية تبقي على عمل محرك الساعة، وفئة الساعات ذاتية التعبئة والتي يقوم مرتديها بلف زنبرك الساعة في داخلها ليولد انفلاته دفعاً لمحرك الساعة، تلك الحركة التي تدوم لساعات حسب تعقيد الساعة.

قد تفاجأ بأن الساعات لم تتغير كثيراً من حيث المبدأ منذ مطلع القرن الـ 19 وحتى يومنا هذا، لكن التغيير الأهم كان في تقدم التقنية التي سمحت بإنتاج تعقيدات أكثر في حركة الساعة واستخدام مواد جديدة مثل السيراميك والتيتانيوم وألياف الكاربون، إضافةً إلى المواد التقليدية الأخرى كالذهب والستانلس ستيل والبلاتين والبرونز وغيرها.

التعقيدات الميكانيكية


من ناحية التعقيدات التي تضاف على الحركة الاوتوماتيكية للساعة، فهي كثيرة يصعب حصرها هنا ولكن نعرض لبعضها، وتشمل الساعة القافزة (jumping hour) وهي التي تشمل عادةً عقرباً واحداً يشير للدقائق بينما يشير رقم آخر يتوسط واجهة الساعة إلى الساعات ويقفز الرقم متغيراً كل ستين دقيقة.

وهناك أيضاً الساعات التي تظهر التاريخ واليوم والشهر أو ما يسمى بالتقويم السنوي (annual calendar)، وكذلك التقويم السنوي الشامل الذي يشمل حساب السنة الكبيسة والبسيطة (perpetual calendar)، والكرونوغراف (chronograph) لحساب التوقيت لزمن ما، والكرونوغراف المزدوج (split second) لحساب توقيتين مختلفين في ذات الوقت، وهناك التوربيون (tourbillion) وهو أدق آلية ميكانيكية تمنع عجلة التوازن في قلب الساعة من التأثر بالجاذبية الأرضية.

وهناك أيضاً الساعة الرنانة (minute repeater)، وهي من أعقد التقنيات لقياس الوقت من خلال جرس يدق عند تفعيله بنغمة خاصة للساعات، ونغمة مختلفة لربع الساعة، ونغمة أخرى للدقيقة، فيخبرك بالوقت دون الحاجة إلى النظر في الساعة وهناك تعقيدات أخرى كثيرة يصعب حصرها.

التنوع

وإذا كانت الساعة قد بدأت ولا تزال بهدف واحد هو معرفة الوقت بدقة فإن التطور لم يقتصر على التعقيدات الميكانيكية فحسب بل تعداه ليدخل في إطار التنوع الذي باتت توفره دور الساعات من خلال صنع ساعات محددة لكل غرض، فهناك الساعة الأنيقة التي ترتدى للسهرات والمناسبات الرسمية وهناك الساعات الخاصة بالإبحار والرياضات البحرية وهناك ساعات الغواصين الهواة والمحترفين وهناك ساعات الطيارين وهناك ساعات سباقات السيارات وهكذا فإن لكل مجال ساعته الخاصة من نفس الدار المصنعة، ما يساهم في نمو المجموعات المنتجة ويساعد محبي اقتناء الساعات على تكوين مجموعاتهم من الأسماء التجارية المفضلة لديهم.

صناعة الساعات


إذا كان الحظ قد لعب دوراً في جعل سويسرا رائدةً صناعة الساعات في العالم، فإن فيدرالية صناعة الساعات السويسرية قد استثمرت وأدارت بشكل ملفت هذه الصناعة للحفاظ على جودة وسمعة الساعات السويسرية التي تغزو العالم لتشكل هذه الصناعة واحداًً من أهم مصادر الدخل في الدولة.

الفيدرالية تضع شروطاً صارمةً لإنتاج الساعات للحفاظ على الإرث العريق الذي بدأ منذ أكثر من مئتي عام، من هذه الشروط اجتياز الشركات المنتجة لمعايير ضبط الجودة الصارمة للحركات الاوتوماتيكية وتحديد نسبة المكونات المصنوعة في سويسرا من الساعة ككل لكي تحصل الساعة على علامة صنع في سويسرا وكذلك دعم الابتكار والتطوير في هذه الصناعة.

ولكن صناعة الساعات تضم أيضاً جانباً مهماً وهو صناعة حركة الساعات المستقلة (watch movements). فعلى سبيل المثال، تقوم شركة ETA بصنع حركات الساعات الاوتوماتيكية الأساسية والمعقدة للشركات الأخرى، حيث تقوم الشركات عادةً بإنتاج ساعات تحمل حركة مصنوعة في الدار (in house movement) وساعات تعمل بحركات مصنعة مسبقاً من قبل ETA تقوم بتركيبها في ساعاتها.

أسعار الساعات


ككل المنتجات الأخرى، فإن تكلفة الإنتاج والإنفاق على التسويق والأبحاث والتطوير وإنتاج المواد الأولية كلها عناصر تساهم في تحديد سعر المنتج، ومجال صناعة الساعات ليس استثناءً.

لكن إذا استثنينا الساعات المصنوعة من المواد الثمينة كالبلاتين والذهب والمرصعة بالألماس والأحجار الكريمة، أو تلك الساعات ذات التعقيدات المختلفة التي تحول الساعة إلى تحفة فنية بحذ ذاتها، وتلك ذات الإنتاج المحدود، ما الذي يجعل الساعات السويسرية غالية الثمن؟

هناك بالتأكيد السمعة والعراقة التي عملت دور الساعات على بنائها خلال عقود طويلة لتصل إلى ما تصل إليه الآن من أسعار عالية، كما أن معرفة الأسرار للحركات المعقدة والتدريب والتطوير والاستثمار في العناصر البشرية وتدريبها كل هذه العوامل توضع في الحسبان عند تسعير الساعة، ما يجعل أسعار الساعات السويسرية تتراوح بين ألف و500 دولار إلى ملايين الدولارات، كما أن التسعير يستخدم لتحديد مركز الساعة في السوق الأمر الذي يجعل ارتداء بعض الساعات بمثابة تصريح عن المكانة الاجتماعية لصاحبها.



علامات:
تحميل المزيد