"خير هذا بشر ذاك" هو التعبير الأمثل لوصف حالة مؤسسة "بنات من أجل الحياة" الكندية المتخصصة في تقديم منح دراسية للبنات المتميزات في العالم العربي.
فبعدما فقد مؤسسها بناته في الحرب على غزة، قرر أن يحول المأساة لشعلة مثمرة عبر تبني البنات العربيات أكاديمياً، وتحصينهن بالشهادة الجامعية.
تعود البدايات إلى حرب غزة 2009، حين خسر د. عز الدين أبو العيش، أستاذ الصحة العامة في جامعة تورنتو الكندية، بناته بيسان وميار وآية وابنة أخيه نور نتيجة القصف الإسرائيلي.
ويقول د. أبو العيش، "تخليداً لذكراهن جميعاً قررت أن أقوم بعمل ينفع البنات المتميزات في العالم العربي، واللواتي يسعين إلى إكمال دراستهن الأكاديمية، سواء في الدول العربية أو في كندا وأميركا وبريطانيا".
هدف "بنات من أجل الحياة"
المؤسسة مرخصة رسمياً من قبل الحكومة الكندية، وتم تأسيسها قبل 4 سنوات بهدف "تعليم البنات في الشرق الأوسط بدون تمييز على أساس الدين أو العرق، ودون أي اعتبارات سياسية".
يؤكد د. أبو العيش أن المؤسسة لا تحمل أي طابع سياسي، "فنحن ندرك جلياً دور المرأة والفتاة في تغيير وبناء أي مجتمع، فنقوم باختيار الفتيات المتفوقات واللاتي لا تسمح ظروفهن الاجتماعية والاقتصادية بإكمال تعليمهن الجامعي".
قدمت "بنات من أجل الحياة" في العام 2015 أكثر من 100 منحة دراسية لطالبات يدرسن في فلسطين والأردن ولبنان وسوريا وإسرائيل، علماً بأنها تقدم منحاً لإكمال الدراسة الأكاديمية بالجامعات الكندية والأميركية والبريطانية، بغرض الحصول على شهادة البكالوريوس أو الدكتوراه.
تتكفل المؤسسة بمصاريف الدراسة والطعام والإقامة وتذكرة سفر مجانية سنوية للطالبة لزيارة أهلها، "فنحن نريد من الفتيات الجد في الحصول على الشهادة والتفوق والرجوع لإحداث تغيير يهدف إلى تطوير المجتمعات التي يعشن به" بحسب د. أبو العيش.
شروط الحصول على منحة
أما أهم شرط للحصول على المنحة، فهو أن تكون الطالبة متفوقة في الدارسة، لكن ظروفها الاقتصادية والاجتماعية تحول بينها وبين إكمال دراستها الجامعية.
بعد ذلك، فعلى الفتاة أن تجتاز الشروط الأكاديمية للدراسة في الجامعات الغربية مثل الحصول على شهادة (توفل TOEFL) أو (ايلتس IELTS) في اللغة الإنكليزية، وأن تكون شخصيتها متميزة، فتستطيع أن تمثل الفتاة العربية خير تمثيل في المجتمع الغربي، وأن تلتزم بالعودة إلى بلدها بعد حصولها على الشهادة الجامعية لخدمة مجتمعها العربي.
300 منحة دراسية
يوضح صاحب مبادرة "بنات من أجل الحياة" أنه المؤسسة أعطيت "أكثر من 300 منحة دراسية لطالبات يدرسن في جامعات الشرق الأوسط، إضافة إلى وجود 30 طالبة حتى الآن في كندا وأميركا وبريطانيا وجامعة البنات الآسيوية في بنغلاديش".
وحتى الآن تخرجت بالفعل 6 طالبات، واحدة منهن حصلت على شهادة الماجستير وتعمل بوظيفة ممتازة في السفارة السويدية في الأردن، كما تخرجت أخريات من جامعة اكسفورد البريطانية، تخصصن في القانون الدولي وحقوق الانسان.
وتسعى المؤسسة باستمرار للحصول على المزيد من الدعم والمنح الدراسية لتقديمها للطالبات، بحيث يكون هناك حوالي 20 منحة دراسية في كندا وأميركا خلال العام 2016.
التخصصات الدراسية والجامعات
يمكن التقديم تقريباً على منح في جميع التخصصات بمجال الهندسة والعلوم الإنسانية والاجتماعية، عدا تخصصات الطب.
وتتعاون المؤسسة مع عدة جامعات مثل "وليفرد وير" و"كوليدج باريال" في كندا، و"نيو كوليدج" و"مانهاتن كوليدج" في الولايات المتحدة، و"اكسفورد" في بريطانيا، و"الجامعة الآسيوية" في بنغلاديش، فيما يعد د. أبو العيش بوجود تعاون مع جامعات "كوالف، و"البرتا"، و"كالغاري" في كندا قريباً.
ماذا في العام 2016؟
وعن خطة المؤسسة للعام 2016، فهي تعمل على توفير 120 منحة داخل دول الشرق الأوسط، بالإضافة إلى توفير 20 منحة للدراسة في الخارج.
يقول د. أبو العيش، "نطمح أن تكون مؤسستنا عالمية لا تقتصر على البنات في الشرق الأوسط، وإنما لكل بنات العالم. أما الهدف الآخر، فهو تأسيس جامعة في الشرق الأوسط بمستوى الجامعات الغربية التي لدينا معها شراكات لأجل النهوض بواقع البنات في الشرق الأوسط وتطوير قدراتهن وتحصينهن بالعلم".
الطالبة هبة عادل ميعاري على سبيل المثال تدرس علوم الأحياء (بيولوجي) في كلية "وليفرد لورير" في جامعة واترلو بكندا. هبة، فلسطينة من مواليد لبنان، تقدمت للمؤسسة بعد أن سمعت عنها عبر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
تقول هبة، "تقدمت بطلب للحصول على منحة في مؤسسة أخرى، فطلبوا أن اختار مؤسسة محددة، فاخترت مؤسسة (بنات من أجل الحياة)".
وتشير هبة إلى أنها اختارت هذا التخصص شخصياً، فحصلت على منحة بها لمدة 4 سنوات بالفعل، "ولا يتوقف طموحي عند البكالوريوس، فأنا مستعدة لإكمال دراستي بعد ذلك خصوصاً بعد وعد المؤسسة لنا".