جامعيّون مكفوفون يواجهون الحياة ببيع المناديل أمام البرلمان المغربي.. تعرَّف على معاناتهم

عربي بوست
تم النشر: 2016/01/03 الساعة 10:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/01/03 الساعة 10:48 بتوقيت غرينتش

ساعة المعصم تشير إلى العاشرة صباحاً، من يوم السبت 2 يناير/ كانون الثاني 2016، يظهر منير وهو جامعي وعاطل ومكفوف، ويبدو في منتصف عقده الثالث، باحثاً عن مكان للجلوس ليبيع المناديل الورقية في ممر واسع للمشاة، أمام مقر البرلمان، بالعاصمة المغربية الرباط، فهذه هى الوسيلة الوحيدة أمامه كي يعيش ولكن دون أن تتحرك سلطة أو مسؤول لينقذه هو وأمثاله من المكفوفين.

منير، شاب مكفوف، تخرج من جامعة محمد الخامس بالرباط، قسم علم النفس الإكلينيكي، بملامح وجهه المثقلة بأرق الإنهاك، قصته واحدة من عشرات القصص المماثلة لمكفوفين ومعطلين في وضعيات إعاقة، اختاروا تجارة رمزية وبيع مناديل للمارة والراجلين، بدل أسلوب السعي والشحادة.

يتحدث منير لـ "عربي بوست" عن كيفية كسب قوت يومه ويقول "تخرجت بعد 4 سنوات من الدراسة الجامعية، حيث كنت أستعين بالمنحة الجامعية للدولة بقيمة 200 دولار 3 مرات في كل موسم جامعي، لكن اليوم باعتباري مكفوفاً لا يمكنني، الاستسلام للموت والجوع، كما لا يمكنني مد اليد للمساعدة".

الصندوق الجوال… هو الحل

"الصندوق الجوال"، وهو اسم أطلقه العاطلون المكفوفون، على صندوق صغير لجمع المال، يحمله كل واحد منهم؛ عليه عبارة "أنا عاطل مكفوف"، مع مناديل ورقية، مقابل كل علبة بضعة دراهم لتصبح تجارة رمزية تعيلهم.

يقول منير إن "هذا هو الحل الذي يلجأ له جميع المكفوفين غير القادرين على العمل، بسبب وضعهم الخاص. حيث بيننا فئة كبيرة من المقعدين على كرسي متحرك، والفئة الأكبر، فاقدة للبصر. وبالتالي هذا الحل، هو الطريقة الوسطى التي تحفظ ماء وجه المكفوفين، وفي الوقت نفسه، تكسبهم دراهم عبر عملية مبادلة وتجارة رمزية بمناديل ورقية، غالباً ما نتسلم مبلغاً أكبر بكثير من قيمة علبة المناديل الورقية (0,2 دولار أميركي).

وسيلة عيش حتى نيل الشغل

أسماء، فتاة، مكفوفة، في مستهل عقدها الثالث، تخرجت السنة الماضية، من جامعة دراسات الأدب العربي، بعد قدومها من مدينة مكناس (وسط المغرب)، تروي قصتها وسبب بقائها في الرباط والإصرار على البقاء لساعات طوال على قارعة الطريق وتقول "لا أرغب في السفر والعودة إلى منزل أهلي، بدون وظيفة وشغل رسمي مع الدولة، وأنا أبيع المناديل الورقية، إسوة بباقي المكفوفين، حتى أضمن مصاريف السكن والمأكل، للاستمرار في اعتصاماتنا أمام البرلمان، لنيل الوظيفة".

وتضيف أسماء لـ "عربي بوست" أن "العودة إلى منزلي بدون عمل هو أمر لن أقوم به أبداً".

تهديدات بالانتحار!

حارث بنوالي صحفي مكفوف مهتم بشؤون الإعاقة بالمغرب يقول لـ "عربي بوست" إن "المكفوفين، يلجؤون إلى طرق "تصعيدية وراديكالية للضغط على الحكومة، من أجل تأمين وظائف وأعمال لهم".

ويضرب بنوالي المثال، بـ "حادث المشهود"، في فبراير/ شباط 2015، حينما قررت مجموعة من المكفوفين، النزول إلى السكة الحديدية لقطار الرباط، وربطوا أنفسهم مع سكة القطار، الأمر الذي أدى إلى توقف الحركة في المغرب.

وإضافة إلى ذلك هددوا بإضرام النار في أجسادهم حاملين قارورات بلاستيكية مملوءة بالبنزين، ولم يتم إخلاء السكة إلا بعد تدخل القوات الأمنية، التي عمدت إلى فك اعتصامهم وترحيلهم عن السكة.

وفي صيف 2013 قام مجموعة أخرى من المكفوفين بربط أعناقهم بالسلاسل أمام مقر البرلمان، ولكن تدخلت قوات الأمن وقطعت الحبال قبل أن تخنقهم.

تحميل المزيد