حتى يوم السبت 13 مايو/أيار 2023، كشفت الجهات الرسمية في العراق، عن ارتفاع حصيلة الإصابات بمرض الحمى النزفية إلى 162 حالة، توفي من بينها 27 شخصاً. وكان العراق سجل في عام 2022 حوالي 212 إصابة، بينها 27 وفاة.
سُجلت غالبية الإصابات والوفيات هذا العام في محافظة ذي قار الواقعة في جنوب البلاد، وخاصة في المناطق الريفية التي تكثر فيها تربية الأبقار والأغنام والماعز والجاموس، فما هي علاقة الحيوانات بانتشار المرض؟ وما هي طرق الوقاية منه؟
مرض الحمى النزفية عدة أنواع وليس نوعاً واحداً
الحمى النزفية الفيروسية (VHFs) هو في الحقيقة مجموعة من الأمراض، وليست نوعاً واحداً فقط، كما تنقسم تلك الأنواع إلى أنواع ثانوية أخرى.
تلك الأمراض تسببها عدة أنواع مختلفة من الفيروسات. ويشير مصطلح "الحمى النزفية الفيروسية" بشكل عام إلى حالة تؤثر على العديد من أجهزة الجسم، وتضر بنظام القلب والأوعية الدموية، وتقلل من قدرة الجسم على العمل بمفرده.
بحسب منظمة الصحة العالمية، تتمثَّل أنواع "الحمى النزفية الفيروسية" الأساسية في مناطق شرق المتوسط، في: "الحمى الصفراء"، و"حمى الوادي المتصدع"، و"حمى الضنك"، و"الإيبولا"، و"حمى القرم-الكونغو النزفية". وهذه الأخيرة هي النوع المنتشر في العراق.
وتوضح المنظمة أن معدل الوفيات "الناجمة عن حدوث فاشيات "حمى القرم-الكونغو النزفية" تصل إلى 40%". وسجلت حالات في عدة دول مثل أفغانستان، وإيران، والكويت، وعمان، وباكستان، والمملكة العربية السعودية، والسودان، والإمارات العربية المتحدة.
وترتبط أنواع الحمى النزفية الفيروسية بشكل عام، بحدوث أوبئة كبرى ذات معدلات وفيات مرتفعة، بسبب عدم وجود تدابير طبية مضادة محددة، مثل اللقاحات أو مضادات الفيروسات، باستثناء الحمى الصفراء.
كما أن غياب التشخيص في الوقت المناسب، والاكتشاف المتأخر، والممارسات غير الملائمة لمكافحة العدوى في مرافق الرعاية الصحية، وضعف برامج مكافحة نواقل المرض، يمكن أن يؤدِّي أيضاً إلى إطالة أمد "فاشيات" الحمى النزفية.
توجد هذه الفيروسات، بشكل طبيعي في مجموعة من الحيوانات مثل الماشية وطائر النعام أو الحشرات، والتي يشار إليها باسم المجموعات المضيفة، وعادة ما تقتصر تلك الفيروسات على المناطق الجغرافية التي تعيش فيها الأنواع المضيفة.
وتنتقل إلى البشر عندما يتفاعل الشخص مع حيوان مصاب أو حشرة تحمل الفيروس، مثل القراد أو البعوض الحامل لدم حيوان مصاب.
وفي حالة إصابة الإنسان بهذا الفيروس، فقد يصبح ناقلاً للمرض، من خلال الاتصال المباشر بدم الشخص المصاب أو إفرازاته أو سوائل الجسم، وقد ينتقل في المستشفيات نتيجة سوء تعقيم المعدات الطبية أو إعادة استخدام المستلزمات الطبية.
بعد الانتشار الأولي وإصابة البشر، يمكن لبعض فيروسات الحميات النزفية أن تستمر في الانتشار من شخص لآخر. وقد يكون من الصعب منع تفشي الحميات النزفية في البشر، لأنها يمكن أن تحدث بشكل متقطع، ولا يمكن التنبؤ بها بسهولة.
القراد والحيوانات هي الناقل الأساسي لمرض الحمى النزفية
يعتبر القراد والبعوض خزاناً وناقلاً لفيروس "حمى القرم-الكونغو النزفية". وكذلك العديد من الحيوانات البرية والمنزلية، مثل الماشية والماعز والأغنام والأرانب، فتلك الحيوانات تعمل كمضيف مضخم للفيروس. ولهذا تظهر الإصابات بشكل كبير بين العاملين في تربية الماشية من مزارعين وحتى أطباء بيطريين.
وتنتشر الحمى النزفية الفيروسية بلدغات الحشرات المصابة بالعدوى كالبعوض والقراد، أو عن طريق مخالطة الحيوانات المصابة أثناء ذبحها من دون استخدام الملابس الواقية والنظارات، وكذلك عبر تعرض الجروح لدم مصاب أو سوائل الجسم الأخرى كاللعاب.
ويمكن أن ينتقل المرض من شخص مصاب إلى آخر عن طريق ملامسة الدم أو سوائل الجسم المعدية. كما حدث انتشار لبعض الحالات في المستشفيات، بسبب التعقيم غير المناسب للمعدات الطبية، وإعادة استخدام إبر الحقن، وتلوث الإمدادات الطبية.
أعراض مرض الحمى النزفية قد تتفاقم بسبب تأخر تشخيصه
تختلف فترة الحضانة بعد الإصابة بالعدوى بفيروس الحمى النزفية من شخص لآخر، وغالباً ما تتراوح بين يوم واحد إلى 3 أيام، ولكنها قد تستمر ما بين 6 إلى 12 يوماً في بعض الحالات. وعادة ما تتحسن حالة المرضى ويستعيدون عافيتهم في اليوم التاسع أو العاشر بعد ظهور المرض.
ولكن في حالة استمرارها، قد تنتهي بالوفاة في الأسبوع الثاني، إذ يبلغ معدل الوفيات حوالي 30%.
تظهر الأعراض الأولية في الأيام الأولى من المرض، بما في ذلك الصداع، وارتفاع درجة الحرارة، وآلام الظهر، وآلام المفاصل، وآلام المعدة، والقيء.
ومن الشائع حدوث احمرار في الوجه والحلق، وظهور بقع حمراء على الذقن. وقد تشمل الأعراض أيضاً اليرقان، والمعروف أيضاً بالصفار، أو الاصفرار، وهو تصبغ مصفر أو مخضر للجلد وبياض العين. وفي الحالات الشديدة، تغيرات في المزاج والإدراك الحسي.
مع تقدم المرض، يمكن رؤية مناطق كبيرة من الكدمات الشديدة ونزيف الأنف الحاد والنزيف غير المنضبط في مواقع الحقن.
أما الأعراض التي قد تصبح مهددة للحياة، قد تشمل نزيفاً تحت الجلد أو في الأعضاء الداخلية أو من الفم أو العينين أو الأذنين، أو خلل وظيفي في الجهاز العصبي، والغيبوبة، والهذيان، والفشل الكلوي، والفشل التنفسي، والفشل الكبدي.
ملابس فاتحة اللون والتعقيم أفضل طرق الوقاية من الحمى النزفية
بسبب عدم وجود لقاح آمن وفعال متاح حالياً للاستخدام البشري؛ فهناك حاجة إلى مزيد من البحث لتطوير اللقاحات المحتملة، وكذلك تحديد فعالية خيارات العلاج المختلفة، بما في ذلك "الريبافيرين"، والأدوية الأخرى المضادة للفيروسات.
لذا فإن الوقاية هي أفضل سبيل لحماية الإنسان من العدوى، وخاصة للعاملين في القطاع الطبي، والعاملين في مجال تربية الحيوانات أو ذبحها، وحتى الأطباء البيطريين.
وترتكز الوقاية بشكل أساسي، على ارتداء ملابس واقية وفاتحة اللون، حيث يمكنك اكتشاف وجود أي قرادات على ملابسك، وارتداء القفازات خلال التعامل مع الحيوانات المصابة، وفرض حجر صحي عليها.
كما يجب على مربي الماشية وغيرهم ممن يعملون مع الحيوانات استخدام طارد الحشرات على الجلد المكشوف والملابس.
ويوصى بارتداء القفازات والملابس الواقية الأخرى. يجب على الأفراد أيضاً تجنب الاتصال بدم وسوائل جسم الماشية أو البشر الذين تظهر عليهم أعراض العدوى. ومن المهم للعاملين في الرعاية الصحية استخدام الاحتياطات المناسبة لمكافحة العدوى لمنع التعرض.