من بين الوظائف الرئيسية لنظام الهيكل العظمي دعم الجسم، وتسهيل الحركة، وحماية الأعضاء الداخلية، لكن في حالة المصابين بـ"خلل التنسج الليفي العظمي"، يتحول الهيكل العظمي لمصدر عذابهم وآلامهم.
خلل جيني يسبب "التنسج العضلي الليفي"
يعتبر خلل التنسج العضلي الليفي اضطراباً وراثياً نادراً للغاية، ويصيب ما يقرب من واحد من كل مليوني شخص، ويحدث بسبب طفرة جينية في الجسم. بينما لا يُعرف الكثير عن الفيسيولوجيا المرضية للحالة، فمن المعروف أن الطفرة تحدث في جين ACVR1 /ALK2.
يتسبب هذا المرض في تحول الأنسجة الرخوة وبشكل تدريجي إلى عظام، تنمو هذه العظام بشكل غير طبيعي خارج الهيكل العظمي، في العضلات والأوتار والأربطة والأنسجة الضامة الأخرى.
لتشكل "جسوراً" من العظام الإضافية عبر المفاصل. وفي بعض الحالات تؤثر الحالة على العديد من مناطق الجسم، ويحل العظم ببطء محل الأنسجة. عادةً ما تكون الرقبة والظهر والصدر والذراعين والساقين هي المناطق الأولى المصابة.
يؤثر المرض في النهاية على الوركين والكاحلين والمعصمين والمرفقين والكتفين والفك، وكذلك جدار البطن، نتيجة لذلك فإن الحركة في المناطق المتضررة مقيدة إلى حد كبير، وفي النهاية عدم الحركة التام.
لدى بعض الأفراد المصابين قد يكون تقدم نمو العظام سريعاً، في حالات أخرى قد تكون العملية بطيئة.
تشوّه الأصابع.. أولى علامات مرض التنسج العضلي الليفي
في المراحل المبكرة قد لا تظهر على المرضى أي أعراض، ولأنها حالة نادرة فقد يتم تفويت التشخيص، ولكن يعاني جميع المصابين بمرض التنسج العضلي الليفي من تشوهات في أصابع القدم الكبيرة، وفي حوالي 50% من الحالات تشوهات الإبهام. وتظهر هذه التغيرات في الهيكل العظمي عند الولادة، وهي تعتبر أولى العلامات المبكرة لهذا الاضطراب.
كما يعاني بعض الأشخاص المعرضين للإصابة بهذا الخلل من تشوه في الأقدام يشمل: إصبع قدم كبيرة قصيرة مع مشط قدم مشوهة وتشوه في المفصل بين السلامين، قد تشمل التشوهات الأخرى أصابع قصيرة بشكل غير طبيعي، والتثبيت الدائم للإصبع الخامس في وضع منحنٍ، وتشوه الجزء العلوي من العمود الفقري.
وخلال مرحلة الطفولة المبكرة يعاني معظم المصابين بمرض التنسج العضلي الليفي من أورام ليفية مؤلمة، على الرقبة والظهر والكتفين.
وغالباً ما تتطور هذه الأورام بعد أن يعاني الطفل من نوع من الصدمة في الجسم، مثل السقوط. أو إصابة يمكن أن تحدث النوبات أيضاً، دون أي تحذير، أو قد لا تحدث على الإطلاق. وفي معظم الحالات تتحول تلك الأورام إلى عظام خلال عملية تُعرف باسم التعظم غير المتجانس.
تلك العملية تكون مؤلمة للغاية، وتعرّض الشخص لنوبات من الألم، يمكن أن تستمر من 6 إلى 8 أسابيع. ثم يتطور المرض على طول جذع وأطراف الجسم، وتتحول الأنسجة الرخوة لعظام غير متجانسة، وتسبب ألماً وتيبّساً.
تجنّب الحقن للوقاية من تفاقم المرض.. ولا يوجد علاج بعد
لسوء الحظ لا توجد علاجات فعالة معروفة لخلل "التنسج العضلي الليفي"، وخيارات العلاج محدودة للغاية، ولكن التجارب السريرية ومحاولات إيجاد علاج لا تزال جارية.
في بعض الحالات يتم استخدام أنواع معينة من الأدوية لتخفيف الألم والتورم أثناء النوبات الحادة، والأدوية المضادة للالتهابات بين النوبات، وتُستخدم مرخيات العضلات أيضاً بشكل متكرر لتخفيف تشنج العضلات.
وحتى العمليات الجراحية لإزالة النمو الزائد للعظام كانت تُفاقم الوضع بشكل أكبر، وتؤدي إلى مزيد من نمو العظام في الجسم.
كما على المصابين بالمرض، والذين تم تشخيصهم به تجنب الخزعات عند الاشتباه في حدوث خلل في العظم؛ لأن هذه الاختبارات قد تؤدي إلى تكوين عظمي سريع في تلك المناطق التي تتم فيها إزالة الأنسجة.
وعليهم تجنب الحقن العضلي، بالإضافة إلى ذلك يجب على الأفراد المصابين تجنّب أي مواقف تُعرضهم لإصابات، مثل السقوط، لأن الصدمة قد تُسبب نمواً غير طبيعي للعظام في معظم الحالات. قد تؤدي الأمراض الفيروسية المختلفة، بما في ذلك الإنفلونزا والأمراض الشبيهة بالإنفلونزا، إلى تفجُّر الحالة.
بينما يستخدم بعض الأفراد المصابين بالمرض الأحذية الخاصة، والدعامات، والأجهزة الأخرى التي تساعد في المشي والحركة. أو أدوات خاصة لمساعدتهم في الأنشطة اليومية.
متوسط عمر أولئك الذين يعانون من هذا المرض المنهك هو 40 عاماً، كثير منهم على كرسي متحرك متجه نحو المرحلة الأخيرة من حياتهم.
الرابطة الدولية لخلل التنسج الليفي (Ossificans Progressiva (IFOPA) هي مجتمع يهدف إلى المساعدة في تقديم الدعم للأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة، وتدعم المنظمة أيضاً البحث في إيجاد علاج لهذه الحالة.