أثناء الحمل، عادة ما يكون تدفق الهرمونات الغني مسؤولاً عن عدد من التغييرات الجسمانية التي تعاني منها السيدات. ويمكن أن تسبب هذه الهرمونات أيضاً أعراضاً غريبة وغير مرغوب فيها، خاصة خلال الأشهر الثلاثة الأولى.
ففي حين أن الغثيان والتعب من أكثر أعراض الحمل شيوعاً، فإن بعض النساء يعانين أيضاً من تغيرات في الذوق، وقدرتهن على استشعار مذاقات الأطعمة والمشروبات عند تناولها، وهي الحالة التي غالباً ما توصف بمرارة الفم أثناء الحمل، أو "عسر التذوق".
التغيرات الحسية وخلل عسر التذوق أثناء الحمل
عندما تكون المرأة حاملاً، تزداد مستويات هرمون الإستروجين والبروجسترون لمساعدة الجسم في الحفاظ على نمو الطفل. وفي حين أن الهرمونات ضرورية بالتأكيد، إلا أنها تساهم أيضاً في التغيرات العرضية في الجسم، ما قد يزعج الحامل التي تنتظر مولوداً جديداً.
إذ غالباً ما تكون تلك الحالة شديدة بشكل خاص في الشهور الأولى من الحمل، حيث يتكيف الجسم مع فوران الهرمونات الكثيرة، فتبدأ المرأة تعاني من مرارة الفم أثناء الحمل.
بالنسبة لبعض النساء، قد يحدث الحمل تغييرات في الشهية وتفضيلات الطعام. وبالتالي قد يكون لدى المرأة الحامل فجأة رغبة قوية في تناول الشوكولاتة أو المخللات أو رقائق البطاطس أو غيرها، وهو ما يُسمى في العديد من الدول العربية باسم "الوَحَم".
في المقابل، فإن المرأة الحامل يمكنها، بين ليلة وضحاها، أن تنزعج من مذاقات الأطعمة التي عادة ما كانت تتناولها دون مشكلات، خاصة إذا ما عانت المرأة من شعور مرارة الفم أثناء الحمل أو الإحساس بمذاق المعدن، وهو الخلل الذي بات يُعرف في الأوساط العلمية والطبية باسم "خلل التذوق" أو (Dysgeusia).
لماذا تحدث مرارة الفم أثناء الحمل؟
يعتبر غثيان الصباح، الذي يسبب القيء، مصدر قلق شائع خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل. إذ قد تواجه المرأة الحامل أيضاً تغيرات حسية أخرى خلال هذا الوقت، بما في ذلك تلك التي تؤثر على حاسة الشم والذوق وتفضيلات الطعام.
كما يُعتقد أن التغيرات الهرمونية تسبب حالة تسمى خلل التعرق لدى بعض النساء الحوامل، والتي تؤدي بالتبعية لمرارة الفم أثناء الحمل. ومع ذلك، يشير عسر الذوق إلى التغيرات في الذوق على وجه التحديد، والتي يمكن أن تؤدي إلى التالي، بحسب موقع Healthline للصحة والمعلومات الطبية:
- تذوق مرارة المعدن أثناء الحمل.
- الشعور بالمذاق المالح خلال الحمل.
- الشعور بالمذاق الحار (المشطشط).
- الشعور بالمذاق التالف والصناعي.
وتشير الدراسات إلى أن عسر التذوق عادة ما يكون بشكل أسوأ في الثلث الأول من الحمل، لكنه يتحسن مع اقتراب موعد الولادة.
الأسباب الصحية لظاهرة مرارة الفم وتغير المذاق
هناك العديد من التفسيرات الطبية لخلل التذوق، الذي تعاني منه السيدات الحوامل، والتي تشمل الأسباب التالية، سواء كان المصاب امرأة حاملاً فعلاً، أو من الأشخاص الآخرين في العموم:
- أثر جانبي لتناول الفيتامينات أو المكملات الغذائية.
- أثر جانبي للعقاقير والأدوية.
- عند المعاناة من نزلات البرد أو التهابات الفم.
- أثر جانبي لتغيرات الهرمونات في الجسم.
- عند المعاناة من الفم الجاف.
- عند المعاناة من داء السكري.
- عند المعاناة من التهاب اللثة.
- عند المعاناة من أمراض الكلى أو الكبد.
- عند تلقي علاج السرطان، أو نتيجة لمرض السرطان.
كذلك فإن التعرُّض للمعادن الثقيلة أو المواد الكيميائية أو حشوات أسنان معينة قد يسهم في شعور الناس بتغيير حاد في مذاق الفم وحاسة التذوق.
ومع ذلك، إذا لم يكن لديك أي من المشكلات الطبية المذكورة أعلاه، فمن المرجح أن يُعتبر الخلل عائداً لاضطراب التعرق الذي يؤثر على مذاق اللعاب.
طرق التعامل مع مرارة الفم أثناء الحمل
يوضح موقع Baby Center للأمومة والطفولة أن هناك بعض الطرق التي من شأنها أن تساعد في التخفيف من شدة المشكلة عند السيدات الحوامل اللاتي يعانين من مرارة المعدن أثناء الحمل.
فيما يلي بعض الاستراتيجيات لمكافحة طعم المعدن بخطوات بسيطة:
1- الحفاظ على نظافة الفم: يمكن لتنظيف الأسنان بالفرشاة والخيط بشكل متكرر أن ينعش المذاق في الفم، كما يُنصح بتنظيف اللسان بالفرشاة أيضاً للتخلُّص من البكتيريا.
وتُعد الغرغرة بمحلول خفيف مصنوع من الماء والملح، أو الماء وصودا الخبز، خياراً فعالاً في تغيير مذاق الفم والحصول على نفس منعش.
2- اختيار الأطعمة الحمضية اللاذعة: هذه الأطعمة يمكن أن تعوض وتزيل الطعم المر والمعدني من الفم، لذا يُنصح بتناول شاي الليمون الدافئ، أو العصير المنعش لليمون، دون تجاوز النسبة الموصى بها من السكر.
كما يمكن تناول الفواكه الحمضية مثل الجريب فروت أو البرتقال، أو تناول سكاكر الليمون المصنوعة بمكونات طبيعية منخفضة السكر.
إضافة لما سبق، فإن الأطعمة الحامضة مثل المخللات يمكن أن تساعد أيضاً في إخفاء المذاق المعدني في الفم أثناء الحمل، لكن يجب عدم تجاوز الكميات المحدودة للوقاية من ارتفاع الأملاح في الجسم.
3- مضغ علكة النعناع الخالية من السكر: إذ تُعد العلكات خياراً سريعاً وفعالاً في تغيير مذاق الفم وتحفيز إنتاج اللعاب.
وبشكل عام، يجب استشارة الطبيب المتخصص المتابع للحمل عند المعاناة من مرارة الفم أثناء الحمل، وسؤاله عما إذا كانت هناك حاجة لتغيير مجموعة فيتامينات ما قبل الولادة التي يتم تناولها. إذ يمكن أن يؤدي ارتفاع نسبة الحديد في بعض المكملات الغذائية إلى تفاقم عسر الهضم، وبالتالي تغيير مذاق الفم.
كذلك يُنصح ببذل قصارى الجهد في إيجاد البدائل للأطعمة التي بدأت المرأة الحامل في تجنُّبها بسبب مرارة الفم أثناء الحمل، وذلك للحصول على نظام غذائي صحي ومتوازن يعزز صحة الأم والجنين.
الخبر السار هو أن النفور من التذوق وإحساس مرارة الفم أثناء الحمل يختفي بشكل كامل تقريباً في الثلث الثاني من الرحلة، عندما تستقر مستويات الهرمون في الجسم، وتستعيد المرأة توازنها نسبياً خلال حملها.