من الشائع أن تضيع في أفكارك من حين لآخر، وبينما يمكن أن تكون أحلام اليقظة مفيدة للغاية ليس لكونها مصدراً للمتعة وطريقة للتخلص من الملل فحسب.
بل تظهر الأبحاث أن أحلام اليقظة، يمكن أن تعزز أيضاً الإبداع وحل المشكلات والتخطيط، وحتى توفر مضاداً للشعور بالوحدة، لكن هناك نوع آخر سيئ من أحلام اليقظة، يسمى "أحلام اليقظة المفرطة" أو "أحلام اليقظة غير القابلة للتكيف".
كيف يمكن أن تؤثر أحلام اليقظة المفرطة على حياة البعض؟
تم تحديد حالة "أحلام اليقظة غير القادرة على التكيف" أو "أحلام اليقظة المفرطة"، لأول مرة من قبل البروفيسور "إيلي سومر" عام 2002، والذي وصفها بأنها "نشاط خيالي واسع النطاق يحل محل التفاعل البشري، أو يتداخل مع الأداء الأكاديمي والشخصي أو المهني".
وبشرح أبسط، "أحلام اليقظة المفرطة" هي عندما يقضي الشخص وقتاً طويلاً في أحلام اليقظة. وبينما يميل هذا السلوك إلى أن يكون أحياناً وسيلة للبعض للعيش مع حالات الصحة العقلية مثل القلق، والتخلص من المشاكل، أو الهروب من وضع ممل.
يكون هذا الشكل من أحلام اليقظة طريقة ضارة للتعامل مع مشكلة ما. ويمكن أن يعيق العمل والعلاقات والهوايات، خاصة عند أولئك الذين ينخرطون بشكل لا إرادي، في تخيلات كثيرة وسيناريوهات معقدة من "أحلام اليقظة المفرطة".
الخبراء ليسوا متأكدين بالضبط من عدد الأشخاص الذين يعانون من تلك الحالة، لكن إحدى الدراسات وجدت أن 2.5% من البالغين، وما يزيد قليلاً على 4% من الأشخاص الأصغر سناً من الطلاب يعانون من "أحلام اليقظة غير القادرة على التكيف".
وتكمن خطورتها حين تتحول إلى شكل من أشكال الإدمان، حيث تتحول الرغبة في أحلام اليقظة وامتصاص الذات في عالم خيالي، إلى أمر لا يمكن التخلص منه، ويتجاهل الشخص الالتزامات الاجتماعية والأكاديمية والمهنية.
في حين أن الهروب من الواقع في أحلام اليقظة قد يبدو مجزياً على المدى القصير، إلا أن له تأثيراً سلبياً على الصحة والحالة الإجتماعية على المدى الطويل، وهذا يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التراجع في الحالة النفسية، ويعني المزيد من "أحلام اليقظة المفرطة" كوسيلة للتكيف.
أعراض أحلام اليقظة المفرطة وكيف يمكنك التعرف عليها
قد تختلف أعراض أحلام اليقظة المفرطة من شخص لآخر. ومع ذلك، هناك علامات محددة تميز الحالة.
1- أحلام اليقظة المفرطة "زاهية ومعقدة": أحلام اليقظة هذه زاهية ومفصلة للغاية، أكثر بكثير من أحلام اليقظة العادية.
2- أحلام اليقظة المفرطة تستمر فترة طويلة في المرة الواحدة: يمكن للأشخاص الذين يحلمون بهذه الطريقة أن يفعلوا ذلك لفترات طويلة، حتى لعدة ساعات في كل مرة.
3- صعوبة إكمال المهام اليومية والبقاء مع الآخرين: غالباً ما يختار الأشخاص الذين يعانون من "أحلام اليقظة المفرطة" أحلام اليقظة بدلاً من قضاء الوقت مع الآخرين. كما يمكن أن تسبب أحلام اليقظة المفرطة مشاكل في العمل أو الدراسة أو الوصول إلى أهداف أخرى يضعها الشخص.
4- تعابير الوجه والحركات المتكررة: يمكن للأشخاص الذين لديهم هذا النوع من أحلام اليقظة أن ينفصلوا عن العالم من حولهم. ويبدأ الشخص العيش داخل عالمه الخيالي بشكل كامل، ويحرك شفتيه ووجهه، ليتفاعل مع السيناريو الذي يعيشه في دماغه.
5- الشعور بالضيق إذا لم يحصل على كفايته من أحلام اليقظة: قد يشعر الشخص المصاب بهذه الحالة، بالحاجة إلى "جرعته اليومية" أحلام اليقظة. وتظهر بعض الدراسات أن هذه الحاجة يمكن أن تكون مشابهة للإدمان، بحيث إذا لم يكن الشخص قادراً على أحلام اليقظة، فقد يشعر بالضيق الشديد.
علاج أحلام اليقظة المفرطة
نظراً إلى أن اكتشاف حالة "أحلام اليقظة المفرطة" لا يزال حديثاً نسبياً، فلا يتوافر كثير من الأبحاث التي يمكن من خلالها تحديد علاج مثالي. ومع ذلك، هذا لا يعني أنه لا توجد طريقة لمعالجتها. في الوقت الحالي، يمكن لمقدمي خدمات الصحة العقلية معالجتها من خلال فهم الحالة بناءً على الحالات المشابهة ذات الصلة.
ويعتبر العلاج الرئيسي لـ"أحلام اليقظة المفرطة" هو العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، وهو أحد أكثر أنواع العلاج شيوعاً لحالات أخرى مثل الوسواس القهري والقلق المرضي. ومن خلال منهج العلاج المعرفي السلوكي، يمكن للأشخاص الذين يعانون من أحلام اليقظة المفرطة، فهم سبب قيامهم بذلك وما يمكنهم فعله للتحكم به.
نظراً إلى أن العديد من الأشخاص الذين يعانون من أحلام اليقظة غير القادرة على التكيف يعانون أيضاً من حالات ذات صلة مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، فإن علاج هذه الحالات بشكل جيد قد يساعد أيضاً.
ويبقى مقدم الرعاية الصحية الخاص بك أفضل شخص يخبرك بالمزيد حول الأشياء التي من المرجح أن تساعدك، سواء كانت علاجات سلوكية أو خيارات الأدوية. فحالة كل شخص مختلفة، وما قد يصلح لشخص ما، قد لا يصلح لشخص آخر.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.