إن كنتِ تسألين نفسك: "كيف أحمل وكيف يمكن زيادة فرص الحمل؟" وإن كنتِ تنتظرين على أحرّ من الجمر ظهور العلامة الثانية على اختبار الحمل المنزلي، واجتياز المرحلة الأولى من رحلة الأمومة المشوقة والرائعة، فعليكِ أن تعلمي أولاً أن الحمل لا يرتبط فقط بموعد العلاقة الحميمة.
الحمل السريع، أو زيادة فرص الحمل، يتعلقان بخلق بيئةٍ مثالية من خلال تحسين معدل الخصوبة، وتسجيل مواعيد الدورة الشهرية، ومراقبة فترة الإباضة، والعمل على نظامٍ صحي مثالي.
قد يكون الحمل بسرعة هو الهدف، لكنه ليس مضموناً دائماً. لكن ولحسن الحظ، هناك بعض الخطوات التي يمكنك اتخاذها للمساعدة في زيادة فرص الحمل المبكر أو المتأخر؛ حتى عندما تلتقي الحيوانات المنوية بالبويضة أخيراً، ينمو الجنين سليماً ويكبر ليتحول إلى طفلٍ سليم.
الأسئلة كثيرة عندما نتحدث عن الحمل، وربما لا تنتهي. ولكن يُمكن القول إن العناية بجسمكِ ستمثل خطوة أولى جيدة لتحسين الخصوبة، لكن ما الذي يمكنك فعله أيضاً للعمل على زيادة فرص الحمل؟
النصيحة الأهم للمرأة التي تسأل نفسها: "كيف أحمل"، تكمن في معرفة جسمها، ودورتها الشهرية على وجه التحديد، وفقاً للدكتورة ماري إيلين بافون، أخصائية طب العقم والمديرة الطبية لبرنامج التخصيب في مختبر كلية الطب بجامعة "نورثويسترن" في شيكاغو.
وفي حديثها إلى موقع Live Science، تقول بافون: "من المهم أن تعرف المرأة مدى تباعد دوراتها، لتتمكن من ضبط مواعيد العلاقة الحميمة بدقةٍ أكبر، حتى يحدث الحمل".
وفي هذا الإطار، إليكِ أهم النصائح التي قد تساعدك في زيادة فرص الحمل. ونوصيك كما هو الحال دائماً بالتحدث إلى طبيبٍ متخصّص، في حال كنتِ تحتاجين إلى اهتمامٍ أكثر تخصّصاً.
سجّلي مواعيد الدورة الشهرية لـ زيادة فرص الحمل
على المرأة الراغبة في الحمل أن تراقب الفترات الفاصلة بين الدورة الشهرية. وبعبارةٍ أخرى، يجب أن تعرف ما إذا كانت دورتها تستمر لعدد الأيام نفسه كل شهر، أي ما إذا كانت دورتها منتظمة.
وتستطيع المرأة التنبؤ بموعد الإباضة بصورةٍ أفضل، عند متابعة المعلومات أعلاه وتسجيلها في التقويم، وفقاً لبحثٍ نشرته مجلة The New England Journal of Medicine العلمية.
يُنتج المبيض بويضاته في وقتٍ محدد من كل شهر. وتوجد بعض التطبيقات التي يمكنها مساعدتك في متابعة الدورة الشهرية، مثل تطبيق Glow Ovulation وغيره الكثير حول العالم.
تظل بويضة المرأة خصبةً لفترةٍ تتراوح بين 12 و24 ساعة فقط بعد إنتاجها، بينما تعيش حيوانات الرجل المنوية داخل جسم المرأة لفترةٍ تصل إلى خمسة أيام.
كيف أحمل؟ راقبي أيام التبويض
تبدأ فترة الإباضة لدى النساء، اللواتي يتمتعن بدورةٍ منتظمة، قبل نحو أسبوعين من بداية الدورة الشهرية. بينما يصعب التنبؤ بفترة الإباضة لدى النساء ذوات الدورات غير المنتظمة، لكنها تبدأ قبل الدورة الشهرية بفترةٍ تتراوح بين 12 و16 يوماً في المعتاد.
وأفادت ورقة بحثية، نُشرت عام 2019 في مجلة npj Digital Medicine، بوجود تنوعٍ كبير في طول الدورات الشهرية للنساء اللواتي يحضن، كما يتغير توقيت ومدة الإباضة على مدار حياة المرأة.
ويُشير هذا التنوع إلى أن من الأفضل للمرأة مراقبة الإباضة، لمعرفة الوقت الذي من المرجح أن تحمل خلاله. وتوجد العديد من الطرق التي يمكن للنساء استخدامها، لمساعدتهن في تحديد أكثر أيامهن خصوبة كل شهر وزيادة فرص الحمل.
- أدوات توقّع الإباضة المنزلية: يمكن لهذه الأدوات تقليل الحاجة للتكهنات المرتبطة بتحديد موعد إباضة المرأة. وتُباع اختبارات الإباضة في الصيدليات، وتعتمد على اختبار البول بحثاً عن الهرمون المنشط للجسم الأصفر، وهي مادة تزيد معدلاتها في الجسم شهرياً خلال فترة الإباضة حتى تدفع بالمبيض لإنتاج البويضات.
وتعتبر الأيام الثلاثة التالية، لحصول المرأة على نتيجةٍ إيجابية في الاختبار، هي الأمثل لممارسة العلاقة الحميمة، من أجل زيادة فرص الحمل.
- الطريقة الأخرى للتنبؤ بالإباضة تعتمد على فحص مخاط عنق الرحم، عن طريق فحص كمية ومظهر المخاط في المهبل بصورةٍ منتظمة.
وهنا من المهم معرفة أن كمية المخاط تزيد قبل الإباضة مباشرةً، عندما تكون المرأة في أوج خصوبتها، فيما يصبح المخاط أخف وأكثر نقاءً وزلقاً، وفقاً لمنظمة March of Dimes المعنية بصحة الأم والطفل.
وتؤدي زيادة تزليق مخاط عنق الرحم لمساعدة الحيوانات المنوية في الوصول إلى البويضة. ووجدت دراسةٌ منشورة عام 2013 في دورية Fertility and Sterility العلمية، أن النساء اللواتي تابعن مخاط عنق الرحم باستمرار على مدار ستة أشهر، ساعدهن ذلك في زيادة فرص الحمل أكثر من غيرهن بحوالي ضعفين.
- تُعتبر درجة حرارة الجسم الأساسية وسيلةً جيدة لمراقبة الإباضة أيضاً. عليكِ متابعة درجة حرارة جسمك كل صباح في التوقيت نفسه، وقبل أن تنهضي من السرير. واحتفظي بجدول أو سجل يضم قراءات كل يوم.
لماذا يجب تسجيل القياس في درجة حرارة الجسم أثناء الراحة؟ لأن درجة حرارة الجسم الأساسية تنخفض قليلاً قبل إباضة المرأة مباشرةً، أي قبل أن ينتج المبيض البويضات، تتراوح بين 36.1 و36.4 درجة مئوية.
وبعد 24 ساعة من إنتاج البويضة، ترتفع درجة حرارة الجسم الأساسية وتظل على هذه الحالة لعدة أيام. حيث تتراوح درجة حرارة الجسم الأساسية للمرأة بعد الإباضة مباشرةً بين 36.4 و37 درجة. وتبقى البويضة خصبة لفترةٍ تتراوح بين 12 و24 ساعة بعد الإباضة.
مارسي الجنس مرة كل يومين خلال نافذة الخصوبة
تمتد "نافذة الخصوبة" لـ6 أيام؛ يوم الإباضة والأيام الخمسة التي تسبقه، بحسب المنظمة الأمريكية للطب التناسلي. وتكون المرأة في أكثر أيامها خصوبةً خلال هذه الأيام من كل شهر.
وتتجه العديد من النساء إلى الأدوات التقنية الجديدة، مثل تطبيقات ومواقع حاسبة الخصوبة، لمساعدتهن في معرفة المواعيد التي تزيد أرجحية حملهن فيها.
لكن وفقاً لدراسة نشرتها مجلة Obstetrics & Gynecology عام 2016، حلّلت مجموعة من العلماء 50 موقع ويب شهير لتتبع الخصوبة. فوجدوا أن نتائج تلك المواقع كانت متباينةً بشدة، مع ترشيح بعضها لأيام خاطئة خارج نافذة الخصوبة.
لكن السؤال: هل يجب أن تمارس المرأة الجنس يومياً عندما تنجح في تحديد نافذة الخصوبة المذكورة؟ أظهرت الأبحاث أنه ليس هناك فارقٌ كبير في معدلات الحمل بين الأزواج الذين مارسوا العلاقة الحميمة يومياً أثناء نافذة الخصوبة (37%)، وبين الأزواج الذين مارسوا العلاقة الحميمة مرة كل يومين (33%). ويُمكن القول إن ممارسة العلاقة الحميمة مرة كل يومين ستكون أسهل بالنسبة للزوجين.
يجب أن تتحققي من شيئين في تطبيقات متابعة الدورة الشهرية، الأول هو ما إذا كانت بيانات التطبيق تُحفظ على الهاتف (وهو الأفضل للمستهلك) أم يجري تخزينها سحابياً (مما يمثل خطراً أكبر على الخصوصية).
أما الشيء الثاني فهو ما إذا كان التطبيق يشارك البيانات مع تطبيقات من طرف ثالث. وربما يكون من الصعب معرفة هذه المعلومات من دون تنزيل التطبيق أولاً، لكن موقع Consumer Reports يُسهِّل عملية التحقق من الأمر.
ومن المهم أن تعرفي أنه توجد العديد من أساطير الحمل المرتبطة بالخصوبة. لا يوجد دليلٌ مثلاً على أن وضعية ممارسة العلاقة الحميمة تؤثر على زيادة فرص الحمل، كما أن استلقاء المرأة على ظهرها لفترةٍ من الوقت بعد العلاقة، لن يزيد من فرص التخصيب.
تناولي الطعام الصحي
ليس هناك نظامٌ غذائي محدد من أجل زيادة فرص الحمل، لكن تناول أطعمة صحية متنوعة قد يساعد في تهيئة جسم المرأة للحمل، بمنحها مخزوناً كافياً من العناصر الغذائية المهمة مثل الكالسيوم والبروتين والحديد.
عليك تناول مجموعة متنوعة من الخضروات، والفاكهة، والبروتينات الخالية من الدهون، والحبوب الكاملة، ومنتجات الألبان، ومصادر الدهون الصحية.
وعلاوةً على تناول مكمل غذائي يحتوي على حمض الفوليك، يمكن أن تحصل المرأة على هذا الفيتامين من أطعمة مثل الخضروات الورقية الخضراء الداكنة، والبروكلي، والخبز والحبوب المدعمة، والفاصولياء، والفواكه الحمضية، وعصير البرتقال.
كما يُنصح بتناول كميات أقل من الأسماك عالية الزئبق عندما تحاولين الحمل، ومنها أسماك أبو سيف والقرش والماكريل الملكي والتلفيش. فلزئبق قد يتراكم في مجرى دم الأم، مما يؤثر على نمو الطفل.
وحددي استهلاكك لسمك التونة البيضاء بما لا يتجاوز 170 غراماً في الأسبوع، حتى تقللي تعرضك لهذا المعدن السام بحسب توصيات إدارة الغذاء والدواء الأمريكية.
فقد وجدت مراجعةٌ أجريت عام 2019 أن استهلاك الزئبق يمكن أن يُضعف خصوبة الرجل والمرأة، على حدٍ سواء، الأمر الذي لن يساعد في زيادة فرص الحمل.
فضلاً عن ذلك، عليكِ أن تتجنبي الكافيين؛ تناول المرأة لنحو 200 ملغ من الكافيين يومياً (أي أقل من كوبين من القهوة) لن يؤثر على طفلها. لكن كل ما فوق ذلك من شأنه أن يقلل من فرص الحمل.
من أجل زيادة فرص الحمل.. احصلي على وزنٍ صحي
يمكن لوزن المرأة أن يؤثر على زيادة فرص الحمل أيضاً. تقلل السمنة والنحافة من فرص الحمل.
وقد أظهرت الأبحاث أن النساء اللواتي يعانين من زيادة في الوزن قد يستغرقن ضعف الوقت في الحمل، مقارنةً بامرأة تمتلك وزناً طبيعياً. أما النساء اللواتي يعانين من النحافة الشديدة فيستغرقن أربعة أضعاف الوقت من أجل الحمل.
تؤدي دهون الجسم الزائدة إلى إفراز فائض من هرمون الإستروجين، الذي يتداخل مع عملية الإباضة، بحسب عيادات Cleveland Clinic الأمريكية.
وكشفت دراسة من عام 2017 أن الأزواج الذين كانوا يعانون من السمنة المفرطة، بمؤشر كتلة جسم يتجاوز الـ35، استغرقوا وقتاً أطول للحمل بنسبةٍ تتراوح بين 55% و59% من الأزواج الذين لا يعانون من السمنة.
ويمكن أن تؤدي سمنة الذكور إلى تعطيل عمل جهاز الغدد الصماء، وتقليل تركيز الحيوانات المنوية وقابليتها للحياة، كما تؤثر أيضاً في قدرة الأزواج على الحمل، بحسب مجلة Andrologia العلمية.
أما النساء اللواتي يعانين من النحافة، بمؤشر كتلة جسم أقل من 18، فقد لا تأتيهن الدورات الشهرية في مواعيدها أو ربما تتوقف عملية إباضتهن، مما يعيق قدرتهن على الحمل.
توقفي عن التمارين الرياضية الشاقة
لا شك أن النشاط الجسدي في أغلب أيام الأسبوع قد يساعد في زيادة فرص الحمل وتهيئة جسم المرأة لمتطلبات الحمل والولادة. لكن ممارسة الرياضة أكثر من اللازم أو ممارسة التمارين الشاقة باستمرار قد تؤثر على عملية الإباضة وزيادة فرص الحمل.
ويلاحظ الأطباء الكثير من اضطرابات الدورة الشهرية لدى النساء اللواتي يمارسن التمارين بكثافة، مثل المشاركة في ماراثون مثلاً أو التدريب على مستوى الرياضيين الأولمبيين. وتحتاج الكثير من هؤلاء النساء لتقليل تدريباتهن إذا أردن الحمل.
وأخيراً، إلى جانب جميع تلك النصائح، يجب أن يفكر الرجال والنساء في الخضوع لفحص الخصوبة، خاصةً إذا كانت المرأة أكبر من 35 عاماً ولم تنجح في الحمل بعد ستة أشهر من ممارسة العلاقة الحميمة بشكلٍ منتظم، ومن دون استخدام وسائل منع الحمل.
كذلك، على النساء الأقل من 35 عاماً استشارة متخصص في الخصوبة، في حال عجزن عن الحمل بعد عامٍ كامل من العلاقة الحميمة بصورةٍ منتظمة، ومن دون استخدام وسائل منع الحمل.
تناولي فيتامينات ما قبل الولادة
إن كنتِ تريدين زيادة فرص الحمل، فابدئي بتناول فيتامينات ما قبل الولادة، نعم قبل الحمل. يساعد ذلك على معرفة الفيتامين الأنسب لجسمكِ، حتى تلتزمي به خلال فترة الحمل.
ومن الممكن أيضاً تناول المكملات متعددة الفيتامينات بشكلٍ يومي، شرط أن تحتوي على 400 ميكروغرام من حمض الفوليك يومياً، وهو أحد فيتامينات بي التي تعتبر مهمةً لمنع العيوب الخلقية في دماغ الطفل وعموده الفقري.
بينما تشجع مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها النساء على تناول 400 ميكروغرام من حمض الفوليك يومياً لمدة شهرٍ قبل الحمل على الأقل، وذلك للمساعدة في منع العيوب الخلقية.
ويُعتبر البدء في تناول مكملات حمض الفوليك مبكراً فكرةً جيدة، لأن الأنبوبة العصبية تنمو وتتحول إلى دماغ وعمود فقري بعد حدوث الحمل بفترةٍ تتراوح من ثلاثة إلى أربعة أسابيع، وقبل أن تُدرك العديد من النساء أنهن حبليات من الأساس.