يمكن أن يؤدي الحرمان من النوم إلى زيادة خطر إصابة الشخص بمجموعة متنوعة من الأمراض المزمنة، بما في ذلك مرض السكري والسمنة والاكتئاب. لهذا السبب، غالباً ما يبحث الأشخاص عن طرق لمساعدتهم على النوم بشكل أفضل أو أسرع.
ومن بين الطرق التي شاعت مؤخراً لمساعدة الجميع، بما فيهم الأطفال، على الخلود إلى النوم، هي تقنية الاستماع إلى "الضوضاء البيضاء" أو "white Noise".
نستعرض في هذا التقرير ماهية الضوضاء البيضاء، وكيف تؤثر في النوم، وإيجابياتها وسلبياتها بالنسبة للأطفال.
الضوضاء البيضاء، صوت يشبه التلفاز المغلق
الضوضاء البيضاء هي صوت يتضمن جميع الترددات المسموعة للأذن البشرية، بين 20 هرتز و20 ألف هرتز، تشغَّل بكثافة أو سعة متساوية، وتُقاس بالديسيبل.
ينتج عن هذا صوت مشابه لطنين مكيف الهواء، أو مجفف الشعر، أو مروحة الطنين، أو التلفزيون، أو الراديو المغلق.
المميز في صوت الضوضاء البيضاء هو أنها يمكن أن تحجب أصواتاً أخرى أكثر قوة؛ ما يسمح لك بالحصول على نوم أفضل ليلاً.
إذا كنت تعيش في حي صاخب، على سبيل المثال، يمكن أن تساعد الضوضاء البيضاء في حجب الضوضاء المرتبطة بحركة المرور.
مصطلح "الضوضاء البيضاء" مشتق من مصطلح "الضوء الأبيض"؛ الذي يُعدّ مزيجاً من جميع الأطوال الموجية للضوء المرئي، مثلما تعد الضوضاء البيضاء مزيجاً من جميع ترددات الصوت المسموعة.
الدراسات تؤيد فاعليتها
على الرغم من أن الآلات المصممة لتعزيز النوم باستخدام مفهوم الضوضاء البيضاء ظهرت في أوائل القرن السابع عشر، إلا أن الأبحاث عليها لم تبدأ إلا بعد الثمانينيات، حين درس الباحثون تأثير الضوضاء البيضاء على الأطفال.
ووفقاً لدراسة رائدة عام 1990 نشرت في أرشيف الأمراض في الطفولة، توصل الباحثون إلى أن الضوضاء البيضاء تساعد حديثي الولادة على النوم بشكل أسرع، وأنها تحسّن من مقدار الوقت الذي يقضيه البالغون في مراحل النوم المختلفة عند الاستماع لها طوال الليل.
وفي دراسة أحدث أجريت عام 2017، ينام البالغون بنسبة 38٪ أسرع أثناء الاستماع إلى الضوضاء البيضاء. وقد وجدت عدة دراسات حديثة أخرى تأثيراً إيجابياً للضوضاء البيضاء على النوم.
على سبيل المثال، الناس الذين يعيشون في منطقة عالية الضوضاء في مدينة نيويورك ينامون بشكل أسرع وأفضل أثناء الاستماع إلى الضوضاء البيضاء، وفقاً لدراسة أجريت عام 2021.
وفي دراسة أخرى، أدى الاستماع إلى الضوضاء البيضاء عبر سماعات الرأس إلى تحسين جودة النوم للمرضى المصابين بأمراض خطيرة في وحدة مستشفى صاخبة في الهند.
الضوضاء البيضاء تساعد على التخفيف من التوتر والاسترخاء
إذا كنت تعتقد أنك تعاني من اضطراب في النوم أو الأرق أحياناً؛ فيما يلي 4 فوائد لاستخدام الضوضاء البيضاء لمساعدتك على النوم:
- تحجب الضوضاء البيضاء الأصوات البيئية التي تشتت انتباهك، ويمكن للصوت المهدئ لآلة الضوضاء البيضاء أن يخفي الأصوات التي قد تبقيك مستيقظًا، مثل نباح الكلاب، والجيران الصاخبين، والمركبات التي تصدر صوتًا. حتى إن بعض المستشفيات تركِّب أجهزة الضوضاء البيضاء في غرف المرضى حتى يتمكنوا من النوم بسهولة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأشخاص الذين يعانون من طنين الأذن، يمكن أن يستخدموا الضوضاء البيضاء للمساعدة في كبت صوت الطنين.
- يمكن أن تحفز الضوضاء البيضاء على النوم من خلال الاسترخاء؛ إذ لا تحجب الضوضاء البيضاء الأصوات المزعجة فحسب، ولكنها توفر أيضًا بيئة محيطة مريحة يمكن أن تخفف من التوتر وتساعدك على النوم.
- الضوضاء البيضاء تساعد على تهدئة عقلك، خاصة إذا كنت من أولئك الذين يعانون من الأرق، ويكافحون لمنع الأفكار من التسابق إلى ذهنهم في الليل.
- بالإضافة لما سبق، تعد تقنية الضوضاء البيضاء من أكثر التقنيات توفراً؛ إذ توجد الكثير من آلات الضوضاء البيضاء التي يمكن شراؤها واستخدامها. كما تتوفر الكثير من التطبيقات على الهواتف الذكية، بالإضافة إلى فيديوهات اليوتيوب.
نصائح لدمج الضوضاء البيضاء في روتين وقت النوم
حاول أن تبدأ الاستعداد للنوم في الوقت نفسه كل ليلة حتى تتمكن من الحفاظ على وقت نوم ثابت. وبمجرد وصولك إلى غرفة نومك، عتِّم الأضواء، واضبط المنبه، ثم شغِّل جهاز أو تطبيق الضوضاء البيضاء قبل إطفاء الأنوار مباشرة.
مع الأخذ بعين الاعتبار ما إذا كنت تفضل تشغيل الضوضاء البيضاء طوال الليل أو أثناء محاولتك النوم فقط، واضبط مؤقت الجهاز أو اختر مقطع صوت طوله مناسب حسب حاجتك.
إيجابيات وسلبيات الضوضاء البيضاء للأطفال
قد يتمكن الأطفال من النوم بشكل أسرع مع وجود ضوضاء بيضاء في الخلفية؛ إذ يمكن أن تحجب الأصوات المزعجة.
كما تحتوي بعض آلات الضوضاء البيضاء للرضع على إعداد نبضات قلب يحاكي وضعيتهم في رحم الأم؛ ما قد يكون مريحًا لحديثي الولادة.
لكن المشكلة هي أن بعض آلات الضوضاء البيضاء قد تتجاوز حدود الضوضاء الموصى بها للأطفال وهي 50 ديسيبل؛ لذا عليك الانتباه وقراءة المعلومات المكتوبة على الجهاز بدقة قبل شرائه.
كما يمكن أن يعتمد الأطفال مع الوقت بشكل كامل على آلات الضوضاء البيضاء ليتمكنوا من النوم ويرفضوا النوم بدونها.