لطالما كانت الأحلام وأسبابها وأثرها في الدماغ من المواد المثيرة لاهتمام العلماء على مدار عقود. فقديماً، اعتقدت بعض الحضارات أن الأحلام تحتوي على نبوءات وربطت البشر برسائل الآلهة والقوى السماوية العليا. لكن في أواخر القرن التاسع عشر، اشتهرت نظريات سيغموند فرويد القائلة بأن الأحلام تمثل الرغبات المكبوتة في النفس البشرية.
وينشط الدماغ كله أثناء رؤية الحلم خلال ساعات النوم، من جذع الدماغ وحتى القشرة. وتحدث معظم الأحلام أثناء نوم حركة العين السريعة أو ما يُعرف باسم REM Sleep. ويُعد هذا جزءاً من دورة النوم والاستيقاظ ويتم التحكم فيه بواسطة نظام تنشيط شبكي تمتد دوائره من جذع الدماغ عبر المهاد وصولاً إلى القشرة.
ويتعامل الجهاز الحوفي في منتصف الدماغ مع المشاعر في كل من اليقظة والحلم ويتضمن اللوزة، والتي ترتبط في الغالب بالخوف وتنشط بشكل خاص أثناء الأحلام.
الأحلام وقشرة الدماغ
وبحسب موقع Science Focus العلمي، تُعد القشرة هي المسؤول الرئيسي عن محتوى الأحلام، بما في ذلك الوحوش التي نهرب منها في الكوابيس، أو الأشخاص الذين نلتقي بهم في حلم لطيف، أو تجربة الطيران والتحليق في حيرة أضغاث الأحلام. ونظراً لأننا حيوانات بصرية للغاية، فإن القشرة البصرية، الموجودة في الجزء الخلفي من الدماغ مباشرة، تكون نشطة بشكل خاص عند رؤية الأحلام، وكذلك العديد من الأجزاء الأخرى من القشرة. تماماً كما لو أن الدماغ يحظى بحفل من الألعاب النارية والأضواء خلال الحلم.
ويكون الجزء الأقل نشاطاً في بعض أجزاء الفص الجبهي، وهذا قد يفسر سبب عدم انتقادنا لمدى عدم منطقية الأحلام، وتقبلنا لما فيه من الأحداث المجنونة كما لو كانت حقيقية- حتى نستيقظ ونبدأ في الاستيعاب.
الجهاز الحوفي
الجهاز الحوفي هو الجزء من الدماغ حيث تتم معالجة الذكريات والعواطف. ويتكون هذا الجزء من اللوزة، الحصين والتلفيف الحزامي:
1- اللوزة
يعمل ذلك الجزء كحلقة وصل بين الحافز وكيفية تفاعلك مع هذا المنبه. وهو يأخذ المعلومات من حواسك ويتفاعل بالطريقة المناسبة وفقاً لحجم الموضوع، أي إذا كانت هناك رائحة كريهة، يجعلك تشعر بالاشمئزاز.
2- الحُصين – مركز الذاكرة
يعد الحصين مسؤولاً عن تقوية الذاكرة. على سبيل المثال، في المرة الأولى التي نلمس فيها شيئاً ساخناً، فإنه يتعلم التجربة ويعيد تشغيلها بشكل متكرر إلى جزء آخر من الدماغ يسمى القشرة الدماغية. وهذا يخلق الذاكرة طويلة المدى.
3- التلفيف الحزامي
هذا الهيكل مسؤول جزئياً عن ردود أفعالك الجسدية تجاه المواقف. وهو يتحكم في حركة العضلات والهيكل العظمي ويتعرف أيضاً على أي جزء من الجسم تم تحفيزه عن طريق اللمس.
وأثناء نوم حركة العين السريعة، يكون هذا الجزء من الدماغ نشطاً للغاية. عندما نرى ما يفعله هذا الجزء من الدماغ، فمن السهل ربطه بإنتاج الأحلام.
وفي أحلامنا، غالباً ما نرى أشياء مألوفة في أماكن غريبة أو صوراً مختلطة. إلا أنه من المثير للاهتمام أن الجزء من الدماغ الذي يتعامل مع المنطق وضبط النفس- قشرة الفص الجبهي- يكون أقل نشاطاً أثناء نوم حركة العين السريعة. وهذا يمكن أن يفسر لماذا تبدو أحلامنا في كثير من الأحيان غير منطقية وغير منظمة.
العقل لا ينطفئ أبداً
وبينما قد تعتقد أن عقلك "ينطفئ" عندما تخلد إلى النوم، إلا أنه في الواقع يكون نشطاً للغاية خلال جزء كبير من ساعات الليل. بل يكاد يكون نشاط الدماغ أثناء نوم حركة العين السريعة مثله مثل حال الدماغ عندما يكون مستيقظاً بالضبط.
وخلال هذا الوقت، يُعتقد أن العقل يعمل بجد أيضاً في تهدئة وإعادة تشغيل نفسه، والتعامل مع الأحلام بصورة خاصة وما فيها من مجهود مبذول.
وأظهرت دراسة أجريت في مختبر النوم والتصوير العصبي بجامعة بيركلي، عام 2010، أنه أثناء نوم حركة العين السريعة، قد يكون الجهاز الحوفي (الجزء من الدماغ الذي يتحكم بالخوف والعواطف) مسؤولاً جزئياً عن منع المشاعر السلبية مثل الخوف والغضب، وكذلك إعادة ضبط التفاعل العاطفي للعقل بعد الانخراط في حلم ثقيل.
لذلك، قد تكون الأحلام مرتبطة بالحالة العاطفية للمرء لأن أولئك الذين يحصلون على قدر أقل من نوم حركة العين السريعة (وبالتالي يحلمون أقل)، يبدو أنهم يواجهون صعوبة أكبر في معالجة مشاعرهم خلال ساعات اليقظة.
ووفقاً لموقع Prevention، تشير الأبحاث إلى "أننا ننام لإتاحة الوقت للتخلص من المنتجات الثانوية السامة التي قد تتراكم وتسبب مشاكل في الدماغ"، ويُعد هذا هو السبب في أنه من الأهمية بمكان أن تحصل على نوم جيد وعميق، وبشكل يومي ثابت.