نعرف جميعاً أن الالتزام بنمط حياة صحي وأداء التمارين الرياضية بصورة دورية هو تحدٍّ يستلزم الكثير من العزم والإرادة. لكن وبخلاف العناء المبذول في فكرة البداية والالتزام، هناك بعض المشكلات الأخرى التي قد تجعل لإضفاء الروتين الصحي لنظامك اليومي صعوبات إضافية، مثل ألم العضلات بعد التمارين.
ومثل هذه المشكلة قادرة على إصابتك بالتعاسة لبضعة أيام، فتشعُر بالألم عند مجرد محاولة القيام من مكانك أو حتى عند رفع ذراعك لغسل أسنانك على سبيل المثال.
لماذا يحدث ألم العضلات؟
يحدث ألم العضلات بعد التمارين عندما تقوم بنشاط بدني شاق أو تدرّب عضلات جديدة لم يسبق لك تمرينها من قبل، وبالتالي ستحتاج إلى بعض الوقت لكي تستطيع استخدامها بصورة طبيعية بعد التمارين الرياضية.
ويوضح أستاذ علم وظائف الأعضاء الأمريكي ريك شارب، لموقع Web MD الطبي: "تمر العضلات بقدر كبير من الإجهاد البدني عندما نمارس الرياضة، وبالتالي فإن ألم العضلات الخفيف مجرد نتيجة طبيعية لأي نوع من النشاط البدني. وهو أكثر شيوعاً في المراحل الأولى من الالتزام بالأنشطة الرياضية".
ويعتقد الخبراء أن تأخر ظهور وجع العضلات هو نتيجة للتمزقات الصغيرة لألياف العضلات التي تحدث أثناء التمرين، بحسب مدربة اللياقة البدنية والمعالجة الفيزيائية لورا ميراندا.
ولفتت ميراندا وفقاً لموقع Self الصحي، إلى أن التمزقات الدقيقة الصغيرة لعضلاتنا تسبب الألم وتؤدي إلى الالتهاب. فيبدأ الألم عادةً في الظهور بين 12 و24 ساعة بعد التمرين، ويبلغ ذروته بعد 24 إلى 72 ساعة من أداء التمارين الرياضية.
وتتكرر نفس العملية عند بناء العضلات أيضاً. فعندما تتراكم ألياف العضلات بعد هذه التمزقات، فإنها تتعافى وتلتئم وتعود أقوى من ذي قبل.
ألم العضلات الأشد لا يعني قوة أكثر بالضرورة
تقول مدربة اللياقة إن المزيد من الألم لا يعني بناء العضلات بشكل أفضل أو أسرع. لأنه في الواقع، قد يؤدي الشعور بألم العضلات بعد التمارين إلى نتائج عكسية، إذ قد يعطّلك عن أداء مهامك اليومية بشكل طبيعي، وقد يدفعك إلى عدم التمرين أيضاً.
وبحسب Web MD، هناك درجات متفاوتة من الألم اعتماداً على مقدار الضرر الذي حدث (وعوامل أخرى مثل الجينات ومدى رطوبة الجسم وقسط المياه اليومي)، لكن المعاناة المنتظمة من مستوى شديد من الألم ليست شيئاً يجب أن تعتاد عليه، وقد تستلزم الاستشارة الطبية إذا لم تقل حدّتها بمرور الوقت والالتزام بالتمرينات الرياضية.
وبطبيعة الحال، لا ينبغي أن تشعر بألم العضلات لكي تتأكد أنك قد حصلت على ساعة جيدة من التمارين.
كيف يمكن تقليل حدة ألم العضلات؟
في حين أنه لا توجد أي حلول فورية لعلاج ألم العضلات- إذ تحتاج عضلاتك فقط إلى الوقت للشفاء. هناك بعض الاستراتيجيات التي يمكنك استخدامها لتخفيف الألم والمساعدة في تسريع عملية التعافي. وهي كالتالي:
1- شرب المياه قبل وأثناء التمرين
الارتواء وشرب المياه الكافية ضروري جداً من أجل سلامة الجسم والأعضاء، لكنه أيضاً محوري في عملية تعافي العضلات.
ويحافظ الماء على سيولة العناصر داخل جسمك، مما يساعد في تخفيف الالتهابات، وطرد الفضلات، وتوصيل العناصر الغذائية اللازمة إلى عضلاتك.
وأحياناً تكون المشكلة في معرفة ما إذا كنت مصاباً بالجفاف أم لا، لأنه من المحتمل أن يشعر جسمك بالجفاف قبل أن تشعر بالعطش بوقت طويل. ولذلك ينبغي تناول قسط من المياه كل ساعة حتى وإن لم تشعر بالعطش.
وبحسب Web MD، من الضروري الانتباه إلى أن المكملات الغذائية والبروتينات قد تغيّر من عملية إفراز جسمك للسوائل، لذلك ينبغي تعويض أي نقص وأي مكونات تدخل الجسم بقسط أكبر من المياه، على ألا يقل المنسوب المستهلك يوميا عن ٢ أو ٣ لترات من المياه.
2- تدليك فوري للعضلات بعد إنهاء التمارين الرياضية
يُنصح باستخدام أداة تسمى أسطوانة الفوم- أو كرات التنس إذا لم تتوفر الأسطوانة- لتدليك العضلات وتحرير التوتر فيها وتمديد أنسجتها، مما يساعد على تحريك السوائل التي تتراكم فيها بعد التمرين.
وقد وجدت مراجعة نُشرت في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 في المجلة الدولية للعلاج الطبيعي الرياضي أن التدليك باستخدام أسطوانات الفوم قد يساعد في زيادة نطاق الحركة في تلك المناطق، ما يقلل من ألم العضلات بعد التمارين.
وباستخدام لفافة الفوم أو كرة تنس، بالإضافة إلى أي نوع آخر من التدليك، تزيد الدورة الدموية في المناطق المصابة بالألم؛ وبالتالي تصل إليها المزيد من العناصر الغذائية والأكسجين، مما يساعد على تقليل التورم والألم.
إذا كنت مهتماً بتجربة الأسطوانة الرغوية، فابحث عن إصدارات أكثر ليونة لتبدأ بها قبل استخدام النوعيات الصلبة منها؛ لأنها قد تسبب ألماً إضافياً إذا استخدمتها بشكل قاسٍ على مكان الإصابة.
3- تناول الطعام في غضون نصف ساعة بعد التمرين
من خلال تغذية عضلاتك بالعناصر الغذائية التي تحتاجها لإصلاحها وإعادة نموها بشكل أقوى، قد تتمكن من تسريع عملية التعافي وتخفيف ألم العضلات، وفقاً لموقع Everyday Health الصحي.
ويقترح الموقع بدء الشفاء من خلال التأكد من إدخال 20 إلى 40 غراماً من البروتين و20 إلى 40 غراماً من الكربوهيدرات في جسمك خلال 30 دقيقة من التمرين المكثف أو الطويل (أي الذي يمتد لـ60 دقيقة أو أكثر).
ويُعد تناول الزبادي اليوناني مع حفنة من التوت وملعقة كبيرة من العسل أحد خيارات الوجبات الخفيفة المثالية بعد التمارين لتخفيف ألم العضلات.
وهذا لأن البروتين مهم لتوفير الأحماض الأمينية اللازمة لإعادة بناء العضلات، بينما تلعب الكربوهيدرات دوراً رئيسياً في تجديد مخزون الطاقة الذي تستهلكه عضلاتك أثناء التمرين، وفقاً لبحث حول توقيت تناول المغذيات بعد ممارسة الرياضة تم نشره عام 2017 في مجلة المجتمع الدولي للتغذية الرياضية.
لكن لا تتوقف عند تناول وجبة خفيفة بعد التمرين؛ إذ إنك لن تساعد عضلاتك على التعافي إذا شعرت بالجوع أو بخلت على جسمك بالأطعمة المغذية بقية اليوم.
لذلك حدد أولويات الوجبات وتأكد من الحفاظ على تناسق تناول البروتين يومياً بحيث يتم تغذية أنسجتك بجرعات ثابتة من الأحماض الأمينية على مدار اليوم. وتختلف التوصيات في هذا الشأن، لكن الجمعية الدولية للتغذية الرياضية توصي بتناول 1.4 إلى 2 غرام من البروتين لكل كيلوغرام من وزن الجسم يومياً إذا كنت نشيطاً، مع التأكد من توزيع الجرعات بالتساوي كل ثلاث إلى أربع ساعات.
وهذا يعني أنه إذا كان وزنك 150 رطلاً، فستحتاج إلى ما يقرب من 95 إلى 136 غراماً من البروتين يومياً.
وتعتبر الفواكه والخضراوات والبقوليات أيضاً أساسية لإعطاء الجسم الفيتامينات والمعادن- مثل فيتامين سي والزنك- التي تعزز الشفاء؛ ما يساعد في تخفيف ألم العضلات، وفقاً لأكاديمية التغذية وعلم التغذية.
4- النوم أيضاً يعالج ألم العضلات
النوم أمر بالغ الأهمية لأسباب عديدة، ولكنه أيضاً أحد أهم مكونات التعافي من التمارين الرياضية وتسكين ألم العضلات.
ويضيف موقع Everyday Health أن النوم ليس له تأثير فوري على ألم العضلات، لكنه مفيد للغاية، وذلك لأن النوم يزيد حركة العين غير السريعة (NREM) ويزيد من خلق البروتين (تكوين بروتينات جديدة) في الجسم، وهو أمر ضروري لإصلاح العضلات التالفة، وفقاً لمراجعة نُشرت في أكتوبر/تشرين الأول 2014 في مجلة الطب الرياضي.
وفي مرحلة ما بعد التمرينات الرياضية، قم بنيل قسط جيد من النوم. أو قم بممارسة تمارينك بعد انتهاء اليوم، بحيث تنال قسطك اليومي من النوم العميق على ألا يقل عن 7-8 ساعات من النوم المتصل.
5- مارس التمارين في اليوم التالي!
نعلم الآن أن ألم العضلات بعد التمارين يحتاج إلى الراحة، لكن هذا لا يعني أن تمضي اليومين التاليين ممدداً على الأريكة. لذا حاول الحصول على قسط من الحركة الخفيفة؛ من خلال أنشطة مثل تمارين اليوغا أو تمارين التمدد البسيطة أو المشي أو السباحة أو ركوب الدراجة.
الأمر فقط هو أن تتجنب أداء التمارين المكثفة أو المطابقة لتمارين اليوم السابق التي تسببت في ألم العضلات المعينة التي تؤرقك اليوم، بحسب Web MD.
وعلى مقياس جهد من 0 إلى 10 (حيث 10 هي أقصى جهد مبذول)، استهدف القيام بتمارين بدرجة جهد لا تتجاوز 3 من 10. لأنك بذلك تريد نقل الدم إلى العضلات المُتعبة لتوصيل الأكسجين والمواد المغذية اللازمة لإصلاحها وتعافيها- دون التسبب في مزيد من الضرر لأنسجة العضلات.