اشرب الماء وتناول ما يعيش فيه.. 9 طرق ساعدت على بقاء الناس أصحاء في روما القديمة

عربي بوست
تم النشر: 2021/03/25 الساعة 12:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/03/25 الساعة 12:55 بتوقيت غرينتش
iStock/ نظام غذائي متوازن اتبعه الرومان القدماء

لا شكَّ أنك عندما تسمع كلمة نظام غذائي متوازن ستشعر وكأنه موضوع حديث لم يكن موجوداً لدى القدماء، لكنك مخطئ، فالرومان القدماء سعوا في زمانهم إلى تحقيق التوازن المعقول بين عيش حياة ممتعة وحياة صحية.

iStock/ صورة تعبيرية لسكان روما القدماء
iStock/ صورة تعبيرية لسكان روما القدماء

نظام غذائي متوازن اتبعه الرومان القدماء

إليكم 6 نصائح من الطبيب نيك سمرتون، قال إنّ سكان روما القديمة كانوا يتبعونها لعيش حياة صحية، ونقلتها مجلة History Extra البريطانية.

تحمّل المسؤولية

أكّد غالينوس، أحد أعظم أطباء القرن الـ2 الميلادي، أنَّ مسؤولية رعاية الجسد تقع على عاتق الشخص نفسه، وكتب أنَّ الناس يتعين عليهم تحمّل مسؤولية الحفاظ على صحتهم باتّباع نمط حياة معيّن يلتزم بالممارسات الصحية أو "فن الصحة" كما سماه الإغريق.

سلّط غالينوس الضوء أيضاً على أهمية استنشاق الهواء النقي والحصول على قسطٍ كافٍ من النوم، بالإضافة إلى الاهتمام باتّباع نظام غذائي متوازن وممارسة التمارين الرياضية والحفاظ على ترطيب الجسم.

اعتقد الرومان أنَّه من المهم للغاية تصميم نهج صحي حسب كل شخص على حدة، مع ضمان عدم الإفراط أو التفريط في أي جزء مُحدّد من خطته الصحية.

فقد أوضح غالينوس: "مثلما يستحيل على الإسكافيين استخدام نفس النعل لجميع الأشخاص، كذلك يستحيل على الأطباء استخدام نمط حياة واحد يعود بالنفع على الجميع".

لهذا السبب، يوصي الأطباء بعض الأشخاص بممارسة الرياضة يومياً في حين يرون أنَّه لا يوجد ما يمنع أن يقضي آخرون أوقات من حياتهم في حالة خمول تام.

على نفس المنوال، يبدو الاستحمام كثيراً بالنسبة للبعض أمراً أكثر صحة  في حين أنَّه ليس كذلك بالنسبة لآخرين. 

اتّباع نظام غذائي صحي

كان يُنظر إلى النظام الغذائي الصحي في روما القديمة باعتباره جزءاً من خطة حياة صحية متوازنة، وقد سلطت الأدلة الحديثة المستندة إلى فحص مواد كانت موجودة في عدة قنوات صرف صحي تعود إلى العصر الروماني بعض الضوء على المواد الغذائية التي كان يستهلكها المواطن الروماني العادي.

وكشفت تلك الأدلة أنَّ سكان مدينة هركولانيوم الرومانية القديمة كانوا يتبعون نظاماً غذائياً صحياً للغاية وغنياً بالمعادن ويحتوي على البروتين النباتي، بالإضافة إلى مستويات عالية من العناصر الغذائية الخاصة بالمأكولات البحرية.

كان الاهتمام بوجود الحدائق أمراً شائعاً أيضاً لدى الرومان، إذ ساهم انتشار الحدائق بدور أوسع نطاقاً في تعزيز الرفاهية، بالإضافة إلى فائدتها في زراعة النباتات والخضراوات.

ووصف المؤلف والقاضي الروماني، بلينيوس الأصغر، في إحدى رسائله حالة المشي على طول الممرات التي تصطف الأشجار على جانبيها في الفيلا الخاصة به، مشيراً أيضاً إلى الهواء النقي الصحي وروعة عبير الأزهار. 

الطعام بدلاً من الصيدلية

اتبع الرومان القدماء تعاليم أبقراط التي نقلها غالينوس بعضها، وإحدى هذه التعاليم كانت "ليكن الطعام دواء". 

أول ما وصفه أبقراط للناس الذين يمرضون هو تغيير نظامهم الغذائي، سيما أنه لم تكن هناك متاجر للأدوية في ذلك الوقت، لذا حاول الرومان القدماء علاج مرضهم إما عن طريق تناول – أو عدم تناول – أطعمة معينة وفقاً لما ذكره موقع Italy Magazine الإيطالي.

وخصص الكاتب والخبير الزراعي الروماني ماركوس تيرينتيوس فارو في القرن الثاني قبل الميلاد عدة صفحات في كتابه عن الزراعة "الأشياء السبعة الجيدة" للحديث عن الملفوف.

ووفقًا له يمكن أن يعالج الملفوف الجروح ويقلل من التورمات ويعالج خلع العظام ويمنع السكر أيضاً.

iStock/ وفقاً للرومان فإن يعالج الملفوف الجروح ويقلل من التورمات ويعالج خلع العظام ويمنع السكر
iStock/ وفقاً للرومان فإن يعالج الملفوف الجروح ويقلل من التورمات ويعالج خلع العظام ويمنع السكر

اختيار الطبيب بعناية

حذّر المؤرخ الروماني بلينيوس المواطنين من الوثوق بمهنة الطب –لاسيما الأطباء الإغريق- قائلاً: "يكتسب الأطباء علمهم من المخاطر التي نتعرض لها ويجرون التجارب على حساب حياتنا. يستطيع الطبيب ارتكاب جريمة قتل مع إفلات كامل من العقاب".

وعلى الرغم من الإشارات العديدة إلى الأطباء عبر عصور الإمبراطورية الرومانية، لم يتضح بعد ما الذي كان يؤهل فرد معيّن للحصول على لقب "طبيب" إذ لم تكن هناك امتحانات ولا شهادات ولا إجراءات ترخيص مهنية في العصر الروماني.

وكان الطبيب مجرد فرد ادَّعى اللقب ووصف علاجات مقابل الحصول على نوع من الأجر.

العناية بالعينين

بالنسبة للرومان، كانت العيون جزءاً مميزاً في الجسم ونقطة انتقال بين الروح والعالم الخارجي، فساهمت الطرق الترابية والممارسات الصحية غير الملائمة في إصابة أعداد كبيرة من الرومان بمشكلات في العين.

وصنَّف تقرير القوة العسكرية الخاص بالمجموعة الأولى من المقاتلين التنغريين 31 جندياً في حصن فيندولاندا الروماني إلى ثلاث فئات من حيث عدم اللياقة للخدمة العسكرية: مرضى (15 جندياً)، جرحى (6 جنود) ومشكلات في العين (10 جنود).

وخصّص سيلسوس، وهو فيلسوف وكاتب من القرن الأول، فصلاً كاملاً في كتابه "من الطب" للعناية بالعيون وقدَّم وصفاً تفصيلياً لجراحة الساد (إعتام عدسة العين):

يشرح سيلسوس في كتابه: "يجب أن يجلس المريض أمام الجرّاح في غرفة مضيئة في مواجهة ضوء ساطع، بينما يجلس الجراح على مقعد أعلى قليلاً، يمسك مساعد الجراح من الخلف برأس المريض حتى لا يتحرك، لأنَّ أي حركة بسيطة قد تؤدي إلى فقدان كامل للبصر".

ثم يأخذ الطبيب إبرة مدببة بدرجة كافية للاختراق ويدخلها مباشرةً عبر الطبقتين الخارجيتين للعين نحو العدسة المصابة بالإعتام. يتعيّن على الطبيب الحذر حتى لا تصاب أوردة العين بأي أذى.

عُثر على إبر للعين مخصصة لإجراء تلك العملية الجراحية في عدد من المواقع الرومانية بمدينة كارلايل الإنكليزية وكذلك في فيلا بيدنغتون بمقاطعة نورثامبتونشاير.

ضمان رعاية متخصّصة للجروح   

كانت الجروح القطعية إحدى الإصابات الشائعة بالنسبة للجنود الرومان الذين يقاتلون في الحروب بسبب استخدام القبائل المحلية التي تواجههم أسلحة مثل الرماح والسكاكين والفؤوس، ومن ثم واجه بعض الجنود الرومان كسوراً وإصابات في الرأس والعين، بالإضافة إلى جروح نافذة في البطن أو الصدر.

احتاجت جميع هذه الجروح إلى التنظيف والتضميد، وبعضها كان يستلزم الخياطة.

في بعض الأحيان، كانت الإصابة تستلزم إجراء عملية جراحية أكثر تعقيداً لإزالة شظايا العظام أو وقف النزيف أو استخراج أسنة الرماح.

كانت الجروح النافذة مُعرّضة بشكلٍ خاص للإصابة بالعدوى وكثيراً ما استخدم الرومان ضمادات العسل للحفاظ على نظافة الجرح.

وكتب الطبيب العسكري ديسقوريدوس أنَّ "العسل ينظف الجرح ويفتح المسام ويُخرج السوائل، بالإضافة إلى أنَّه يساعد على التئام جروح الجسم عند غليه وتطبيقه على المنطقة المصابة".  

الاهتمام بالصحة النفسية  

اعتبر الرومان الاعتناء بالصحة النفسية -أو الروح- جزءاً لا يتجزأ من العناية بالجسد فقد سعى العديد من الرومان إلى وضع نظام للصحة وفلسفة للحياة.

كان مذهب "الرواقية" أحد المذاهب الفلسفية التي تبناها ونشرها أباطرة مثل الإمبراطور ماركوس أوريليوس.

وتمثَّل الهدف الأسمى لهذا المذهب الفلسفي في استبدال المشاعر الإيجابية مثل الفرح والتفاؤل بالمشاعر السلبية مثل الحزن والغضب والقلق.

في الوقت الذي تردّد فيه أباطرة رومان آخرون، مثل الإمبراطور كاراكلا، على ملاذات الشفاء وركَّز العديد منهم على توفير رعاية صحية شاملة تتضمن الصحة النفسية من خلال تقديم مجموعة واسعة من العلاجات.

بالإضافة إلى التماس مساعدة آلهة الطب والشفاء، مثل الإله أسقيليبوس، إله الطب في الديانة والميثولوجيا الإغريقية القديمة.

لا تتناول العشاء بمفردك 

لطالما كان العشاء في العصور القديمة ذا شأن اجتماعي مشترك ويتم سواء عن طريق تناول الطعام مع العائلة أو مع عدد قليل من الأصدقاء المقربين في منزل شخص ما .

لذلك اعتقد الرومان القدماء أن من يتناول الطعام بمفرده يمكن أن يصاب بعسر الهضم؛ لأن الشخص عندما يجلس على مائدته من دون محادثة ممتعة قد يأكل كثيراً وبسرعة كبيرة.

اشرب الماء وتناول ما يعيش فيه

كان الماء أيضاً عنصراً مهماً للغاية في العديد من ملاذات الشفاء، إذ استخدم الرومان العلاج بالماء وسيلة لتطهير الجروح وعلاج عدد من الأمراض المزمنة التي تصيب العضلات والمفاصل، بالإضافة إلى تحقيق مزيد من الراحة النفسية.

وارتبطت بعض المواقع الاستشفائية الرومانية –على غرار الموجودة في بلدة ليدني- بينابيع المياه الساخنة أو المياه الطبيعية الغنية بالحديد، التي ربما شجعت على زيارتها الأفراد الذين يعانون من فقر الدم الناجم عن نقص الحديد.

كما أنّ الرومان كانوا يشجعون على تناول كل ما يعيش في الماء مثل الأسماك، لاعتقادهم أنّ بها فوائد كبيرة.

تحميل المزيد