انشغل عدد من رواد وسائل التواصل الاجتماعي بالحديث عن "فيروس صيني جديد تنقله الخفافيش"، وقد أثار "فيروس نيباه" (Nipah virus) بعض القلق، خصوصاً مع انتشار أخبار تتحدث عن مخاوف العلماء من تفشي وباء جديد لا علاج له في ظل انشغال العالم بمحاربة فيروس كورونا الحالي.
ما قصة "فيروس نيباه"؟
فيروس نيباه فيروس حيواني، ينتشر بين الحيوانات والإنسان، واعتبرت الخفافيش (خفافيش الفاكهة) هي المضيف أو الخازن للفيروس بين الحيوانات، لكن سجلت إصابات ونقل للفيروس عن طريق الخنازير أيضاً.
الفيروس موجود منذ عام 1999، ما يجعلك تتساءل لماذا يتحدث الجميع عنه الآن؟ تعود القصة إلى تقرير نشرته صحيفة The Guardian البريطانية في 26 يناير/كانون الثاني 2021، عن تحذير شركة أبحاث الأدوية الهولندية Access to Medicine، من عدم استعداد شركات الأدوية لمواجهة "فيروس نيباه الذي يمكن أن يهب في أي لحظة، خصوصاً مع خطره الأكبر، إذ يسبب وفيات بمعدل 75%".
المنظمة غير الربحية التي تمولها بشكل أساسي الحكومة البريطانية والهولندية حذرت من فيروس نيباه، وقالت إنه "يمكن أن يسبب مشاكل تنفسية حادة والتهاب الدماغ، وتورم في الدماغ، ومعدل الوفيات من 40% إلى 75%، في حال تفشيه".
وقالت إنه "واحد من أخطر 10 أمراض معدية من أصل 16 مرضاً معدياً حددتها منظمة الصحة العالمية على أنها أكبر خطر على الصحة العامة حيث لا توجد مشاريع حالية لبحث دواء له في شركات الأدوية العالمية". تشمل الأمراض المعدية أيضاً التي وصفها التقرير حمى الوادي المتصدع، الشائعة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، إلى جانب مرض ميرس وسارس، وهي أمراض الجهاز التنفسي التي تسببها فيروسات كورونا ولديها معدلات وفيات أعلى بكثير من كوفيد-19، ولكنها أقل عدوى وانتشاراً.
لماذا هذا الخوف من فيروس موجود بالفعل؟
التقرير الذي سبب كل هذا القلق حذر من "غياب العلاج لفيروس خطير موجود منذ أعوام ويمكن أن يشكل خطراً وبائياً على العالم". وأشار إلى أنه كثيراً ما حذرت شركات الأدوية من فيروسات جديدة من سلالة كورونا يُمكن أن تسبب حالة طوارئ صحية عالمية، ولم تتضافر الجهود للاستعداد لها، إلا عندما واجه العالم كارثة تطور فيروس كوفيد-19 من سلاسة كورونا.
هذا يعني أن المقال يهدف بشكل أساسي لإلقاء الضوء على أمراض لا تحظى باهتمام كافٍ للعمل على مواجهتها قبل أن تحل كارثة، وسعي من شركة الأدوية لحث الجميع على التعلم من أخطاء الماضي، وليس تحذيراً من جائحة جديدة قادمة، بل محتملة بنسبة لم تحددها.
لكن بالنسبة لشركة الأدوية يكمن مصدر القلق في أن الفيروس أخطر، ومعدل الوفيات منه تصل بين 40 و70% حال تفشيه، كما أنه لا يوجد علاج منه.
هل فيروس نيباه صيني؟
تداول كثيرون أخباراً تقول إن فيروس "نيباه" هو فيروس جديد اكتشف حديثاً في الصين، لكن بكين نفت ظهوره على أراضيها، وردت السفارة الصينية في القاهرة على الأخبار المنتشرة، مؤكدةً أن الفيروس موجود فى جنوب آسيا وليس الصين، ولفتت إلى انزعاجها من الشائعات، كما نقل عنها موقع "روسيا اليوم".
ربط الفيروس بالصين بدأ من تقرير الصحيفة البريطانية أيضاً، لكنها أعادت تعديل تقريرها في 31 يناير/كانون الثاني. إذ حذرت جايسري كي آيير المديرة التنفيذية لمؤسسة Access to Medicine عن تفشي فيروس نيباه في الصين، مع معدل وفيات يصل إلى 75%، كخطورة جائحة كبيرة محتملة، لتحذف الصحيفة بعد ذلك أي إشارة إلى الصين في تصريح آيير، وكتبت تنويهاً في نهايته لذلك.
في الحقيقية الفيروس اكتشف بعد تفشي المرض بين الخنازير وبعض البشر في ماليزيا وسنغافورة، كما رصدت حالات إصابة به في بنغلاديش بالعام 2001، وكذلك في الهند بشرب بعض الأشخاص لعصير النخيل.
في بنغلاديش على سبيل المثال، منذ ظهور الفيروس في 2001، وحتى 2011 سجلت 11 حالة تفشي، إلا أن حالات التفشي هذه أسفرت عن إصابة 196 شخصاً، مات منهم 150 شخصاً، وفق تقرير شبكة BBC. وعلى العكس في ماليزيا، لم يتم الإبلاغ عن حالات تفشّ جديدة على أراضيها منذ عام 1999.
ينتقل الفيروس بشكل أساسي عن طريق الاتصال المباشر بالحيوانات المصابة مثل الخفافيش والخنازير، أو بسوائل جسمها مثل الدم والبول واللعاب، أو عند استهلاك منتجات غذائية ملوثة بهذه المخلفات من أجسام الحيوانات المصابة، مثل عصارة النخيل والفاكهة الملوثة مثلما حدث في الهند. أيضاً قد ينتقل الفيروس عن طريق الاتصال المباشر بشخص مصاب والتعرض لسوائل جسمه مثل رذاذ الأنف والبول والدم.
حقائق عن فيروس نيباه
الآن، دعنا ننقل لك بعض الحقائق عن فيروس نيباه وأعراضه وطرق انتقاله، كما أعلنتها منظمة الصحة العالمية.
- فيروس نيباه هي مرض حيواني المصدر ينتقل إلى البشر من الحيوانات، ويمكن أيضاً أن ينتقل عن طريق الطعام الملوث أو مباشرة من شخص لآخر.
- فيروس نيباه تسبب في عدد قليل من حالات تفشي المرض المعروفة في آسيا، إلا أنه يصيب مجموعة واسعة من الحيوانات ويسبب أمراضاً خطيرة وحالات وفاة عند التفشي.
- خلال أول انتشار معترف به في ماليزيا، ثم في سنغافورة، نتجت معظم الإصابات البشرية عن طريق الاتصال المباشر مع الخنازير المريضة أو أنسجتها الملوثة وسوائل جسمها.
- في حالات تفشي الفيروس اللاحقة في بنغلاديش والهند، كان استهلاك الفاكهة أو منتجات الفاكهة (مثل عصير النخيل الخام) الملوثة بالبول أو اللعاب من خفافيش الفاكهة المصابة هو المصدر الأكثر احتمالاً للعدوى.
- حالات الانتقال من البشر للبشر سجلت جميعها في محيط أفراد الأسرة المصابين ومقدمي الرعاية للمرضى المصابين.
أعراض فيروس نيباه
- يسبب الفيروس مجموعة من الأمراض بدون أعراض (أعراض إكلينيكية أو سريرية)، لكنه أيضاً يسبب أمراض الجهاز التنفسي الحادة والتهاب الدماغ القاتل.
- يصاب الأشخاص المصابون في البداية بأعراض تشمل الحمى والصداع والألم العضلي والقيء والتهاب الحلق، يمكن أن يتبع ذلك دوار، وخمول، وعلامات عصبية تشير إلى التهاب الدماغ الحاد. ويمكن أن يعاني بعض الأشخاص من الالتهاب الرئوي ومشاكل تنفسية حادة.
- يحدث التهاب الدماغ والنوبات المرضية في الحالات الشديدة، وتتطور إلى غيبوبة في غضون 24 إلى 48 ساعة.
- تتراوح فترة الحضانة من 4 إلى 14 يوماً، ولكن تم الإبلاغ عن فترة حضانة تصل إلى 45 يوماً.
- يتعافى معظم الناس بشكل كامل، على الرغم من أن البعض قد يعيش مع حالات عصبية متبقية بعد التهاب الدماغ الحاد.
- يكمن خطر الفيروس في احتمالية الوفاة به بنسبة 40-75% ولكن يمكن أن يختلف ذلك اعتماداً على الخدمات الطبية المقدمة، وغالباً ما يركز فيها على علاج مضاعفات الجهاز التنفسي والعصبية الشديدة.
- لا يوجد حالياً أي أدوية أو لقاحات تستهدف بشكل خاص عدوى فيروس نيباه.
- تشمل إجراءات الوقاية: غسل اليدين بالماء والصابون بانتظام، وتجنب ملامسة الخفافيش والخنازير المريضة، وتجنب تناول عصارة النخيل الخام والفاكهة التي قد تكون ملوثة بدم أو لعاب أو سوائل جسم الخفافيش.
- حددت منظمة الصحة العالمية نيباه باعتباره مرضاً ذا أولوية على أجندتها للبحث والتطوير.
قد يهمك أيضاً: هل إصابة الحامل بكورونا تؤثر على جنينها؟