إنجاز طبي كبير تم في الإمارات هذا الأسبوع باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، حيث تمكنت شركة أبوظبي للخدمات الصحية "صحة"، من علاج مولود كان يعاني من عدة تشوهات خلقية معقدة في القلب، عبر أحدث أجهزة التصوير وتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.
وكان قلب الطفل يعاني من عدم وجود حاجز بين البطينين والأذينين، ووجود انعكاس في شرايين القلب، وتضيق حاد في الشريان الرئوي، ووجود صمام واحد يفصل بين البطينين والأذينين بدلاً من وجود صمامين.
لذلك، قام فريق طبي متخصص في مدينة الشيخ زايد الطبية بإجراء عملية تصحيحية معقدة، بعدما تمت الاستعانة بالطباعة ثلاثية الأبعاد، من أجل تصميم نموذج مطابق لقلبه المريض، والذي أظهر هذا النموذج التشريح الفعلي لقلب الطفل والأوعية الدموية، مما مكَّن الفريق الطبي المعالج من أن يضع خطة جراحية ملائمة، قبل البدء في إجراء العملية.
هذا الخبر سلط الضوء على تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد والثورة التي أحدثتها في عالم الطب، وإذا كان من الممكن استخدامها في بناء أعضاء صناعية ما.
ما هي الطباعة ثلاثية الأبعاد؟
الطباعة ثلاثية الأبعاد هي عملية بناء كائن ثلاثي الأبعاد من رقمي ثلاثي الأبعاد. يمكن أن يشير مصطلح "الطباعة ثلاثية الأبعاد" إلى مجموعة متنوعة من العمليات التي يتم فيها ترسيب المواد أو ربطها أو ترسيخها تحت تحكم الكمبيوتر لإنشاء جسم ثلاثي الأبعاد، مع إضافة المواد معاً (مثل جزيئات السائل أو حبيبات المسحوق المدمجة معاً)، طبقة تلو الأخرى عادة.
وتتميز هذه التقنية بإمكانية تصنيع أجسام من مواد مختلفة مثل المعادن والبلاستيك والسيراميك، وغيرها من المواد.
في الثمانينيات من القرن العشرين، اعتبرت تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد مناسبة فقط لإنتاج نماذج أولية وظيفية أو جمالية، وكان المصطلح الأكثر ملاءمة لها في ذلك الوقت هو النماذج الأولية السريعة.
اعتباراً من عام 2019، زادت الدقة ونطاق المواد للطباعة ثلاثية الأبعاد لدرجة أن بعض عمليات الطباعة ثلاثية الأبعاد تعتبر قابلة للتطبيق كتقنية إنتاج صناعي، حيث يمكن استخدام مصطلح "التصنيع الإضافي" بشكل مترادف مع الطباعة ثلاثية الأبعاد.
تتمثل إحدى المزايا الرئيسية للطباعة ثلاثية الأبعاد في القدرة على إنتاج أشكال هندسية معقدة للغاية، قد يكون من المستحيل بناؤها يدوياً، وضمن ذلك الأجزاء المجوفة أو الأجزاء ذات الهياكل الدعامية الداخلية لتقليل الوزن.
الطباعة ثلاثية الأبعاد في الطب
جذبت التطورات في الطباعة ثلاثية الأبعاد الانتباه في مجال الرعاية الصحية، بسبب قدرتها على تحسين العلاج لبعض الحالات الطبية.
قد يقوم اختصاصي الأشعة، على سبيل المثال، بإنشاء نسخة طبق الأصل من العمود الفقري للمريض؛ للمساعدة في التخطيط لعملية جراحية، أو بإمكان طبيب الأسنان إجراء مسح ضوئي للسن المكسورة وتصميم شكل لعمل تاج يلائم فم المريض بدقة. في كلتا الحالتين، بإمكان الأطباء استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد لصنع منتجات تتوافق على وجه التحديد مع تشريح المريض.
ولا تقتصر هذه التقنية على هذا فقط، إذ مكنت الطباعة ثلاثية الأبعاد من إنتاج أطراف صناعية مخصصة أو غرسات في الجمجمة أو غرسات لتقويم العظام مثل الوركين والركبتين.
تصف المراجعات المنشورة مؤخراً استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد لإنتاج العظام والأذنين والهياكل الخارجية والقصبات الهوائية وعظام الفك والخلايا الجذعية والأوعية الدموية وشبكات الأوعية الدموية والأنسجة والأعضاء.
طباعة الأعضاء
يعد فشل الأنسجة أو الأعضاء بسبب الشيخوخة والأمراض والحوادث والعيوب الخلقية مشكلة طبية خطيرة. يعتمد العلاج الحالي لفشل الأعضاء في الغالب، على زرع الأعضاء من متبرعين أحياء أو متوفين. ومع ذلك، هناك نقص مزمن في الأعضاء البشرية المتاحة.
أضف إلى هذا أن عملية زرع الأعضاء والمتابعة بعدها باهظة التكلفة أيضاً، ومشكلة الحاجة إلى تناول مثبطات المناعة مدى الحياة.
يتم اتباع العلاجات القائمة على هندسة الأنسجة والطب التجديدي كحلٍّ محتمل، عبر استخدام الخلايا الجذعية. وعلى الرغم من أن هذه التقنية لا تزال في مهدها، فإن الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد توفر مزايا إضافية مهمة تتجاوز هذه الطريقة.
قلب صناعي ثلاثي الأبعاد
بالنسبة لبعض الأعضاء، لا يزال المشوار طويلاً حتى نحصل على قلب أو كبد ثلاثي الأبعاد. لكن العلماء في الولايات المتحدة تمكنوا مؤخراً- على سبيل المثال- من ابتكار أول نموذج لقلب بشري بالحجم الكامل باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد تستخدم المواد الحيوية لإنتاج بنية وأنسجة تشبه قلب الإنسان الحقيقي.
هذا النموذج لا يصلح للعمل مكان القلب بالطبع، ولكن يمكن أن يكون أداة مفيدة لتدريب المهنيين الطبيين على العمليات المتعلقة بوظيفة قلب الإنسان. يمكن أيضاً استخدامه كأساس لبحث جديد حول طرق استخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لإنتاج قلوب تعمل بطاقتها كاملةً لتحل محل البشر.
الفريق البحثي وراء هذا الابتكار طوَّر طابعة ثلاثية الأبعاد يمكنها "الطباعة الحيوية" للكولاجين. والكولاجين هو البروتين الهيكلي الرئيسي الموجود في الأنسجة بجميع أنحاء جسم الإنسان.
كان الهدف من المشروع هو استخدام تقنية الطباعة الحيوية نفسها لإنشاء نموذج واقعي بالحجم الكامل لقلب بشري.