أيهما أكثر صحية المكسرات النيئة أم المحمصة؟ هذا السؤال يخطر ببالنا عندما نبدأ في تغيير نظامنا الغذائي إلى نظام صحي أو نبدأ حمية جديدة، فنبدأ في حساب السعرات الحرارية في المكسرات النيئة والمحمصة، ونبحث عن تأثير التحميص على البروتينات والألياف والدهون الصحية ومضادات الأكسدة الموجودة في المكسرات، لكن هل هناك فرق حقيقي يستدعي استخدام نوع مقابل الآخر؟
أيهما أكثر صحية المكسرات النيئة أم المحمصة؟
يتغير طعم المكسرات الطري إلى مقرمش عند التحميص، كما قد يتغير لونها، لكن هل يتغير محتواها الغذائي، أو تقل فوائدها التي نعرفها في خفض نسبة الكوليسترول وضغط الدم وسكر الدم؟
تحتوي المكسرات النيئة والمحمصة على كميات متشابهة جداً من الدهون والكربوهيدرات والبروتينات، رغم أن المكسرات المحمصة تحتوي على نسبة دهون وسعرات حرارية أكثر بقليل لكل غرام من النيئة، إلا أن الفرق ضئيل.
إذ تحتوي كبشة واحدة (28 غراماً) من اللوز الخام على 161 سعراً حرارياً، و14 غراماً من الدهون، بينما تحتوي نفس الكمية من اللوز المحمص الجاف على 167 سعرة حرارية، و15 غراماً من الدهون.
وأثناء التحميص، تفقد المكسرات بعض الرطوبة، لذلك فإن وزن اللوز المحمص أقل من اللوز الخام، وهذا يفسر سبب ارتفاع محتوى الدهون قليلاً عن المكسرات المحمصة، وفق موقع Nutrition Data لجمع بيانات ونتائج الأبحاث المتخصصة بالطعام.
وقد أظهرت بعض الدراسات أن تحميص المكسرات لا يغير محتوى الدهون الكلي، ومع ذلك فإن الدهون المتعددة غير المشبعة في المكسرات المحمصة تصبح أكثر عرضة للأكسدة، والدهون الصحية هذه قادرة على خفض نسبة الكوليسترول في الدم، وقد تحمي من أمراض القلب.
وفي الوقت نفسه، فإن محتويات البروتين والكربوهيدرات في المكسرات النيئة والمحمصة متشابهة جداً، ومع ذلك يمكن أن تكون المكسرات المحمصة أعلى أو أقل قليلاً في هذه المغذيات، اعتماداً على نوع المكسرات.
لكن المكسرات المحمصة بالزيت تحتوي على نسبة أعلى قليلاً من الدهون والسعرات الحرارية من المكسرات المحمصة الجافة، هذا لأن المكسرات غنية بالدهون بشكل طبيعي، ولا يمكنها امتصاص الكثير منها من الدهون المضافة.
لكن علينا الانتباه لدرجات الحرارة ومدة التحميص، وإلا تصبح المكسرات المحمصة ضارة!
عندما تتعرض الدهون المتعددة غير المشبعة للحرارة، كما هو الحال مع التحميص، فمن المرجح أن تتلف أو تتأكسد، والدهون المؤكسدة قد تكون مضرة لخلايا الجسم، لكن لحسن الحظ فإن تأكسد الدهون يعتمد على ارتفاع درجة الحرارة ومدة التحميص، وهذا يعني أنه يسهل التحكم فيها.
أكد موقع HealthLine المهتم بالمواضيع الصحية أنه عندما يتم تحميص المكسرات على درجة حرارة منخفضة إلى متوسطة، تقل احتمالية تلف دهونها، لكن حال زادت مدة التحميص وارتفعت درجة الحرارة زادت احتمالية تأكسد الدهون.
على سبيل المثال، عندما يتم تحميص اللوز في ظروف قاسية عند 180 درجة مئوية لمدة 20 دقيقة، زادت المادة التي تشير إلى الأكسدة بمقدار 17 مرة، مقارنة باللوز الخام. وبالمقارنة زادت المادة التي تشير إلى الأكسدة بمقدار 1.8 مرة للبندق و2.5 مرة للفستق.
ويرجع الفرق إلى اختلاف كمية الدهون المتعددة غير المشبعة في كل نوع، فهي مرتفعة في اللوز، إذ تمثل 72% من إجمالي محتوى الدهون بها، وهو أعلى محتوى دهني من جميع المكسرات.
الأكسدة التي قد تشعر بها بمجرد تغير طعم المكسرات قد تحدث أيضاً بسبب سوء التخزين، وليس مجرد التحميص، وذلك لتفاعل المكسرات مع الأكسجين، ما يسمح لها بالتأكسد. لذلك ينصح عموماً بالاحتفاظ بالمكسرات المحمصة مدة أقل من النيئة، لأن التحميص يقلل مدة صلاحية المكسرات.
أيضاً، فإن تسخين المكسرات لفوق درجة حرارة 120 إلى أن تتحول للون البني فهذا يعني تفاعل حمض الأسباراجين الأميني والسكر الطبيعي في المكسرات، يسمى تفاعل Maillard، ويكون مادة ضارة اسمها الأكريلاميد، وهي مادة مسرطنة عند تناولها بجرعات عالية. (تقول أبحاث نقلتها المكتبة الأمريكية للطب إن تناول هذه المادة بجرعات عالية جداً تسبب السرطان للحيوانات، وقد يكون لها تأثيرات محتملة مسببة للسرطان لدى البشر، لكن الأدلة نادرة).
وفي هذه الحالة، يعتبر اللوز هو الأكثر عرضة لتكوين مادة الأكريلاميد، لأنه يحتوي على كميات عالية من الأحماض الأمينية الأسباراجين. ورغم ذلك تظل الكميات التي تنتج في المكسرات أقل بقليل من الكمية التي تعتبر ضارة.
والمكسرات النيئة ليست آمنة 100%
قد تحتوي المكسرات النيئة على الفطريات والبكتيريا الضارة مثل السالمونيلا (عدوى بكتيرية تصيب الأمعاء، وتنتقل عبر بعض الأطعمة أو الماء الملوث)، والإشريكية القولونية (جرثومة تعيش عادة في معي البشر والحيوانات ذات الدم الحار).
وذلك لأن المكسرات يتم رميها أحياناً أو سقوطها على الأرض أثناء الحصاد، وإذا كانت التربة ملوثة بالبكتيريا، فسوف تتلامس المكسرات بسهولة مع البكتيريا، كما قد تؤدي المياه الملوثة أيضاً إلى ظهور بكتيريا ضارة، إما أثناء الحصاد أو بعد الحصاد.
وقد اكتشفت السالمونيلا في 1% المكسرات النيئة، بما في ذلك اللوز والمكاديميا والجوز والفستق، ومع ذلك، فإن كمية السالمونيلا المكتشفة منخفضة، لذا فقد لا تسبب المرض لدى الأفراد الأصحاء.
الخبر السعيد هنا أن التحميص المنخفض أو المتوسط قادر على قتل هذه البكتيريا.
باختصار: الاعتدال هو الحل
المكسرات النيئة صحية للغاية، لكنها قد تحتوي على بكتيريا ضارة، ومع ذلك، فمن غير المرجح أن يسبب ذلك الإصابة بمرض. من ناحية أخرى قد تحتوي المكسرات المحمصة على عدد أقل من مضادات الأكسدة والفيتامينات، وقد تتلف بعض الدهون الصحية أيضاً وتتشكل مادة الأكريلاميد، ولكن ليس بكميات كبيرة تسبب ضرراً.
وفي النهاية، يمكن أن يكون لدرجة حرارة التحميص ومدته تأثير كبير للحماية من التأثيرات السلبية للحالتين. لذلك فإن اختيار درجة حرارة منخفضة إلى متوسطة (بين 120 إلى 140 درجة مئوية) لمدة 15 دقيقية يعد الخيار الأفضل لقتل البكتيريا العالقة بالمكسرات النيئة، ولضمان عدم تأكسد الدهون في المكسرات المحمصة.
اقرأ أيضاً: تقي من السرطان وتخسر الوزن ولذيذة! دليلك الكامل لفوائد المكسرات