هل تعاملت من قبل مع شخص يضحك أو يُبدي ارتياحاً إذا سمع خبراً سيئاً أو مأساوياً؟ لا داعي لأن يُثير الأمر حيرتك ورِيبتك، فقد يكون هذا الشخص يعاني التأثير غير المناسب، وهو ما يُمكنك التعرّف عليه هنا.
ما هو التأثير غير المناسب؟
التأثير يشير إلى التعبير الخارجي عن المشاعر الداخلية للشخص، بالنسبة لمعظم الناس، هناك تطابق بين التأثير والظرف؛ على سبيل المثال، إذا تلقيت الأخبار التي تُفيد بأن صديقاً قد توفي، فسيكون رد فعلك هو الحزن والدموع.
ومع ذلك، بالنسبة للبعض فإن التأثير وتعبيرهم الخارجي لا يتطابقان مع الموقف الذي هم فيه، ويُعرف هذا باسم "التأثير غير المناسب"، وهو ما يمكن أن تكون له مجموعة متنوعة من الأسباب، فإذا كنت تعرف شخصاً يبتسم في أثناء حدوث مأساة، أو لا يُظهر أي انفعال عندما يكون إظهار الانفعال أمراً مطلوباً ومُتوقَّعاً، فلا تُسارع باتهامه، فربما يعاني هذه الحالة.
كما سبق الذكر، فإن التأثير غير المناسب يتضمن عرض ردود الفعل التي لا تتطابق مع الموقف الذي يكون الشخص فيه، أو قد لا يتطابق التعبير الخارجي حتى مع الحالة النفسية الداخلية للشخص، فكل المشاعر أو الأفعال أو السلوك العام الذي يبدو في غير محله بموقف ما، كلها تندرج تحت المظلة العامة لمُصطلح "التأثير غير المناسب".
يمكن أن يكون التأثير غير المناسب واحداً من أعراض بعض المشكلات الجسدية أو العقلية المختلفة، ولكنه قد يكون أيضاً اضطراباً بحد ذاته، لقد أدرك الأطباء النفسيون وغيرهم من المهنيين "التأثير غير المناسب" كمشكلة بين المرضى لأكثر من 100 عام، وأبلغوا عن أحداثٍ مثل الضحك دون أي سبب.
الأسباب التي قد تؤدي إلى حدوث التأثير غير المناسب
هناك عدد من الأسباب المحتملة المختلفة لحدوث التأثير غير المناسب، ومنها:
1- تلف في الدماغ أو خلل عصبي:
يمكن أن ينتج التأثير غير المناسب عن تلف جسدي في المخ مثل حدوث ورم بالمخ أو إصابة في الدماغ أو ما إلى ذلك، يُعدّ نقص الأكسجين في المخ سبباً محتملاً للتأثير غير المناسب.
عندما يكون التأثير غير الملائم ناتجاً عن مشكلة دماغية هيكلية، فإن المناطق التي عادة ما تكون مُصابة تشمل الجهاز الحوفي، والقشرة الحزامية الأمامية، وجذع الدماغ، والقشرة المخية قبل الجبهية.
2- انفصام الشخصية أو الاضطرابات العقلية ذات الصلة:
السبب الرئيسي الثاني للتأثير غير المناسب هو الاضطرابات العقلية مثل الفصام، والاضطراب الثنائي القطب، إلخ. ففي كثير من الأحيان، لم يفقد هؤلاء الأفراد القدرة على ردود الفعل العاطفية، ولكن قد يفقدون القدرة على توظيفها في الحالات الطبيعية أو بالطريقة المتوقعة، وذلك لأن التأثير الذي يُظهرونه هو رد فعلهم على الهلوسة والأوهام وافتراضاتهم حول أسباب تصرفات الآخرين، وليس على الواقع الذي أمامهم.
فتكون لديهم ردود فعل غريبة لا تبدو منطقية للمراقب الخارجي، وبهذه الطريقة، تظهر المشاعر والسلوكيات التي لا يبدو أنها تتسق مع واقع الموقف، لكنها في الواقع تتسق مع التجربة الداخلية للمريض حول الوضع.
يمكن أيضاً ملاحظة التأثير غير اللائق على الأشخاص الذين يُعانون اعتلالاً نفسياً، حيث يفشلون في إظهار مشاعر صحيحة وصحية في تعاملهم مع أشخاص آخرين أو خلال علاقاتهم الشخصية.
3- عوامل أخرى:
يمكن أن تكون هناك أيضاً أسباب أخرى للتأثير غير اللائق، ففي بعض الحالات يكون الشخص قادراً على الاستجابة بطريقة طبيعية، لكن لسبب أو لآخر لا يفعل هذا.
أعراض التأثير غير المناسب
تتوقف الأعراض المحددة للتأثير غير اللائق على السبب الأساسي لحدوث هذه الحالة، وتظهر الأعراض في تعبيرات الوجه ونبرة الصوت ومحتوى ما يقوله الشخص، فيما يلي بعض الأعراض المحتملة:
1- البكاء الذي لا يمكن السيطرة عليه حتى عندما لا يشعر الشخص بالحزن.
2- العواطف التي لا تتناسب مع واقع الموقف.
3- إظهار السعادة في أثناء المأساة.
4- الغضب دون أي استفزاز خارجي.
5- الهوس، والاكتئاب ، أو العصبية والتهيج.
6- عدم إظهار أي ردود فعل عاطفية أو انفعالية متوقعة، ولكن ليس المقصود هنا الحالات التي يحاول خلالها الشخص كبح مشاعره.
تشخيص التأثير غير المناسب
إذا كنت تشعر بالقلق من أن تكون أنت أو شخص تعرفه يعاني التأثير غير المناسب، فمن المهم الحصول على تشخيص من أخصائي صحة عقلية مرخص، يمكن أن يحولك طبيبك إلى المحترفين الضروريين، مثل طبيب الأعصاب، أو طبيب نفسي.
تتمثل الخطوة الأولى عموماً في استبعاد أي حالة جسدية أو عصبية تسبب التأثير غير اللائق، ففي كثير من الأحيان، يكون التأثير غير اللائق أحد أعراض اضطراب آخر، لذلك سيتم إجراء تقييم للاضطرابات النفسية التي قد تكون سبباً محتملاً.
علاج التأثير غير المناسب
كما هو الحال مع الأعراض، يعتمد علاج التأثير غير المناسب على السبب الكامن وراءه، يعتمد تلقي العلاج المناسب على التشخيص الدقيق، وهذا هو السبب في أنه من الأهمية بمكانٍ زيارة أخصائي الرعاية الصحية إذا كنت أنت أو شخص تعرفه تعيش مع هذه الأنواع من الأعراض.
سيتم التعامل مع التأثير غير اللائق بأحد أشكال الأدوية والتي يتم تحديدها اعتماداً على شدة الأعراض، حتى لو تم استخدام العلاج النفسي، فإنه عادة ما يكون بمثابة إضافة إلى الدواء، لأن العلاج وحده لن يساعد في الغالب في علاج المشكلة.
تشمل الأدوية التي يمكن استخدامها مضادات الذهان (في حالات انفصام الشخصية أو الذهان)، ومضادات الاكتئاب (في حالات اضطرابات المزاج)، بالإضافة إلى دواء محدد ومُعتمد لعلاج التأثيرات غير المُناسبة.
كيفية مساعدة شخص ما يعاني التأثير غير المناسب
إذا كنت مقدِّم رعاية لشخص يعاني التأثير غير المناسب، فقد يكون الأمر صعباً عليك أيضاً، فقد تتفاعل بشكل سلبي مع سلوكيات الشخص الآخر، وتُفسّرها بشكل سيئ، وهو ما قد يزيد الموقف سوءاً، قد تكون مرتبكاً أيضاً من سلوكهم ولا تعرف كيف تتفاعل، لذلك يجب أن تتسلح بالمعرفة والمعلومات الكافية حول الحالة، لتعرف حقيقة الوضع ولا تُفسّره بشكل خطأ.
كذلك يكون من المهم كمقدم رعاية أن تأخذ بعض الوقت للحصول على المساعدة لنفسك أيضاً، قد تكون مجموعات الدعم أو الطرق الأخرى للتواصل مع الأشخاص الآخرين الذين يواجهون المشكلات نفسها مفيدة.