الجميع يركز على عوادم السيارات والمصانع.. ولكن الطائرات أكثر إضراراً بالمناخ

الطيران هو المسؤول عن حوالي 5% من ظاهرة الاحترار العالمي، وبالتالي فإن هذه النسبة سترتفع أكثر مما هي عليه الآن، بينما لا تُتّخذ أي إجراءات ذات جدوى

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/07/07 الساعة 10:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/07/06 الساعة 15:45 بتوقيت غرينتش
الطائرات ضارّة بالمناخ أكثر مما كُنا نعتقد

لا تبقى عوادم الطائرات النفاثة في الجو أكثر من ساعاتٍ قليلة، ولكنها مُنتشرة للغاية لدرجة أن تأثيرها الحراري أكبر من تأثير غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث من الطائرات التي حلّقت في الجو منذ أوّل رحلة جوّية شهدها الإنسان، والتي قام بها الأخوان رايت.

والأسوأ من ذلك هو أن التأثير الحراري لتلك العوادم، بخلاف تأثير غاز ثاني أكسيد الكربون، سيتضاعف ثلاث مرّات بحلول عام 2050، وفقاً لدراسة أجرتها الباحثتان أولريك بوركهارت وليزا بوك بمعهد فيزياء الغلاف الجوّي في ألمانيا.

الاحترار غير الناتج عن غاز ثاني أكسيد الكربون

بحسب ما نشره موقع New Scientist؛ ويقول فريق الدراسة إن الطيران هو المسؤول عن حوالي 5% من ظاهرة الاحترار العالمي، وبالتالي فإن هذه النسبة سترتفع أكثر مما هي عليه الآن، بينما لا تُتّخذ أي إجراءات ذات جدوى لمنع تلك الزيادة.

تقول أولريك بوركهارت إن "الكثير من الناس يتحدّثون طيلة الوقت عن الحاجة إلى إيقاف زيادة معدّلات النقل الجوّي، ولكن هذا لا يؤخذ على محمل الجد".

وتُركّز المناقشات التي تُجرى بهذا الشأن -تقريباً بشكلٍ كامل- على انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المُرتبط بالطيران، وتقول الباحثة: "إنها مشكلة إذا كانت التأثيرات التي لا تتضمّن غاز ثاني أكسيد الكربون تفوق تأثيرات غاز ثاني أكسيد الكربون".

ويقول بيل هيمينغز من حملة Transport & Environment، التي تتخذ من بلجيكا مقرّاً لها إن "الاحترار غير الناتج عن غاز ثاني أكسيد الكربون هو الأزمة الأساسية".

وتترك جميع الطائرات التي تحرق الوقود من ورائها العوادم والسخام. وعلى ارتفاعات عالية، يتكثف بخار الماء في كثير من الأحيان على جزيئات السخام ويتجمد ليشكل ما يعرف باسم السحب السِّمحاقية، التي يمكن أن تبقى من ثوان إلى ساعات، اعتماداً على درجة الحرارة والرطوبة.

عوادم الطائرات النفاثة

يمكن أن يكون للسحب تأثير تلطيف درجة الحرارة وزيادتها على حدٍ سواء؛ حيث أنها تعكس بعض أشعة الشمس مرة أخرى إلى الفضاء، ولكنّها أيضاً تعيق خروج بعض الحرارة التي يشعها سطح الأرض. في المتوسط، لدى كل من السحب السمحاقية وعوادم الطائرات النفاثة تأثير سلبي على الاحترار.

وقد استخدمت أولريك بوركهارت وزملاؤها نموذجاً حاسوبياً للغلاف الجوي من أجل تقدير الاحترار الذي تسببت فيه عوادم الطائرات النفاثة في عام 2006 -وهو آخر عام أتيحت فيه بيانات تفصيلية عن حركة الملاحة الجوّية- فضلاً عن تقدير الاحترار الناتج عن تلك العوادم بحلول عام 2050، حيث من المتوقّع أن تزداد حينها حركة الملاحة الجوّية أربع مرات.

وهذا النموذج لا يحسب التغيّر في حجم حركة الملاحة الجوية فحسب، بل يأخذ في الاعتبار أيضاً نطاقات الرحلات الجوية وارتفاعها، بالإضافة إلى تغير المناخ.

وتوصّل الفريق إلى أن تأثير الاحترار الناتج عن عوادم الطائرات النفاثة سيرتفع من 50 مللي واط لكل متر مربع من سطح الأرض في عام 2006، إلى 160 مللي واط لكل متر مربّع بحلول عام 2050.

وعلى الجانب الآخر، سيزداد تأثير الاحترار الناتج عن ثاني أكسيد الكربون المنبعث من الطائرات من 24 إلى 84 مللي واط لكل متر مربّع بحلول هذا الوقت.

في سيناريو تتجّه فيه صناعة الطيران إلى زيادة كفاءة استهلاك الوقود وتقليل عدد جزيئات السخام المنبعثة من خلال تحسين أنواع الوقود والمحركات، لم يتجاوز أثر الاحترار الناتج عن عوادم الطائرات النفاثة بحلول عام 2050 نحو 140 مللي واط لكل متر مربّع، ولن يتجاوز أثر الاحترار الناجم عن ثاني أكسيد الكربون 60 مللي واط لكل متر مربع.

تقليل عوادم الطائرات أمر صعب

الحد من الاحترار الناجم عما تُخرجه الطائرات النفاثة لن يكون سهلاً. وتقول أولريك: "الأمر أصعب بكثير من الحد من ثاني أكسيد الكربون"، ونحن لا نفعل أي شيء فعال حيال ذلك أيضاً.

ويقول بيل هيمينغز: "ليس هناك أدنى شك في أن غاز ثاني أكسيد الكربون الناجم عن الطيران يحتاج إلى التعامل معه بشكل صحيح، وليس هناك أدنى شك أيضاً في أنه لا يتم التعامل معه بشكل فعال على الإطلاق".

ويهدف مخطط دولي يسمّى "Corsia" للحد من انبعاثات الطيران. لكن خطّته تهدف إلى تعويض أثر الانبعاثات، وهو نهج يُعرف بعدم فعاليته، وإضافة إلى ذلك، تحاول صناعة الطيران استخدام المخطط لمنع فرض المزيد من الإجراءات؛ مثل فرض الضرائب على وقود الطيران.

كما أن هناك احتراراً غير ناتج عن غاز ثاني أكسيد الكربون. يقول هيمينغز: "لطالما كان الموقف هو التشكك في الأمر، ومن ثمّ نقف مكتوفي الأيدي ولا نفعل شيئاً".

وتقول أولريك إن هناك الكثير من أوجه عدم اليقين الكبيرة عندما يتعلق الأمر بالسُحُب، لكن الأمر يحتمل وجهين؛ فقد تقلل الدراسة من شأن آثار الاحترار الناجم عن عوادم الطائرات النفاثة بنحو 70%.

الخبر الوحيد السار هو أنه مع زيادة انتشار عوادم الطائرات، يقل تكوين السحب السمحاقية الطبيعية عن طريق استخدام كل المياه المتاحة، وهذا يقلل من تأثير الاحترار الكلي الذي يعزى إلى عوادم الطائرات بنسبة الخُمس.

تحميل المزيد