هناك العديد من الأسباب التي تقود إلى التوتر العصبي في شهر رمضان، فخلال ساعات الصيام تجد الكثيرين على شفا الانهيار، يتشاجرون ويصرخون بانفعال لأبسط الأسباب وأهونها، قد لا يستحق الموقف الذي هم بصدده هذا القدر من الانفعال، لكنهم يكون لديهم العديد من الأسباب الأخرى التي تجعلهم بهذا القدر من العصبية خلال ساعات الصيام، ستتعرف هنا على الأسباب التي تؤدي إلى التوتر العصبي خلال ساعات الصيام، وكيف يمكن التعامل معه؟
أسباب حدوث التوتر العصبي خلال ساعات الصيام
هناك العديد من الأسباب التي تقود إلى حدوث التوتر العصبي وسهولة استثارة الانفعالات خلال ساعات الصيام، ومن هذه الأسباب:
1- نقص النيكوتين والكافيين:
في الكثير من الحالات يكون سبب العصبية المُفرطة هو إدمان الكافيين من الشاي والقهوة، وكذلك إدمان النيكوتين الناتج عن التدخين أيضاً، فتشمل علامات الانسحاب بالإضافة إلى الصداع الشديد، المعاناة من العصبية المُفرطة وفقدان الأعصاب بسهولة أيضاً، ويكون هذا طبيعياً خاصةً خلال الأيام القليلة الأولى من رمضان، وقد يتكيف الجسم مع هذا، ولكن بعد مرور عدّة أيام من الصيام.
الكافيين أيضاً يُزيد من كمية الطاقة لدينا ويُحسن الحالة المزاجية، والتوقف عن تناوله يُسبب الإجهاد والصداع والعصبية.
كذلك فإن المادة الموجودة في السجائر والتي يدمنها الناس وهي النيكوتين، تسبب الأمر نفسه، فقد يتعرض المدخنون الذين يتوقفون عن التدخين في رمضان لأعراض الانسحاب بسبب التوقف عن تناول النيكوتين، وتشمل هذه الأعراض العصبية والغضب.
كذلك فإن النيكوتين يؤدي إلى توسيع الشرايين العصبية، وبالتالي يزداد تدفق الدم إلى المخ، عندما يتوقف ما يحصل عليه الجسم من النيكوتين أثناء الصيام يقلّ تدفق الدم مما يسبب الصداع، هذا الصداع قد يؤدي بدوره إلى عدم احتمال أي موقف أو حديث مهما كان بسيطاً، وقد يتسبب في الوصول إلى قمة الانفعال على لا سبب تقريباً.
2- اضطرابات النوم:
وهو من أبرز الأشياء التي تتسبب في العصبية والاضطرابات المزاجية في رمضان، وهو ما يُطلق عليه اختلال الساعة البيولوجية للإنسان، بسبب تغير مواعيد النوم، فالبعض لا يستطيع النوم نهاراً لأنه ليس لديه قدرة على النوم وهو جائع، والبعض الآخر لا يستطيع أن يأخذ كفايته من النوم ليلاً لأن العزومات والسهرات الرمضانية قد تمتد حتى وقت متأخر مساءً، ثم يتبعها نوم قصير والاستيقاظ مرة أخرى لتناول وجبة السحور، أو البقاء مستيقظاً حتى تناول وجبة السحور.
وأحياناً يكون الصيام سبباً مباشراً في حدوث مشكلات النوم، فالأكل أثناء المساء، وبدء الجسم في عملية الهضم النشط ليلاً، غالباً ما يخلق مشاكل النوم، وهذا يترك الصائمون يعانون من تقلبات النوم والصداع والاضطرابات المزاجية والعصبية.
3- الشعور بالجوع ونقص الغلوكوز:
قد يتسبب الشعور الجوع في حد ذاته في الشعور بالعصبية والتوتر، يحدث الشعور بالجوع بسبب هرمون الجريلين، والذي يتم إنتاجه في كل من المعدة والغدة النخامية من خلال كميات صغيرة من خلال المشيمة والغدة النخامية والكلى، ولذلك عند الشعور بالحاجة للطعام الذي يمنح الطاقة للجسم، يتم إنتاج هرمون الجريلين، والذي يقوم بإرسال الإشارات المسؤولة عن توازن الطاقة إلى الدماغ، حيث يقوم الدماغ هنا بالاستجابة من خلال خلق الشعور بالجوع لتنبيهك لحاجتك للطعام.
الجوع يسبب انخفاض مستويات السكر/الغلوكوز في الدم ما يجعلنا نشعر ببعض الضعف والضيق والعصبية، ففي إحدى الدراسات، أعطى علماء النفس للمشاركين دمية فودو لتمثيل زوجاتهم، كل ليلة لمدة 21 ليلة، وقام الباحثون بقياس مستويات الغلوكوز في الدم لدى المشاركين في الدراسة، وطلبوا منهم وضع العديد من المسامير في الدمية حسب رغبتهم بناءً على مدى شعورهم بالغضب.
المشاركون الذين لديهم أدنى مستويات الغلوكوز كانوا هم الذين وضعوا مسامير أكثر في دميات زوجاتهم.
4- نقص الماء:
للماء أهمية بالغة في عمل الدماغ، حيث يشكل الماء 75 % من الدماغ، وإن نقص الماء الشديد الذي يمكن أن يحصل لدى البعض خلال الصيام قد يكون مسؤولاً عن اضطراب وظائف الخلايا الدماغية، مما يسبب زيادة العصبية والانفعال والتوتر وضعف التركيز.
فقد اكتشف مجموعة من العلماء أن الجفاف يؤثر على الإدراك والتركيز والقدرة العامة على التفكير بوضوح والتحكم في الحالة المزاجية، وجد باحثون من مختبر الأداء البشري بجامعة كونيتيكت الأمريكية أنه حتى الجفاف الخفيف يُغير مزاج الشخص ومستويات الطاقة والوظائف العقلية، ويُسبب التوتر العصبي.
كيف يمكن التعامل مع العصبية في رمضان؟
إذا تم التحكم في الأسباب السابقة ربما تتم السيطرة على الشعور بالعصبية والانفلات العصبي خلال ساعات الصيام في رمضان، ومن الطرق التي يمكن بها التغلب على العصبية:
1- التنفس بعمق والاسترخاء:
فالتنفس بعمق يمكن أن يساهم في تقليل التوتر والعصبية والحدّ من الانفعال، كذلك إذا كنت تشعر بأنك غير قادر على السيطرة على انفعالاتك وغضبك، يُمكنك الاسترخاء لمدة 5 دقائق على الأقل والابتعاد عن كل ما يزعجك قبل استئناف مهامك وأنشطتك من جديد.
2- الإكثار من شرب الماء:
اشرب ما لا يقل عن 8-10 أكواب من الماء موزعية بين وجبة الإفطار والسحور، لتجنب التأثيرات العصبية.
3- الحصول على قدرٍ كافٍ متواصل من النوم:
حاول أن تنام مجموعة ساعات منتظمة في معظم الأيام عندما يكون ذلك ممكناً، كل شخص لديه حاجة فسيولوجية مختلفة من حيث مجموع ساعات النوم التي يحتاجونها. بشكل عام، يوصى بالحصول على عدد من ساعات النوم في الليل وغفوة قصيرة في فترة ما بعد الظهر إذا شعرت بالنعاس، إذا لم تؤثر قيلولة بعد الظهر هذه على قدرتك على النوم أثناء الليل.
كلما استيقظنا مساءً كان من الصعب علينا أن نستيقظ على السحور، لكن الحصول على كتلة واحدة من النوم (بين الأربع والخمس ساعات) في الليل يمكن أن يجعل من الأسهل الاستيقاظ على السحور.
4- الانتظام في ممارسة الرياضة:
لممارسة الرياضة بانتظام تأثير إيجابي في التخفيف من حدّة التوتر، كما أن الرياضة تُقدم متنفساً صحياً للتنفيس عن طاقة الغضب والانفعال التي لديك.
5- ممارسة نشاط مُحبب:
يمكن قضاء بعض الوقت في ممارسة نشاط مُفضل إليك مثل القراءة أو الكتابة أو الرسم، هذا من شأنه أن يُجدد طاقتك ويُحسن من حالتك المزاجية ويُقلل من حدّة انفعالك العصبي.
6- اتباع نظام غذائي متوازن:
بإمكان بعض المواد الغذائية تقليل حدّة التوتر والانفعال العصبي، فيمكن لنظام غذائي صحي متوازن أن يمدّك بالطاقة وألا يتركك رهيناً للشعور بالإجهاد والإنهاك الذي يجعلك فريسة سهلة للوقوع في براثن الانفعال والعصبية، كذلك فإن بإمكان بعض المواد الغذائية أن تُقلل من مستويات الكورتيزول والأدرينالين، وهما هرمونا التوتر اللذان يؤثران سلباً على الجسم مع مرور الوقت.
كذلك فقد تمنع الأحماض الدهنية (أوميغا 3) المتوفرة في الأسماك، مثل السلمون والتونة، حدوث ارتفاع في هرمونات التوتر، كما أنها تقوم بحماية الجسم من أمراض القلب، وحدوث التقلبات المزاجية، والاكتئاب.
7- التعود على شرب فنجان واحد من القهوة:
يُسمح لك بشرب فنجان من القهوة خلال ساعتين من الإفطار، ولكن ليس بعد السحور، تجنب كسر صيامك على القهوة لأنه يجعل بطنك يُطلق العصائر المعدية على معدة فارغة ويؤذي بدوره الغشاء المخاطي في المعدة.
لتجنب هذا يمكنك شرب فنجان من القهوة بعد ساعتين من تناول الإفطار، لأن جسمك يصبح قادراً على تعديل مستويات السكر في الدم بحلول ذلك الوقت، تجنب أيضاً شرب فنجان القهوة في السحور لأنه سيجعلك تُعاني من الجفاف طوال اليوم، ويكون الصباح أكثر صعوبة مع العطش وعدم التركيز.