كشفت صحيفة The Guardian البريطانية، أن مجموعة من العلماء بصدد تطوير شكل جذري من العلاج الجيني يمكنه أن يعالج اضطرابا طبيا مدمرا من خلال تعديل الطفرات الجينية في أدمغة الأجنّة في الرحم.
وهذا العلاج، الذي لم يحاول القيام به أي أحد من قبل، يتضمن قيام الأطباء بحقن أدمغة الأجنّة بفيروسات غير مؤذية تصيب الخلايا العصبية، وتحمل مجموعة من الجزيئات تعمل على تصحيح الأخطاء الجينية.
وتقترح الاختبارات أن العلاج سيكون أكثر فاعلية خلال الفصل الثاني من الحمل، أي من الشهر الرابع للسادس، عندما تكون أدمغة الأجنّة في المراحل الأولى من التطوّر.
علاج اضطرابات المخ النادرة "متلازمة أنجلمان"
يقول مارك زيلكا، أخصائي البيولوجيا العصبية في جامعة ولاية كارولينا الشمالية: "نعتقد بأن ذلك سيوفر العلاج الجيني ، بناء على توقيت الحقن".
ويستهدف العلاج اضطرابات المخ النادرة المعروفة بمتلازمة أنجلمان، التي تؤثر على واحد من بين 15,000 مولود. ويعاني الأطفال المولودون بهذه الحالة من أدمغة صغيرة، ويتعرّضون كثيراً للنوبات ومشكلات بالمشي والنوم. وقد يعيشون حياتهم بأكملها دون أن يتمكنوا من الكلام.
ويقول د. زيلكا إن الأطفال المصابين بمتلازمة أنجلمان يعانون من صعوبات شديدة بالنوم، لدرجة أن الوالدين قد يضطرون لحبسهم في غرفهم ليلاً، لمنعهم من ارتكاب أي حوادث في أنحاء المنزل.
يمتلك الأشخاص الأصحاء نسختين من كل جين في شفرتهم الوراثية، واحدة موروثة من الأم والأخرى من الأب. ولكن لا تعمل كلتا النسختين دائماً. لتطوير المخ بشكل طبيعي يتم تشغيل نسخة الأم التي تسمى UBE3A، بينما لا تتدخل نسخة الأب.
في متلازمة أنجلمان، تكون نسخة الأم UBE3A إما مفقودة أو متحورة، مما يعني عدم وجود نسخة UBE3A نشطة على الإطلاق. ويستخدم علاج د. زيلكا إصداراً لأداة تحرير جينات قوية تعرف باسم Crispr-Cas9 لتشغيل نسخة الأب.
تجارب العلاج الجيني على الفئران كانت ناجحة
وأظهرت الدراسات على الفئران أنه عند إعطاء العلاج الجيني في الرحم، فإنه ينشط UBE3A في الأجزاء الرئيسية من المخ. وفي حديثه للجمعية الأمريكية لتقدم العلوم في واشنطن، قال د. زيلكا إن العلاج أثّر على الجينات في منطقة القشرة، وهو الأمر المهم للإدراك، وفي منطقة الحصين، وهذا مهم للتعلم والذاكرة، وفي منطقة المخيخ، التي تتحكم في الحركة.
وأظهرت المتابعة أن العلاج الجيني يعمل أيضاً على خلايا المخ البشرية التي تنمو خارجياً. ويقول د. زيلكا: "وهذا يرفع من احتمالية قابلية استخدام هذا العلاج الجيني على البشر".
لم يطوّر أحد من قبل علاجاً جينياً يتم حقنه مباشرة في أدمغة الأجنّة. ولكن زيلكا يعتقد أنه إذا سار كل شيء على ما يرام فسيكون علاجه خطوةً هامةً جداً لعلاج الاضطرابات الأخرى، والأكثر شيوعاً، مثل بعض أشكال التوحد.
ويقول: "بالنسبة لاضطرابات التطور العصبي، التي يتطور خلالها المخ بشكل غير صحيح بسبب طفرة جينية، فإن أفضل وقت للتدخل هو التدخل المبكر، المبكر جداً".
يمكن اكتشاف متلازمة أنلجمان في الأجنّة بعد 10 أسابيع فقط من الحمل، باختبار عينة DNA الخاصة بالجنين من دم الأم. ولكن لا يوجد علاج متاح يقدَّم للأمهات اللاتي يخبرن بإصابة جنينهن بهذا الاضطراب.
يقول د. زيلكا "يحصل الأهل على التشخيص، ولا يوجد علاج، لتتبقَّى أمامهم خيارات وقرارات صعبة جداً في هذه المرحلة"، في إشارة منه للإجهاض. ثم يؤكّد على أن علاجه قد يقدم لهم خياراً آخر وأملاً جديداً.