كشفت دراسة جديدة أن 8 من كل 10 أشخاص ممن لديهم جينات قد تسبب الإصابة بالسرطان في الثدي والبنكرياس والمبيض والبروستاتا لا يعرفون ذلك. ولعل أشهر مريضة اتخذت قراراً حاسماً بعد اكتشافها هذه الجينات هي أنجلينا جولي.
فما هي هذه الجينات وإلام تؤدي؟
BRCA1 وBRCA2 هما جينان بشريان ينتجان بروتينات كابتة للورم.
تساعد هذه البروتينات في إصلاح الحمض النووي التالف، وبالتالي تلعب دوراً في ضمان استقرار المادة الوراثية لكل خلية.
تزيد الطفرات في جيني BRCA1 وBRCA2 من مخاطر إصابة النساء بسرطان الثدي قبل بلوغ سن الـ 80 عاماً بنسبة 72% و69 % على التوالي.
وقد يزيد حدوث الطفرات في نفس الجينات أيضاً من مخاطر الإصابة بسرطان البنكرياس لدى الرجال والنساء، وكذلك الأمر بالنسبة لسرطان المبيض والبروستاتا.
أنجلينا جولي قررت قطع الطريق على جينات قد تسبب الإصابة بالسرطان
وعلى الرغم من حقيقة أن الاختبارات الجينية تقدم فرصة جيدة للتنبؤ بالإصابة بأنواع السرطان المختلفة المرتبط بحدوث طفرات في الموروثات من عائلة BRCA، فإن معظم الناس يعتمدون على أقاربهم لإخبارهم عما إذا كان لديهم تاريخ عائلي من مخاطر الإصابة بالمرض.
إلا أن جولي قررت الحصول على عملية استئصال ثدييها، تبعتها بعملية إزالة المبيضين وقناتي فالوب بعد اكتشاف حدوث طفرة في جين BRCA1.
وذلك نتيجة لوفاة والدتها نتيجة مرض السرطان، الذي تخوفت جولي من أن يصيبها، وفق ما أقرن في مقال نشرته على صحيفة New York Times العام 2013.
18% فقط من الناس يعلمون أن حمضهم النووي يحمل ذلك الخطر
يحث مؤلفو الدراسة الجديدة من جامعة ييل الناس على اختبار الاختلافات الوراثية بعد أن توصلوا إلى أن 18% فقط من الأشخاص الذين أجروا عليهم الاختبارات كانوا يعرفون أن الحمض النووي الخاص بهم قد يكون علامات خطر.
في منتصف تسعينيات القرن الماضي، اكتشف الباحثون أن الطفرات في جينيْ BRCA1 وBRCA2 تزيد من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء.
والطفرة في هذا الجينات تهدد الثدي والبنكرياس والبروستاتا والمبيض
ومنذ ذلك الحين، توصل الأطباء إلى أن أن الطفرات المختلفة التي قد تحدث في تلك الجينات نفسها يُمكن أن تؤثر كذلك على زيادة مخاطر الإصابة بسرطان المبيض والبروستاتا والبنكرياس، وكذلك سرطان الثدي للرجال.
ويعود السبب في ذلك جزئياً إلى توجيه الحكومة الأميركية والمؤسسات البحثية في جميع أنحاء العالم جل إمكانياتها في أحيان كثيرة إلى الأبحاث المتعلقة بسرطان الثدي.
تصاب واحدة من كل 8 نساء في الولايات المتحدة بسرطان الثدي في مرحلة ما من حياتها.
وإجمالاً، يتم تشخيص ما يقرب من 406,000 من الأميركيين بالإصابة بسرطان البنكرياس أو البروستاتا أو المبيض.
رغم كل التقدم ما زال السرطان يفتك بمئات الآلاف سنوياً
وقد أدى التفاني والعزم الدولي على إيجاد علاج لسرطان الثدي إلى خفض معدلات الوفيات الناجمة عنه بقدر كبير.
ولكن حتى في هذا العصر الذي يُمكن فيه علاج سرطان الثدي، من المتوقع أن تموت أكثر من 40,000 امرأة أميركية جراء الإصابة به هذا العام وحده.
وكما هو الحال مع أي نوع من أنواع السرطان، فإن خير وسيلة للعلاج هي الوقاية، وثانيها هو الكشف المبكر.
فحص بسيط يكشف وجود طفرة هذه الجينات
يمكن إجراء اختبار بسيط من خلال فحص الدم أو اللعاب في أي عمر -حتى في مرحلة الطفولة- لاكتشاف الطفرات في جين عائلة BRCA.
بعد اكتشاف جيني BRCA في فترة التسعينيات، شهدت أعداد النساء اللواتي قمن باختبار الحمض النووي زيادة كبيرة.
ولكن بعد ذلك، حدث شيء غريب، ففي بداية عام 2004، كانت هناك زيادة حادة في عدد الأشخاص المعرضين للإصابة بشكل منخفض (مع عدم وجود أو وجود حد ضئيل من الإصابة بسرطان الثدي في تاريخ عائلاتهم).
وفي الوقت نفسه، لم يجر اختبار العديد من النساء اللواتي لديهن تاريخ عائلي زاخر بالإصابة بسرطان الثدي.
تشير الدراسة الجديدة، التي نُشرت في الموقع الإلكتروني لمجلة الجمعية الأميركية للطب المفتوح JAMA Network Open، إلى أن أمراً مشابهاً ما زال مستمراً في الحدوث.
عدم وجود المرض في سجل العائلة الطبي ليس دليلاً على تفاديه
عندما فحص مؤلفو الدراسة المحتوى الوراثي -الجينوم- لأكثر من 50,000 رجل وامرأة، وجدوا أن 267 شخصاً منهم لديهم إحدى طفرات جين BRCA التي تعرضهم لخطر الإصابة بالسرطان.
كما وجدوا أيضاً أن 18% فقط من أولئك الذين لديهم طفرات مرتبطة بالسرطان على علم بتلك المخاطر.
في الواقع، يعود الفضل في اكتشاف إصابة أربعة أشخاص بالسرطان لأبحاث جامعة ييل، وذلك أثناء بحثهم الجديد ودراستهم السابقة ذات الصلة.
وقال الباحث الرئيسي في الدراسة، الدكتور مايكل موراي لصحيفة Daily Mail Online، "ثلاث من هذه الحالات، هم أشخاص لم يكونوا ليستوفوا معايير الفحص. فعلى غرار الكثير من الناس، لم يكن لديهم تاريخ عائلي أو شخصي يُشير إلى احتمال إصابتهم بالسرطان".
يُنصح عادةً بإجراء الفحص الوراثي للأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي و/أو شخصي كبير من الإصابة بأنواع مختلفة من السرطان التي قد تكون ذات صلة بطفرات جين BRCA.
لكن هذا الفحص قد يؤدي لقلق لا داعي له!
وما يثير المخاوف في هذا الشأن، أن اختبار الأشخاص الذين تقل فرص إصابتهم بالمرض قد يسبب قلقاً لا داعي له. لكن موراي يعتقد بأنه ربما شهدت الإجراءات الوقائية بعض المغالاة.
وأضاف، "مع التغيير في التكلفة وتحسّن القدرة على تفسير البيانات أعتقد أنه ينبغي علينا التفكير في متى وأين وكيف نستخدم الفحص الجيني".
وأردف موراي قائلاً إنه في عام 2015، كان اختبار فحص جين BRCA يكلف حوالي 3,000 دولار. أما الآن، فتُقدر تكلفة الفحص بـ"عُشر" هذا المبلغ.
الأبحاث الطبية تحاول تخفيض كلفة الفحص ومدته
يوضح موراي أن الاختبارات الجينية المباشرة مثل تلك التي تقوم بها شركة الاختبارات الوراثية الأميركية التي تتعامل مع المستهلك مباشرةً 23andMe، والتي تكلف أقل من 150 دولاراً، تشمل اختبار عائلة مورثات BRCA، ولكنها تقدم اختباراً لثلاثة متغيرات فقط في الجينين المعنيين.
وأردف قائلاً "هذا لا يبرز هذا سوى قدر ضئيل من المخاطر المحتملة".
قد يخفق الأطباء في اقتراح إجراء فحص جين BRCA لمرضاهم ببساطة لأنهم لا يستعرضون التاريخ الطبي الكامل سواء العائلي والشخصي.
يقول موراي إن القيام بذلك قد يستغرق من 15 إلى 20 دقيقة، وهذا يعتبر وقتاً طويلاً بالنسبة للأطباء.
والبعض يرى أن المعرفة تساعد على الوقاية منه مبكراً
كما أن التاريخ العائلي وحده "لا يصلح لتحليل جميع المتغيرات التي قد تُشكل خطراً"، وكذلك الحال عند إجراء الفحص وحده.
يأمل موراي أن معرفة أن أكثر من 80% من الأشخاص يعيشون حياتهم وهم يحملون جينات تزيد من مخاطر إصابتهم بسرطان، سيشجع المزيد من المرضى على مناقشة تاريخهم الطبي الكامل وإنفاق بعض المال للقيام بالاختبارات الجينية، والتحضير جيداً للمستقبل.