"هذا ما كنت أنتظره، أن ترتفع الأسعار، وأتوقف عن التدخين"، بهذه العبارة، يجد عامر عبداللطيف، وهو شاب سعودي، أن اللحظة حانت للتوقف عن عادة التدخين، بعد الارتفاع الطفيف في أسعار السجائر.
وسجلت الزيادة نسبة 20%، في الوقت الذي شهدت فيه الأسواق المحلية السبت 12 مارس/آذار جفافاً في توفير السجائر للزبائن، وذلك تأهباً لرفع أسعار منتجات التبغ، حيث خاض العديد من المدخنين رحلات مكوكية للحصول على علبة السجائر خلال اليومين الماضيين.
وكانت السعودية قد لجأت إلى رفع أسعار التبغ ومشتقاته منذ الخميس الماضي؛ تنفيذاً لقرار مجلس التعاون لدول الخليج العربي في دورته الـ36، القاضي بالموافقة على تعديل الحد الأدنى للاستيفاء على التبغ ومشتقاته في التعرفة الجمركية الموحدة بدول مجلس التعاون الخليجي.
صحيفة "الحياة" نقلت على لسان المستشار والمتحدث الرسمي باسم الجمارك، عيسى العيسي، أن السعودية بدأت بتنفيذ قرار مجلس التعاون الخليجي، الذي نص على "الموافقة على تعديل الحد الأدنى للاستيفاء على التبغ ومشتقاته في التعرفة الجمركية الموحدة"، مضيفاً "من الملاحظ أن جميع السلع الواردة إلى السعودية زادت أسعارها، وبقيت قيمة التبغ ومشتقاته تحت سقف لا يمثل القيمة الحقيقية التي يجب التصريح عنها للجمارك، ولهذا جرى تعديل الحد الأدنى للقيمة".
3000 آلاف ريال
ويضيف عامر لـ"عربي بوست" أنه "رغم الزيادة الطفيفة فإنه من العسير شراء علبة السجائر بـ12 ريالاً بشكل يومي، في الوقت الذي لم تتجاوز فيه الأسعار حاجز 10 ريالات في السابق، والأجدر من ذلك هو التوقف عن التدخين، الذي يكلفني سنوياً أكثر من 3000 ريال، في شراء علب السجائر، والفرصة قد حانت لوقف نزيف الخسائر المالية والصحية".
ويكاد حسين الراجي، الناشط في الحملات التوعوية لمكافحة التدخين بمدينة جدة، يتفق مع عامر بأن الفرصة مواتية لجميع المدخنين بأن يتوقفوا عن تلك العادة السيئة، موضحاً في حديثه لـ"عربي بوست" أن الزيادة الجديدة في أسعار الدخان ستكبد المدخنين أكثر من 4000 ريال سنوياً، وهو رقم كفيل بإقناع المدخن بكبح استنزاف جيوبهم عبر التوقف عن التدخين.
انقطاع غامض
فوجئ العديد من المدخنين بانقطاع علب السجائر في الدكاكين الصغيرة والكبيرة، إلا أنهم اتهموا العاملين في تلك الدكاكين بإخفاء علب السجائر القديمة لكي تُباع بالأسعار الجديدة، إلا أن بعض الباعة أرجعوا سبب الانقطاع إلى الموردين والموزعين الذي انقطعوا عن إمداد الدكاكين بمنتجات التبغ منذ يوم الخميس الماضي.
وهو الأمر الذي يؤكده عامل من الجنسية الهندية، يعمل في أحد الدكاكين الصغيرة، حيث أوضح أن توقف بيع بعض الأنواع، وليس كلها، لعلب السجائر، كان بسبب انقطاع الموردين عن توريد البضاعة منذ اليومين الماضيين، إلا أنهم عاودوا التوريد الأحد الماضي ولكن بالأسعار الجديدة التي لم تتخط نسب الزيادة 20%، مضيفاً "عربي بوست" أن "علب السجائر ماركة (مارلبورو) هي الأكثر اختفاءً، وهي الأكثر طلباً من المدخنين في ذات الوقت".
إلا أن عمرو الفرج، وهو شاب سعودي أدمن عادة التدخين لمدة تزيد على 10 سنوات، قال لـ"عربي بوست": "معظم الدكاكين المنتشرة في مدينة جدة خلت من علب السجائر خاصة ماركتي (مارلبورو) و(إل إم)، وهي أكثر الأنواع رواجاً لدى المدخنين، وهو الأمر الذي دفعني إلى شراء نوع آخر ريثما يُستأنف البيع مرة أخرى، يوم الأحد".
الحملات التوعوية واستغلال الأزمة
وفي ذات السياق، يعود حسين الراجي مؤكداً أن الوقت قد حان لتكثيف الحملات التوعوية، واستغلال أزمة المدخنين ودفعهم للتوقف عن تلك العاد، فمعظم المدخنين ليسوا راضين عن الزيادة في الأسعار، وإن كانت طفيفة، إلا أن تلك الزيادة قد تكون كافية لدفع عدد لا بأس به للتوقف عن التدخين.
وأضاف راجي لـ"عربي بوست": "تركيز الحملات التوعوية على الخسائر المادية التي يحدثها التدخين قد يهول الأمر على المدخن، بإشعاره بأن التدخين استنزف منه أموالاً طائلة، وذلك في الوقت الذي أسفرت فيه جهود جمعيات مكافحة التدخين عن نتائج جيدة، إلا أن الاستعانة بالأضرار المادية قد تُؤتي أكلها في إقناع المدخن ودفعه للتوقف عن التدخين".