تصدير الكلاب والحمير والقمامة.. في مصر جَلْب الدولار مُرّ

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/11 الساعة 14:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/11 الساعة 14:10 بتوقيت غرينتش

"لكي تصبح مليونيراً بأيام.. اجمع الكلاب الضالّة وسلّمها لهذا الرجل"، هكذا عقب نشطاء مصريون –بسخرية – على تصريحات محافظ السويس في مصر التي قال فيها إن تصدير الكلاب الضالة التي تملأ الشوارع يمكن أن يحلّ أزمة الدولار.

تصريح المحافظ فتح نقاشاً ساخراً حول ما أسماه نشطاء على الشبكات الاجتماعية "الكوميديا السوداء" في محاولات حلّ أزمة الدولار، ومنها تصدير الحمير والقمامة المتراكمة، في ظلّ النقص الحاد للعملة الأجنبية.

وقبل تصريح محافظ السويس، طُرحت آراء في مصر لتصدير الحمير، التي ضبطت عمليات ذبحها وبيعها للمصريين مؤخراً، وكذلك القمامة التي قدّر تقرير لمصلحة الضرائب قيمتها في القاهرة وحدها ب 6 ملايين جنيه سنوياً.

المشروع القومي لتصدير الكلاب

محافظ السويس اللواء أحمد الهياتمي الذي اشتهر بتصريحاته عن الرياح الشمالية الغربية التي تحمي مصر من أي صواريخ إسرائيلية عاد مجدداً ليشعل الشبكات الاجتماعية بما أسماه النشطاء المشروع القومي لتصدير الكلاب.

وقال إن المحافظة بصدد طرح مشروع لتصدير الكلاب الضالة بعد تجميعها في منطقة صحراوية بجوار السويس وأن هذا المشروع سيعرض على المحافظات الأخرى، لتوفير أموال من بيع هذه الكلاب تعود إلى القائمين على المشروع، مقابل التخلص من الكلاب الضالة المنتشرة في الشوارع بالملايين.

وأضاف الهياتمي: " أصبحت أصدر للجيش ويدينا مكافأة.. أه بقينا بنصدر كلاب و90 % مش موجود بالشوارع والباقي منها بنجمعهم في منطقة صحراوية وحنشيل ونودي".

وأشار الهياتمي، في فيديو تداوله رواد الشبكات الاجتماعية أنه سوف يقوم بالعمل مع محافظ بورسعيد، لتصدير الكلاب الموجودة في المحافظة ضمن الخطة التي يسعى فيها إلى عدم قتل الكلاب والاستفادة منها، مؤكداً أن 90% من كلاب السويس تمّ جمعها فى مناطق صحراوية لتجهيزها للتصدير إلى الخارج.

الكلاب الضالة تنقل الأمراض

وتقول الدكتورة نبيلة الدغيدي، أستاذ الأمراض المعدية بالمركز القومي للبحوث أن تعداد الكلاب الضالة في مصر يقدر بالآلاف، وأن كل الجهود المبذولة للقضاء على هذه الظاهرة لم تنجح حتى الآن.

وتؤكد الدغيدي لـ "عربي بوست" أن مشكلة هذه الكلاب الضالة أنها تنقل أمراضاً خطيرة إلى الإنسان مثل مرض " السّعار"، الذي يحمله فيروس يتسلل إلى الجهاز العصبي للإنسان ويؤدي إلى وفاته".

وقد سعت عدة جمعيات ونشطاء لتشكيل مجموعات للقتل الرحيم لهذه الكلاب التي تزايد تكاثرها، وتعيش على ما تجده في القمامة الملقاة في الشوارع، عبر حقنها بحقن مميتة أو ببودرة سامة، بيد أن علماء حرموا هذه الطرق شرعاً، فيما اختفت الطرق التقليدية القديمة بجمعها في عربات حكومية وتسليمها للسيرك القومي.

وبحسب "الدغيدي" يوجد في مصر أكثر من 100 ألف كلب ضال، ويصاب 250 ألف مواطن سنوياً بعقر كلاب ضالة، وجرى تسجيل عددٍ من حالات الوفاة بسبب ذلك تصل إلى 50 حالة سنوياً.

تصدير الحمير

يبلغ تعداد الحمير في مصر قرابة مليون ونصف المليون حمار تعاني من استخدامها في جرّ عربات البضائع الثقيلة وضربها بهراوات وعصي غليظة مما يؤدي لدخول حوالي 4 آلاف حمار سنوياً للعلاج من كسور وإصابات بالغة في جمعيات الرفق بالحيوان المصرية، وتقلُّ أعداد الحمير في مصر سنوياً بشكل لافت بسبب القتل أو الذبح.

وفي بيان أصدرته 10 فبراير/شباط 2016 بشأن ذبح الحمير لتصدير جلودها، أكدت الهيئة العامة للخدمات البيطرية بمصر أن "عملية التصدير تتمّ طبقاً لحصة يصدر بشأنها قرار من وزير التجارة والصناعة فى حدود 8 آلاف جلدة سنوياً"، مشددة على أنه لا يجري تصدير سوى الجلود المشتراة من حدائق الحيوان وهيئة الحياة البرية".

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2015، أصدرت وزارة الزراعة ضوابط للتصدير تستهدف السيطرة على سوق جلود الحمير، وتحديد المواصفات الرسمية لتصدير الجلود.

وقالت الوزارة إن هذه الضوابط هدفها "التأكد من مصادر جمع جلود الحمير المعروفة مثل حدائق الحيوان أو السيرك أو لدى جامعي جلود الحمير وتجار الجلود، بما يحقق طفرة في تصدير الجلود إلى الخارج وخاصة إلى الصين.

ويقدر سعر جلد الحمار الواحد بـ 500 جنيه (حوالي 53 دولاراً)، ويقول بيطريون أن السعر يتزايد مع تزايد الطلب عليها في الفترة الأخيرة.

عرض إسرائيلي للتصدير

وأكد الدكتور محمد عبد الظاهر فهمي أستاذ الطب البيطري أن إسرائيل سبق أن طلبت من مصر استيراد 100 ألف حمار لاستخدام جلودها في بعض الأبحاث العلمية المتعلقة بمرض السرطان، موضحاً أن الحكومة المصرية رفضت العرض الإسرائيلي.

وأضاف في تصريح لـ"عربي بوست" أن دول غربية أخرى تطلب استيراد حمير مصرية لاستخدامها في أبحاث طبية، وأنه سبق وأن طلبت شركة "كوماهو" اليابانية لصناعة الأدوية مليون حمار مصري لإنتاج دواء من جلد الحمير، في صفقة مالية تقدر بنصف مليار دولار.

ويقول الدكتور لطفي شاور، رئيس إدارة التفتيش البيطرية على اللحوم بمجازر السويس الأسبق، أن سبب زيادة نسبة تصدير جلود الحمير إلى الخارج لدول كالصين، هو استخراج بعض المنشطات الجنسية من الهرمونات التي تترسب أسفل جلود الحمير.

وقال: "سبب استيراد تلك الدول لجلود الحمير يرجع إلى رخص ثمنها وتراجع أهميتها الاقتصادية، مقارنة بجلود الحيوانات الأخرى، كالأبقار والجاموس والخراف، وغيرها".

إحصاءات

ووفقاً لإحصائية لوزارة الزراعة المصرية (شئون الطب البيطري) تناقص عدد الحمير بفعل القسوة في التعامل معها إلى مليون و615 ألفاً عام 2001، مقابل مليونين و556 ألف حمار عام 1990، برغم أن القانون رقم 57 لسنة 1966 يمنع استخدام القسوة ضد الحمير.

وسبق للوزارة أن كشفت أن ذبح قرابة ألف حمار سنوياً لتقديمها لأسود حديقة الحيوان في مصر، يزيد من تناقص أعداد الحمير أيضاً.

وثار جدلٌ كبير في أكتوبر 2015، عقب كشف بلاغ مقدم من وزارة الزراعة للنيابة عن اختفاء 15 ألف حمار في مصر، بعدما بينت الأوراق الرسمية المقدمة للنيابة أنه تم ذبح 23 ألف حمار بمدينة الفيوم جنوب مصر خلال عامين، منها 8 آلاف بتصاريح صحيحة ومعلوم مصدر ذبحها ولحومها وجلدها، في حين تم ذبح 15 ألف حمار بصورة خفية.

وغالباً ما تعلن الهيئة العامة للخدمات البيطرية في مصر عن حملات تفتيشية على المطاعم، آخرها حملة تفتيش على بعض المطاعم الصينية بالجيزة جنوب مصر، بعد بلاغات عن قيام بعضها بذبح وسلخ القطط والكلاب، ولكنها نفت ضبط أي لحوم للكلاب والقطط لدى هذه المطاعم كما نشرت بعض المواقع الإلكترونية.

القمامة.. كنز لا يفنى

تشكّل القمامة مصدراً للتلوث في حالة عدم التخلص الآمن منها، إلا أنها تعد مصدراً ضخماً للثروة لو تمت الاستفادة منها وتصديرها.. شعار رفعه بعض أباطرة جمع القمامة في مصر.

وتؤكد تقارير رسمية لوزارة البيئة أن القمامة "ثروة قومية مهدرة"، حيث تشير أرقام رسمية مصرية صادرة عن وزارة البيئة المصرية إلى أن حجم القمامة في المدن المصرية يتزايد بشكلٍ كبير عاماً بعد عام مع تزايد السكان. وأن ما تتم إزالته من هذه القمامة فعلياً لا يزيد عن النصف، في حين يظل قسم كبير في الشوارع لا يستفاد منه، وأن حجم القمامة في مصر من المتوقع أن يصل العام الجاري 2016 إلى 30.2 مليون طن.

وهذه الكميات التي تحتوي على مواد صلبة وزجاج وورق، يمكن أن توفر لمصر 9 ملايين طن من السماد العضوي عن طريق تدوير القمامة لزراعة مليوني فدان ترتفع إلى 14.5 مليون عام 2016، وأن تنتج 3 ملايين طن ورقًا لتشغيل 3 مصانع و348 ألف طن زجاجاً و336 ألف طن حديداً.

وتشير التقارير الرسمية ذاتها إلى أنه يمكن الاستفادة من هذه القمامة في إنتاج 415 طناً من حديد التسليح، و110 آلاف طن بلاستيك، وصناعة الأعلاف لتوفير 2.6 مليون فدان تزرع "برسيماً" سنوياً لتغذية أكثر من 8.6 مليون بقرة وجاموسة.

وهو ما يعني في النهاية -وفق التحليل الرقمي– أن القمامة تحقّق عائداً قدره مليار جنيه مصري تقريباً سنوياً، وتجنّب مصر أمراضاً خطيرة تكلف وزارة الصحة 600 مليون جنيه سنوياً لعلاجها.

وقد بدأ بعض متعهّدي جمع القمامة في مصر التحول من تحقيق أرباح في الداخل من "تدوير" ما في القمامة من مواد مختلفة، إلى التصدير بالعملة الصعبة.

وتعد تجربة "سعد عطا الله" الذي يعمل في مجال تجميع القمامة في منطقة منشية ناصر شرق القاهرة في الدخول إلى السوق العالمية والتعاون مع شركات دولية لإعادة استخدام القمامة هي الأبرز في هذا الصدد.

وقد أجرت مجلة "دير شبيغل" الألمانية معه حواراً في أغسطس/آب 2011، أكد فيه أن الصين تستفيد من القمامة المصرية في تصنيع "الجاكتات" لأن الشركات الصينية تستفيد من المادة البلاستيكية والخيوط البوليستر وخصوصاً في إنتاج الملابس الرياضية.

وأشار التقرير إلى أنه بعد تجميع القمامة وتنظيفها وتوزيعها وبخاصة القمامة البلاستيكية يتم نقلها إلى الإسكندرية ومن هناك يتم شحنها إلى شنغهاي بالصين عن طريق النقل البحري.

وبحسب مصلحة الضرائب المصرية فإن عملية جمع وبيع القمامة مسألة مربحة للغاية وأن هناك فئة من أباطرة جمع القمامة في مصر يجنون من ورائها ثروات طائلة.

تحميل المزيد