كشف تحقيق صحفي أجرته شبكة CNN الأمريكية عن وجود كاميرات مخفية في غرف Airbnb، وتعرض مئات المسافرين للتصوير خلسة في أوقاتهم الخاصة التي يقضونها في غرف وشقق سكنية مستأجرة عبر التطبيق الأمريكي.
بينما كانت شركة "إير بي إن بي-Airbnb" على علم بأن بعض مضيفيها استخدموا كاميرات مخفية للتجسس على الضيوف سراً، فيما عملت على إبقاء نطاق المشكلة بعيداً عن أعين الجمهور من خلال إجراء بعض التسويات السرية، واتفاقيات عدم الإفشاء مع الموظفين.
بينما تحدثت CNN مع ما يقرب من 20 ضيفاً اكتشفوا أجهزة مراقبة في أماكن الإيجار التي استأجروها عبر "إير بي إن بي" أو أبلغتهم الشرطة أنه جرى تصويرها سراً.
كاميرات مخفية في غرف Airbnb
أقامت سيدة دعوى قضائية حول تصويرها سراً أثناء تغيير ملابسها في عقار مستأجر عبر تطبيق "إير بي إن بي"، وتم تخزين صورها على جهاز كمبيوتر لمعتدي جنسي متهم بالتجسس على المستأجرين لسنوات.
فتحت هذه الدعوى ملفاً تعرف به "إير بي إن بي"، وهي إحدى أكبر شركات تأجير العقارات (لفترات قصيرة) في العالم. وتبين أن قصة هذه السيدة حدثت من قبل، وتعرف بها الشركة منذ 10 سنوات، فيما سعت إلى تسوية قضايا الكاميرات المخفية بسرعة وسرية على مدار هذه السنوات.
تُظهر الكاميرات المخفية الموضوعة في غرف النوم والحمامات الضيوف في لحظاتهم الأكثر خصوصية، سواء بتغيير الملابس، أو يمارسون العلاقة الزوجية أو حتى بينما يجلسون ويقضون الوقت مع أطفالهم.
وعلى إثر القضية استعرضت الشبكة أكثر من 2000 صفحة من الدعاوى القضائية وسجلات الشرطة لفهم المزيد عن مشكلة الكاميرات المخفية في صناعة الإيجارات قصيرة الأجل. كما أجرت حوارات مع نحو 20 شخصاً اكتشفوا وجود كاميرات مراقبة أو تم تصويرهم سراً.
استعرضت CNN أكثر من 12 تحقيقاً شرطياً ودعاوى قضائية في جميع أنحاء الولايات المتحدة تتعلق بما لا يقل عن 75 ضحية تم تصويرهم، وووجدت أن "إي بي إن بي" غالباً ما تتحرك بسرعة لاحتواء شكاوى المستخدمين وحلها خارج المحكمة.
فيما وجد التحقيق أن استخدام الكاميرات المخفية هو مشكلة مستمرة، بينما لا توجد قوانين وعقوبات لمن يرتكبونها، بينما يعاني الأشخاص الذين تم تسجيلهم من صدمة طويلة الأمد وخوف من أن يتم نشر صورهم في أي لحظة على الإنترنت.
الكاميرات تُخْبَأ في كل شيء؛ حتى الشواحن!
كلوي ليبرومينت، التي سافرت إلى لندن، الصيف الماضي مع خطيبها لحضور مهرجان موسيقي، وجدت كاميرا مخبأة في شاحن في غرفة النوم في عقار Airbnb مستأجر.
وقالت إنها متأكدة من أن هناك العديد من الأشخاص الذين سكنوا الغرفة وغادروها دون أن يدركوا أنه تم تصويرهم.
فيما رأى ديفيد ويزينايتز وصديقته كاميرا مخبأة موصولة بالحائط وموجهة مباشرة إلى السرير عند استئجارهم عقاراً في ولاية تكساس الأمريكية.
وأشار إلى أنه عندما قدموا شكوى للتطبيق أجاب الرد الآلي: "هل تمانعون إذا تواصلنا مع المضيف وحصلنا على جانبه من القصة؟"، ثم اتصلوا بالشرطة التي حصلت على أمر تفتيش وصادرت جميع الأجهزة من المنزل.
وتبين أنه جرى تصوير الضيوف على مدار العام، ووجدت الشرطة أكثر من 2000 صورة، وقد جرى التعرف على أكثر من 30 ضحية، وتبين وجود صور حميمية لبعض الأشخاص الذين حجزوا نفس العقار إما عبر Airbnb أو Vrbo.
الشركة "تشتري صمت" المستأجرين
فيما أظهرت بعض اللقاءات مع المستأجرين أن الشركة التي تجني نحو 17% من كل حجز تشتري صمتهم عندما يتم الإبلاغ عن كاميرا.
إذ أجرت الشبكة لقاءً مع رجل -أخفى هويته- قال إنه صور أثناء ممارسة الجنس مع زوجته في عقار مستأجر عبر "إير بي إن بي" وتلقى تسوية مالية من الشركة، قال إنه شعر "بالقذارة" عند توقيع اتفاقية السرية، لأنه شعر أنها مقابل سكوتهم.
وفي شهادة لأحد ممثلي الشركة أمام المحكمة العام الماضي، سأل المحامي الذي يقاضي الشركة: كم عدد الشكاوى أو التقارير التي تم تقديمها إلى "إير بي إن بي" منذ 1 ديسمبر/كانون الأول 2013 عن الأشخاص الذين تم تصويرهم بواسطة أجهزة المراقبة؟
أجاب ممثل "إير بي إن بي" أن الشركة أجرت أكثر من 35 ألف تذكرة لدعم العملاء حول أجهزة المراقبة في العقد السابق.
لكن متحدث باسم الشركة وضح للشبكة بعد إجرائها التحقيق أن تقريراً واحداً بشأن كاميرات سرية في سكن واحد قد يُنشئ عدة تذاكر، فيما رفضت الشركة تحديد عدد الشكاوى الإجمالية.
في الشهادة، التي لم يتم تغطيتها إعلامياً حينها، سعى ممثل الشركة إلى التقليل من أهمية عدد التذاكر، مشيراً إلى أنها قد تعكس حالات مثل كاميرا جرس باب معطلة أو جهاز لوحي بقدرات تسجيل تُرك على طاولة قهوة.
لكنه أيضاً لم يقدم أي إحصائيات تفصيلية حول عدد المطالبات التي اقترحت أنها بريئة من تهمة المراقبة السرية بين الـ 35 ألف تذكرة.
إلا أن موظف سابق كان يتعامل مع قضايا السلامة والمخاوف الأمنية لخط دعم Airbnb قال لـCNN: "لم أتلق مطلقًا مكالمة عن جرس باب".
كيف ردت Airbnb بشأن الكاميرات المخفية؟
عندما سألت الشبكة متحدث باسم "إير بي إن بي" حول شكاوى الكاميرات المخفية قال إنها "نادرة"، لكنه أضاف: "نتخذ الإجراءات المناسبة والسريعة، والتي قد تشمل إزالة المضيفين والقوائم التي تنتهك السياسة."
إلا أن الأرقام التي أفصحت عنها "إير بي إن بي" سابقاً يشير إلى أن شكاوي الكاميرات المخفية ليست "نادرة" تماماً.
لا فحوصات على خلفية جميع المستخدمين
لا تجري Airbnb فحوصات خلفية على جميع المستخدمين، وفقاً لموقعها على الإنترنت.
إذ يخبر موقع الشركة المستخدمين أنه يجب عليهم عدم الاعتماد على فحوصات الخلفية لتحديد "جميع الإدانات الجنائية السابقة أو تسجيلات مرتكبي الجرائم الجنسية… أو العلامات الحمراء الأخرى".
وحتى إذا اكتشفت Airbnb أن المستخدم لديه خلفية جنائية، فإن إدانات "القتل، الإرهاب، الاغتصاب، أو الاعتداء الجنسي على الأطفال" ليست أسباباً تلقائية للإقصاء بموجب سياسة الشركة، حسب إشارة الشبكة الأمريكية.
فيما تقول الشركة إنها قد تجري فحصاً على المستخدمين المقيمين في الولايات المتحدة إذا كان لديهم على الأقل اسم أول، واسم عائلة، وتاريخ ميلاد بهدف التحقيق من مطابقة اسم المستخدم مع هوية صادرة عن الحكومة.
لا سياسة تلزم الشركة بالتوجه للأجهزة الأمنية
لا تملك الشركة سياسة تسمح أو تلزم الموظفين بالاتصال بإنفاذ القانون بشأن الكاميرات المخفية عند وصول شكاوى لها من العملاء بشأن مراقبتهم من المضيفين، وفقاً لشهادة ممثل الشركة، رغم إشارتها إلى بذلها "كل جهد" لدعم تحقيقات الشرطة حول الكاميرات المخفية.
لكنها قد تتواصل مع المضيفين كجزء من التحقيقات الداخلية، إلا أن خبراء أشاروا إلى أن هذا التحقيق يمكن أن يعيق التحقيقات الجنائية لأنه يعطي المشتبه بهم وقتاً لتدمير الأدلة.
بينما تكتب الشركة على موقعها الإلكتروني إنها لا تسمح للمضيفين بوجود كاميرات المراقبة أو أجهزة التسجيل التي تراقب الأماكن الداخلية، حتى لو كانت هذه الأجهزة معطلة.
وهي قاعدة نشرها موقع Airbnb وقال إنها تسري اعتباراً من 30 أبريل/نيسان 2024، واستثنت منها أجهزة المراقبة خارج المنزل.
فيما أشارت الشركة ضمن سياستها أنها كانت تسمح سابقاً "باستخدام كاميرات المراقبة الداخلية في المناطق المشتركة للعقارات، مثل الممرات وغرف المعيشة، بشرط أن يتم الإفصاح عنها في صفحة العقار قبل الحجز، وأن تكون مرئية بوضوح، وألا تكون موجودة في الأماكن مثل غرف النوم والحمامات".
لكنها أشارت إلى تحديث سياستها بحيث لا تسمح بوجود كاميرات المراقبة داخل العقارات، بغض النظر عن موقعها أو غرضها أو الإفصاح المسبق عنها، لكنها لم تشر إلى اتخاذها إجراءات تضمن تطبيق ذلك.
فيما أشارت في بيان بشأن هذه السياسة إلى أنها غيرت السياسة المتبعة سابقاً نظراً لأن "معظم العقارات على Airbnb لا تبلغ عن وجود كاميرا مراقبة"، معلنةً حظراً لاستخدام الكاميرات الداخلية، وذلك بعد مشاورات واسعة مع الضيوف والمضيفين وخبراء الخصوصية والقانون.
قد يهمك أيضاً: Airbnb يوقف التعامل مع سيدة بريطانية رفضت تأجير منزلها لإسرائيلية.. اعتذر وغطى تكاليف سكن "أكبر وأغلى"