لا تتزوج.. فقط اجمع الأموال وسافر واقضِ يومك في الطرقات.. أنت فقط أنت، افعل ما يحلو لك لا تتواصل مع أحد.. فقط تسكع.
نيتشه
اكتسحت عبارة: "لا تتزوج.. اجمع المال وسافر" مواقع التواصل الاجتماعي وانتشرت العبارة بين آلاف المستخدمين، منهم من أحب العبارة ومنهم من كرهها، منهم من تطرق لمناقشة الفكرة، ومنهم من قابلها بسخرية.
لكن القليل القليل من حاول معرفة أصل العبارة ومن أي جحر خرجت علينا برأسها!
كانت العبارة للفيلسوف فرديريك نيتشه.. فيلسوف العدمية الأول ذي النظرة التشاؤمية وصاحب مقولة: "لقد مات الله"، الذي هاجم المرأة والإنسان والأصدقاء، وتخاصم مع الكل حتى مع نفسه، ورأى في ذاته أنه الإنسان الذي لا يعلو عليه آخر، واستعذب الألم، وهاجم الموت العادي الذي يأتي في وقت غير مناسب، وشجع على الانتحار.
عاش وحدة قاتلة وكان سيئ الكتابة في المرأة، وانتهى في آخر حياته في مستشفى للأمراض العقلية.
لن أكون مجحفاً في حقه فرغم حياته الشخصية البائسة فقد كان إنساناً ملهماً وذا عقل جبار ولديه نظرة متفردة للحياة تلقي الإعجاب في النفوس.
لا تتزوج.. اجمع المال وسافر، هي فكرة متمخضة عن نظرة نيتشه للحياة، الذي عاش وحيداً وانتهى وحيداً.. وهذا يجعلنا نتساءل: هل جمع المال والسفر سيجعلنا أكثر سعادة من صاحب المقولة؟!
نحن كبشر لا نحبذ "لا" ونبقى على فضولنا الأول لنزيل المنع عن الكلمات.. لهذا فمن الأفضل لنا أن نستبدل العبارة بحذف أداة النهي وإضافة بعد التعديلات.
اجمع المال.. تزوج.. ثم سافر بالمال المخصص لحفلة الزفاف.
من الذي سيمنعك من السفر والاستمتاع أنت وزوجك.. إن كان في الرأس عقل وتركتما البروتوكولات الخاوية.. واتفقتما على الاستنقاص من غلاء المهر وبضخ حفلة الزواج والتقيد بالتقاليد الواهية التي لا همّ لها سوى إفراغ الجيوب.
سأل شابٌّ الفيلسوفَ سقراط:
هل من الضروري أن نتزوج؟ لعله كان يود جمع المال والسفر!
أجابه سقراط: تصرف كما يحلو لك ستندم في الحالتين!
سنندم إن جمعنا المال وسافرنا وحدنا أو مع زوجنا.. وأيضاً إن لم نسافر ولم نتزوج.. إذا كان الندم لابد منه اجعل ندمك امرأةً أو اجعلي ندمك رجلاً على الأقل تستند إلى كتفه عندما تشعر بالإعياء.
إذا كنت سأندم في الحالتين سأفضل ندم سقراط الذي كان متزوجاً على وِحدة نيتشه وإغرائه لنا بجمع المال والسفر.
لهذا اجمع المال.. تزوج.. ثم سافر بالمال المخصص لحفلة الزفاف.
ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
