يستطيع البعض اتِّخاذ قراراتهم بسهولة. وتنجح هذه القلة المحظوظة في اختيار القرار الذي يعتقدون أنَّه الأفضل، من بين مُختلف الخيارات.
لكن البقية الباقية تُواجه تحدِّياً صعباً في أثناء اتخاذ القرارات، خاصةً في حال كانت نافذة الوقت محدودةً أو كان القرار مصيرياً.
لكن صدِّق أو لا تُصدِّق؛ وبحسب موقع Big Think الأمريكي، تستطيع تحسين وتسريع عملية اتخاذ القرار.
إذ توصَّل دين غراسيوسي، رائد الأعمال وواحدٌ من المُؤلفين الأكثر مبيعاً على قائمة صحيفة New York Times الأمريكية، إلى ثلاث نصائح لاختيار القرار الأفضل في الحالات التي تستوجب السرعة وتتأثَّر بعامل الوقت. وإليك النصائح التالية التي يُوصى باللجوء إليها في أثناء مواجهة القرارات الكبرى، في مكان العمل أو داخل المنزل:
لا تُخضع القرارات لتصنيف الصحة والخطأ
نحن مُبرمَجون على اعتقاد أنَّ القرارات تكون "صحيحةً" أو "خاطئة"؛ لكن الحقيقة هي أنَّ غالبية قراراتنا تقع في المنتصف بين التصنيفين. إذ يقول غراسيوسي إنَّ قبول هذه الفكرة يُكسِبُك الثقة بالقرارات التي تتخذها خلال الفترات القصيرة نسبياً. ويشمل ذلك التخليَ عن قرارات الماضي التي لم تكن راضياً عنها بالكامل، ومنعها من التأثير على حاضرك، أو الأمور المُتعلِّقة بقراراتك المستقبلية.
ويتابع: "يكون هناك كثير من العواقب حين نصل إلى مُفترق الطرق، ونُضطر إلى اختيار طريقٍ دون الآخر. وتُؤثِّر خياراتنا في علاقاتنا وحياتنا بالمنزل؛ فكل شيء يؤثر في كل شيء. ويجب ألا تُنهِك نفسك، حتى تُقلِّل من التوتر بشأن الأمر، وأن تُدرك أنَّ الخيارات كافة لها عواقب إيجابية وسلبية. وهذا أمرٌ طبيعي".
ركِّز على الأمور التي تميل إلى الصواب
لا يقصد غراسيوسي أنَّ علينا تجنُّب العواقب السلبية المحتملة بالكامل في أثناء اتخاذ القرارات بالطبع، لكن من الضروري أن ينصبَّ التركيز، على الجوانب الإيجابية والأمور التي تميل إلى الصواب، خاصة حين يكون الوقت ضيقاً. ويُؤدي هذا التغيير إلى اختلاف كبير على أرض الواقع، رغم أنَّه يبدو تغييراً بسيطاً.
ويقول الكاتب: "يُولِّد التركيز على الإيجابيات طاقةً إيجابية، تجعلنا أكثر إبداعاً وتمنحنا إلهاماً حقيقياً. ويُشجِّع ذلك التركيزَ على التفكير بوضوحٍ أكبر، بل يفتح آفاقاً أوضح للتواصل بين عقلك وحدسك، وهو ما يساعدك على استشعار الطريق نحو القرار الأصوب، الذي يُعَدُّ مُناسباً لك في ضوء قيمك الأساسية وأهدافك الكبرى".
وأوضح مقالٌ منشور بمجلة Harvard Business Review الأمريكية أنَّ التخطيط الاستراتيجي قد يعوق اتخاذ القرارات الجيدة في الواقع، رغم أنَّ الشركات الكبرى تُنفق كثيراً من الوقت والمال على هذه العملية. ولا يقصد المؤلفون هنا التقليل من أهمية التخطيط، إذ إنَّ التخطيط مهمٌ بالتأكيد، لكنهم يشيرون إلى أنَّ تركيزنا ينصبّ أحياناً على تجنُّب النتائج السلبية، لدرجةٍ تمنعنا من اتخاذ قراراتٍ أفضل وأسرع.
لا بأس بتغيير -أو مواجهة- قيمك الأساسية
لا بأس بتغيير -أو مواجهة- قيمك الأساسية
لا يؤمن غالبية البشر بمجموعة القيم نفسها طوال حياتهم، وهذا أمر طبيعيٌ وصحي. إذ يعني أنَّنا نمتلك عقليةً منفتحة، وأنَّنا على استعداد للتعرُّف على وجهات نظر جديدة. ويُؤدِّي هذا الأمر دوراً مُهماً في عملية اتخاذ القرار الفعالة، إذ يقول غراسيوسي إنَّ علينا منح أنفسنا حرية تغيير قيمنا الأساسية في حال أصبحت غير منطقية.
ويرى أرسطو، في كتاب الأخلاق النيقوماخية، أنَّ القدرة على إدراك وإعادة النظر في مواقفنا تجاه الأشياء تُمثِّل جزءاً مهماً من إنسانيتنا، إلى جانب التمتُّع بِحرية تغيير معتقداتنا الأساسية. وتزداد شخصيتنا قوة، وهو ما يجعلنا صُنَّاع قرارٍ أفضل، حين نستخدم قدراتنا على التفكير المنطقي وإعادة النظر في المواقف التي اعتقدنا أنَّنا نفهمها.
وضرب غراسيوسي مثالاً على ذلك بشخصٍ يُواصل علاقة زواجه السيئة، لأنَّه تعلَّم في أثناء تربيته الكاثوليكية أنَّ العلاقات لا تنتهي عن طريق الطلاق. لكن هذا الشخص قد يُعيد النظر في معتقداته ويتخذ القرار بالطلاق، وهو يُدرِكُ أنَّ هذا هو الخيار الأفضل بالنسبة له على المدى البعيد.
ويحدث الأمر ذاته في مكان العمل أيضاً. ففي حال كنت تعمل لحساب وكالةٍ إعلانية وتبنَّيت مبدأً ينُصُّ على تمثيل الشركات التي استخدمتَ منتجاتها وأحببتها فقط، ثم عُرِضَت عليك فرصة العمل مع عميل جديد لا تألف منتجاته، لكنك وجدت أنَّ العمل معه يبدو مُغرياً حين التقيته؛ فربما تعيد التفكير في موقفك الشخصي وتتخذ قراراً يقضي بالعمل معه في هذه الحالة. ومن الضروري أن تُدرِك أنَّ البشر يكبرون ويتغيرون في جميع الأحوال، وأنَّ قراراتنا -وعملية اتِّخاذ القرار- يجب ان تعكس ذلك.