أعمل معلماً بالتربية والتعليم منذ سبعة عشر عاماً، ولم أرَ انحطاطاً في التربية، وانحطاطاً في التربية مثلما أراه الآن.
فعلى المستوى الإداري في الوزارة والإدارة هناك تخبط واضح وتولّي الأكثر فشلاً وفساداً المناصب العليا وأكوام من القرارات والدراسات والتجارب غير المفعلة؛ إما لقلة التمويل وإما لسوء توظيف التمويل، وإما لانعدام الخبرة اللازمة، هناك أيضاً تغول شديد في النظر إلى الشكليات والسجلات غير عابئين بالواقع الأليم.
وعلى المستوى الفني فهناك ضحالة علمية وضحالة في الفكر وانعدام الرؤية والرسالة المستقبلية للتعليم وللتربية، وانحدار شديد في مستوى تنمية المهارات لدى المعلمين، فتخيل أنني في مدرسة كبيرة وعريقة بها أكثر من سبعين معلماً في جميع المواد، وأكثرهم لا يعلمون عن الحاسب شيئاً اللهم إلا طريقة تشغيله وغلقه فقط، فلا يستطيع غالبيتهم التعامل مع البرامج الحاسوبية، ولا كيفية عمل درس في المنهج باستخدام الحاسوب، وعلى مستوى المادة الدراسية هناك عدم ربط بين الواقع الملموس والمنهج المدروس.
أما على المستوى الطلابي فحدّث ولا حرج، فبسبب الانحطاط الإداري والتربوي والفني والديني سيؤثر ذلك وينعكس على المُخرج التعليمي، أو المنتج التعليمي وهو الطالب، فالطلاب خاصة الذكور لا يعبأون بالتعليم المدرسي الفصلي، بل جل اهتمامهم بالتعليم في قاعات الدروس الخصوصية التي لا تهتم إلا بتحفيظ المادة الدراسية دون اكتراث بالتربية والأخلاق، بل تساعد على انتشار مظاهر الانحطاط الخُلُقي في البنين والبنات، على حد سواء.
ويمكن أن أُرجع سبب كل هذا الانحطاط إلى التأثر المباشر بالظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد، فالبلد يعيش تحت حكم عسكري مستبد اغتصب السلطة ببلطجة الدبابة، أدى ذلك لظهور فوارق اقتصادية واجتماعية صارخة، بسبب صعود وتضخم ثروات فئات معينة ومحدودة على حساب فئات أخرى وهي الأكثرية.
وتنحصر مشاكل الطلاب فى عدة أمور، منها على سبيل المثال لا الحصر، الهروب من المدرسة والتعدي على زملائهم وزميلاتهم بالمدرسة وخارجها بالأيدي أحياناً، وبالألفاظ النابية أحياناً، والتبجح في وجه المعلم أو المعلمة، وانعدام احترام المعلم، وانتشار الغش بشكل فج وعلني، والدروس الخصوصية التي أصبحت هي الطريق الوحيد لكليات القمة، ناهيك عن الاكتراث بالوطنية أو الانتماء.. هذا غيض من فيض.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.