يجتاز حوالي 800 ألف تلميذ جزائري، الأحد 11 يونيو/حزيران 2017، امتحان شهادة البكالوريا، وسط إجراءات تقنية وأمنية غير مسبوقة لتفادي تسريب مواضيع الاختبارات على مواقع التواصل الاجتماعي والغش في داخل المراكز.
وأقرت الحكومة الجزائرية، تدابير مشددة وجديدة، لتفادي تكرار سيناريو السنة الماضية، الذي عرف تسريب مواضيع الامتحانات، ما اضطر وزارة التربية الوطنية إلى إجراء دورة ثانية وأثر على مصداقية الشهادة حسب المتابعين.
إجراءات مطارات دولية
فور الفراغ من صلاة الجمعة وقبل مغادرة المصلين لأماكنهم 9 يونيو/حزيران 2017، أمسك إمام مسجد الشيخ الإبراهيمي بالمرادية بالجزائر العاصمة الميكروفون، رافعاً دعاءً خاصاً للمقبلين على اجتياز امتحان شهادة البكالوريا، في لفتة تبين الأهمية البالغة التي يحظى بها هذا الاختبار المفصلي في مستقبل المتمدرسين وتعكس مدى الاهتمام بدورة هذا العام على وجه الخصوص.
الاهتمام المتزايد بدورة يونيو/حزيران 2017، نابع من دورة 2016 التي اهتزت فيها سمعة الشهادة، وتضررت ثقة التلاميذ وأوليائهم في قدرة الحكومة على تأمين حدث مصيري في حياتهم من القرصنة والغش.
وأكدت وزارة التربية الوطنية الجزائرية حرصها على توفير الظروف الملائمة، لاجتياز الامتحان بعيداً عن أعين الهاكرز والتقنيات التي يلجأ إليها المرشحون للغش.
وأعلنت الوزيرة نورية بن غبريت، 09 مايو/أيار، عن الإجراءات الاستثنائية وغير المسبوقة لتأمين الامتحان الذي سيجري خلال الفترة الممتدة بين 11 و15 يونيو/حزيران 2017.
وسردت في ندوة صحفية، التدابير التي أعدتها وفقاً لمخطط مصادق عليه من قبل وزارة الداخلية، والتي تبدأ بتقليص عدد المراكز التي تحفظ فيها مواضيع الامتحان، وتنصيب أجهزة التشويش وكاميرات المراقبة والتسجيل على مستوى مراكز طبع مواضيع البكالوريا ومراكز حفظ المواضيع".
إلى جانب ذلك، يتم منع دخول السيارات إلى مراكز الإجراء وعدم قبول أي تأخر يوم الامتحان ووضع الهواتف النقالة وكل وسيلة اتصال بمدخل المركز في قاعة تخصص لذلك.
وأصبحت بذلك مراكز الإعداد والحفظ والأسئلة، تحت أعين كاميرات المراقبة، وزود مركز طبع المواضيع لوحده بـ136 كاميرا و76 جهاز تشويش، وسط إجراءات مشددة.
ولجأت وزارة التربية إلى إنشاء مركز جهوي للامتحانات والمسابقات بولاية باتنة شرق البلاد، أوكلت له مهمة وضع أسئلة احتياطية يتم اللجوء إليها في حالة ثبوت تسريب أسئلة اختبار معين.
ليس هذا فقط
تدابير بن غبريت الرامية لمنع التسريبات والغش، امتدت إلى التلاميذ المترشحين، المطالبين بالخضوع لأجهزة كشف المعادن عند مدخل مركز الاختبار، وكذا أجهزة كشف الإشارات الإلكترونية المنبعثة من وإلى الهواتف النقالة وأجهزة الاتصال عن بعد "بلوتوث" التي قد يلجأ إليها المترشحون.
وفي تعليمات صارمة، أكدت الوزيرة بن غبريت، أن المعنيين باختبارات البكالوريا ملزمون بالحضور إلى مراكز الإجراء قبل نصف ساعة من الموعد الرسمي لانطلاق الاختبار، وأي تأخر عن التاسعة صباحاً، سيكلف صاحبه الحرمان من اجتياز الامتحان، كما سيعتبر من يعثر بحوزته على هاتف نقال محاولة للغش وبالتالي سيخضع لعقوبة الإقصاء لمدة 5 سنوات.
ويقدر العدد الفعلي للمرشحين لاجتياز اختبار شهادة البكالوريا هذه السنة 761.701 مترشح.
وبهذه الإجراءات لن تضطر الحكومة لقطع الإنترنت مثلما فعلت السنة الفارطة، كما أكد الخبير في تكنولوجيات الإعلام والاتصال، فريد فارح، الذي قال لـ"عربي بوست": "بدل أن تلجأ الوصاية إلى قطع الإنترنت وتوقيف مواقع التواصل الاجتماعي، يكفي أن تستعين بأجهزة تشويش داخل الحجرات تتيح لها اكتشاف الإشارات الإلكترونية المستقبلة والمنبعثة من أي جهاز لاسلكي".
استنفار أمني في البر والجو
القبضة الحديدية التي تريد الحكومة تطويقها على امتحان البكالوريا، لم تكن وزارة التربية الوطنية وحيدة فيها، حيث حضر جهاز الشرطة بقوة، من خلال تسخير آلاف العناصر، التي أوكلت لها مهمة مراقبة شاشة الكاميرا في مراكز إعداد وحفظ الأسئلة والتصحيح.
وزودت المديرية العامة للأمن الوطني المركز الجهوي لطبع المواضيع في العاصمة، بـ40 شرطياً من مختلف الرتب، ومثلهم في 50 غرفة لحفظ المواضيع، وإجمالي 14 ألف عنصر لتأمين البكالوريا.
وكشفت المديرية العامة للشرطة عن مراقبة متواصلة لنشاطات رواد مواقع التواصل الاجتماعي للتصدي لمحاولات التسريب ورصد هوية الراغبين في خوض مغامرة القرصنة.
ويشارك عناصر الدرك الوطني رفقة رجال الشرطة في نقل المواضيع من مراكز الطبع والحفظ إلى مراكز الإجراءات باستخدام وسائل نقل برية وجوية، وتسخير وسائل التفتيش المعدني عند المداخل، مع إمكانية اللجوء إلى شركات الحراسة الخاصة في حالة تسجيل عدم اكتفاء في العناصر الأمنية النظامية.